دعت شخصيات وهيئات محلية فرنسية إلى تفادي الخلط بين الهجوم على صحيفة "شارلي إيبدو" والدين الإسلامي، مشيرة إلى وجود أطراف فرنسية وشرق أوسطية ودولية تسعى إلى إجراء ذلك الخلط خدمة لمآرب سياسية. واستبق المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية نتائج التحقيق في الهجوم بدعوة الفرنسيين إلى "عدم أخذ جميع مسلمي فرنسا بجريرة مرتكبي الهجوم". وناشد المجلس في بيان "كل المتمسكين بقيم الجمهورية والديمقراطية الابتعاد عن الاستفزازات التي لا تؤدي إلا إلى صب الزيت على النار". كما طالب الجالية الإسلامية في فرنسا بالتزام "أقصى درجات الحذر إزاء أي ألاعيب محتملة تصدر عن مجموعات متطرفة". أما الناطقة باسم "الائتلاف الفرنسي لمحاربة كراهية الإسلام" فدعت المسؤولين الفرنسيين إلى تبني "الخطابات المسؤولة التي تتفادى أي تعريض غير مناسب بالمواطنين من أصحاب العقيدة الإسلامية والامتناع عن تغذية جو ثقيل من الأحكام المسبقة والنبذ يعاني منه مسلمو فرنسا سلفا". ودعا زعيم المعارضة اليمينية نيكولا ساركوزي إلى بناء "جبهة وطنية موحدة في وجه البربرية"، مضيفا "على الفرنسيين الدفاع باستماته عن ديمقراطيتنا المهددة". كما دعا الرئيس الفرنسي السابق مواطني بلاده إلى "رفض إغراء الخلط" بين الهجوم على شارلي إيبدو والوجود الإسلامي في البلاد. أما الناشط السوري محمد طه فحذر من ربط الهجوم بالثورة السورية، وقال "إن نظام الطاغية بشار الأسد وأبواقه سيسارعون إلى إلقاء اللائمة في الحادث على تنظيم الدولة الإسلامية ثم يختزلون الثورة السورية برمتها في التنظيمات الإرهابية". وطالب طه -المقيم في فرنسا- سلطات باريس ب"اليقظة إزاء ألاعيب الأسد وحلفائه الإقليميين والدوليين"، مشددا على أن تلك الأطراف ستحاول استغلال الهجوم على شارلي إيبدو لدفع فرنسا إلى تغيير موقفها الرافض لأي تعاون مع نظام دمشق". وشهدت العاصمة الفرنسية مظاهرات حاشدة تندد بالهجوم، وتجمع المتظاهرون الذين تجاوز عددهم ثلاثين ألفا في ميدان الجمهورية بقلب باريس تلبية لدعوة من أكبر نقابات الصحفيين في البلاد. وحمل المتظاهرون صورا ورسوما كاريكاتيرية نشرتها شارلي إيبدو في أعداد سابقة، كما لوحوا بلافتات تدين "الإرهاب" وتؤيد حرية التعبير والنشر. وأعرب منظمو التظاهرة في تصريحات للجزيرة نت عن اعتقادهم بأن مرتكبي الهجوم -الذي خلف 12 قتيلا بينهم مدير الصحيفة وسبعة من كبار كتابها ورساميها- يسعون إلى حرمان الفرنسيين من ممارسة حرياتهم العامة وعلى رأسها حرية التعبير. وقد أيد هذا الطرح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي أكد أن الاعتداء "استهدف مبادئ وأسس الجمهورية، معلنا -في خطاب تلفزيوني- حدادا رسميا ليوم واحد وتنكيس الأعلام الوطنية الرسمية لمدة ثلاثة أيام". وأكد هولاند أن الوحدة الوطنية هي "أفضل سلاح" لمواجهة التحديات الحالية في فرنسا، وقال "لا شيء يمكن أن يفرقنا أو يفصلنا عن بعضنا بعضا".