يعقد مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي اجتماعه الدوري اليوم، حيث يواجه لحظة الحقيقة بشأن خطته لتحفيز الاقتصاد في منطقة اليورو. وبعد أكثر من 6 أشهر من الإعلان عن خطة التحفيز التي لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن، من المنتظر أن يستغل رئيس البنك المركزي ماريو دراجي اجتماع الخميس لإطلاق برنامج شراء سندات الخزانة الحكومية بقيمة تصل إلى 500 مليار يورو (578 مليار دولار). ويفترض أن تساعد هذه الاستراتيجية المتمثلة في زيادة التيسير الكمي في تعزيز النمو الاقتصادي ودرء خطر في منطقة اليورو التي تضم 19 دولة من دول الاتحاد الأوروبي. وقال راينر جونترمان المحلل الاقتصادي في كوميرتس بنك «سيكون علينا الانتظار.. عليه (دراجي) ان يقدم خطة ذات مصداقية». وفي حالة فشل البنك ومقره فرانكفورت بألمانيا في إطلاق برنامج شراء السندات الحكومية خلال اجتماع الأسبوع الحالي فقد يؤدي ذلك إلى تداعيات تؤثر على أسواق المال العالمية. وكان رئيس البنك المركزي الأوروبي قد تجاوز عدة تحديات قانونية واجهت خططه، حيث منحته محكمة العدل الأوروبية الأسبوع الماضي الضوء الأخضر لشراء السندات. في الوقت نفسه فإن هذا البرنامج يأتي إلى جانب برامج لشراء أصول القطاع الخاص التي سبق أن أعلنها البنك المركزي الأوروبي في وقت سابق. وعندما تم الكشف عن الخطة الأصلية لشراء السندات في ذروة أزمة ديون منطقة اليورو عام 2012، كانت جزءا من خطة دراجي «لعمل كل ما يلزم» لإنقاذ العملة الأوروبية الموحدة. ولكن هناك منتقدين لهذه الخطة من داخل مجلس محافظي البنك المركزي المكون من 25 عضوا بقيادة ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا، حيث يرى هؤلاء المنتقدون أن خطة شراء السندات ستخفض دوافع دول المنطقة المتعثرة مثل اليونان لكي تضبط اوضاعها المالية. كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد دعت في وقت سابق من الأسبوع الحالي إلى ضرورة أن تكون أي خطوة من جانب البنك المركزي الأوروبي بمثابة تخفيف للجهود الرامية إلى تحسين أوضاع المالية العامة. وقالت ميركل إنه «يجب مواصلة الضغوط من أجل تحسين التنافسية في أوروبا وإلا فلن يكون هناك أي شيء يساعدنا على الإطلاق». وقال محللون إن دراجي ربما يصر على أن البنوك المركزية في دول اليورو ستتحمل المخاطر الناجمة عن شراء الديون الحكومية في هذه الدول من أجل تهدئة مخاوف المنتقدين. مثل هذا التنازل ربما يستجيب لواحد من الاعتراضات الرئيسية لستة أو سبعة من «الصقور» في مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي الذين يعتقدون أنه لا يجب أن يتحمل دافعو الضرائب الخسائر التي يمكن أن تنتج عن مشتريات سندات الخزانة الحكومية في دول منطقة اليورو الأخرى. وقد أعرب بعض خبراء الاقتصاد عن قلقهم من الخطوات الناتجة عن تحميل مسئولية شراء سندات الخزانة الحكومية على البنوك المركزية الوطنية يمكن أن تقلل فاعلية برنامج التخفيف النقدي الذي يتبناه دراجي. وفي ضوء الحجم الكبير لبرنامج شراء السندات الحكومية، يرى المحللون أن دراجي سيحتاج إلى دعم أغلبية مريحة في مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي أثناء اجتماع الغد. ومنذ تولي دراجي رئاسة البنك المركزي الأوروبي في نوفمبر 2011، أطلق سلسلة من إجراءات تحفيز اقتصادات اليورو، منها خفض سعر الفائدة إلى مستويات قياسية وطرح قروض طويلة الأجل بفائدة مخفضة، وكذلك نشر مؤشرات على اتجاهات البنك بشأن سعر الفائدة في الفترات القادمة. وقد خفض صندوق النقد الدولي أول أمس الأول توقعات نمو منطقة اليورو إلى 1.2% من إجمالي الناتج المحلي حيث سيبدد الضعف المتوقع للإنفاق الاستثماري أي تأثير إيجابي للعوامل الأخرى مثل انخفاض أسعار النفط والسياسة النقدية المرنة للبنك المركزي الأوروبي وتراجع قيمة العملة الأوروبية مؤخرا، وهو ما يعزز الضغوط على البنك المركزي الأوروبي لاتخاذ خطوات جديدة لتحفيز الاقتصاد.