تظاهر أكثر من أربعين ألف شخص في عدد من المدن الألمانية، تعبيرا عن رفضهم دعوات حركة "وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب" المعروفة باسم "بيجيدا"، وذلك بالتزامن مع المظاهرات الأسبوعية لتلك الحركة اليمينية. وقالت وزيرة العمل والاندماج في حكومة ولاية برلين المحلية ديليك كولات: إن حركة "بيجيدا" تمثل اعتداء على التعايش السلمي في المجتمع الألماني، وعلى قيم دستور البلاد. ففي العاصمة برلين، حالت مظاهرة شارك فيها أكثر من خمسة آلاف شخص، تقدمهم سياسيون ألمان، دون وصول مظاهرة تضم ثلاثمائة شخص من أنصار "بيجيدا" إلى بوابة "براندنبورغ" التاريخية، التي أطفأت أضواءها تعبيرا عن رفض العنصرية. وقال وزير العدل الألماني هايكو ماس الذي شارك في المظاهرة ل"الجزيرة": إن "بيجيدا" لا تمثل أكثرية الألمان، والمظاهرات المعارضة لها هي المعبرة عن روح ألمانيا كبلد سيظل شديد الانفتاح. واعتبر ماس تظاهرات "بيجيدا" و"ممارساتها العنصرية ضد اللاجئين الذين فقدوا كل شيء فضيحة كبيرة"، مضيفا: إن المجتمع الألماني "دلل في مواضع كثيرة على تعايش سلمي قائم ومطلوب استمراره". وأيد وزير العدل الألماني دعوة علماء اجتماع ألمان إلى فتح نقاش مجتمعي شفاف حول ظاهرة "بيجيدا"، ودعا هؤلاء العلماء للنقاش مع متظاهري الحركة في دريسدن، لكنه قال: إن "هؤلاء المتظاهرين يرفضون كافة دعوات الحوار لإدراكهم أن النقاش سيظهر حقيقتهم السلبية. من جانبها، قالت وزيرة العمل والاندماج في حكومة ولاية برلين المحلية ديليك كولات: "إن حركة "بيجيدا" تمثل اعتداء على التعايش السلمي في المجتمع الألماني، وعلى قيم دستور البلاد الداعية إلى احترام كرامة وحقوق الإنسان وحق اللاجئ، معتبرة أن من تظاهر ضد هذه الحقوق يقف ضد المجتمع الديمقراطي الحي". وفي هامبورغ، طالب أكثر من أربعة آلاف شخص شاركوا في مظاهرة نظمها اتحاد «متسامحون أوروبيون ضد نشر الغباء بالغرب" "تيغيدا" بمزيد من التسامح والانفتاح تجاه الثقافات المخالفة والأجانب. كما شهدت مدن شتوتغارت، وميوينيخ، ومونستر، وكاسيل، وروستوك، مظاهرات مماثلة شارك فيها آلاف من معارضي الحركة، وفي مدينة كولونيا منع آلاف السكان مظاهرة ضمت مئات من حركة "كولونيون ضد أسلمة الغرب" "كيغيدا" من الوصول إلى كاتدرائية المدينة التي أطفأت أنوارها احتجاجا على مظاهرة الحركة المعادية للإسلام. ومثلت مدينة دريسدن الاستثناء الوحيد، حيث بلغ عدد المشاركين في مظاهرة "بيجيدا" الأسبوعية الحادية عشرة 18000 شخص. لكن فرع شركة فاغن للسيارات والكباري والأجزاء القديمة بالمدينة، وكنيستها أطفؤوا الأنوار تعبيرا عن رفضهم عداء "بيغيدا" للإسلام والأجانب. وأوصى مجلس الهجرة الألماني الأحزاب الممثلة في البرلمان بتشكيل مفوضية مستقلة برئاسة وزيرة الدولة للاندماج إيدين أوزغوز -تركية الأصل- لتتولى صياغة صورة جديدة لألمانيا فيها مكان للمهاجرين كمواطنين يتساوون في الحقوق. وقال رئيس مجلس الهجرة فيرنر شيفاور خلال تقديمه التوصية: "إن الصورة العدائية الحالية للمسلمين هي محصلة متأخرة لرفع الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم شعار ألمانيا ليست بلد هجرة". معتبرا أن "بيغيدا" تمثل قمة جبل جليد طاف، و"شرخا سيتزايد ويمزق المجتمع الألماني إن تم غض الطرف عنها". وكشف استطلاع للرأي أجراه "معهد فورسا" أن 67% من الألمان يعتبرون حديث "بيجيدا" عن أسلمة المجتمع الألماني مبالغا فيه، مقابل 29% يرون أن خطاب الحركة مبرر. وأيد 10% من المشاركين في الاستطلاع أي حزب يتأسس في البلاد بهدف الحرب على الإسلام، وقال 13% من الذين تم استطلاع آرائهم: إنهم كانوا سيشاركون في مظاهرات "بيجيدا" إن جرت بالقرب من محل سكنهم. من جهته، ناشد هانز-أولاف هينكل، نائب المتحدث باسم حزب "البديل لأجل ألمانيا" اليميني المحافظ، حزبه بالابتعاد عن حركة "بيجيدا" المناهضة للإسلام. وقال هينكل لصحيفة "برلينر تسايتونج: "علينا عدم اتباع حركة بيجيدا، ولكن علينا إقناع الأشخاص العقلاء الموجودين في صفوف المتظاهرين مع هذه الحركة ببرنامجنا". وتابع نائب المتحدث باسم الحزب المناوئ للاتحاد الأوروبي والمعارض لعمليات إنقاذ اليورو: "أتعاطف شخصيا مع حركة (بيجيدا) على نحو ضئيل". وأشار هينكل إلى أن الأمر لا يقتصر بين أتباع هذه الحركة على أنهم يتخوفون من أسلمة مزعومة للغرب، ولكنهم يزعمون أنهم أوروبيون وطنيون. وأوضح السياسي الألماني أنه يمكنه تفهم أن يصف المرء نفسه أنه من مدينة هامبورج، ومن ثم فهو يحمل الجنسية الألمانية، ولكنه لا يمكنه تفهم المعنى وراء أوروبي وطني. كلفة اللاجئين وفي سياق آخر , يلقى وزير الاقتصاد الألماني استحسانا كبيرا من الولايات بسبب حملته حول تحمل الحكومة الألمانية تكاليف إقامة اللاجئين مستقبلا . وقال بودو راملوف، رئيس الحكومة في ولاية تورينجن الألمانية، لصحيفة "لايبتسيجر فولكستسايتونج" الألمانية في عددها الصادر أمس الثلاثاء : يمكن لهذه الحملة أن تساعد الحكومة في إخماد المخاوف القائمة بسبب حركة "بيجيدا" المناهضة للإسلام . من جانبه قال ديتمار فويدكه، رئيس وزراء ولاية براندنبورج الألمانية، لصحيفة "ماركيشه ألجيماينه" الصادرة أمس : "سيعمل التمويل الدائم لتكاليف إقامة طالبي اللجوء واللاجئين من قبل الحكومة على تخفيف العبء على نحو ملموس عن الدوائر في الولايات". أما عن ولاية ساكسونيا السفلى، فأشار وزير داخليتها بوريس بيشتوريوس في صحيفة "لايبتسيجر فولكستسايتونج" إلى أنه ليس من المنتظر أن يتراجع تدفق اللاجئين إلى ألمانيا في المستقبل القريب . وقال : "لذا يتعين على الحكومة المشاركة بشكل منهجي في توفير أماكن إقامة لللاجئين، بحيث يمكنهم الاندماج في المجتمع، والعمل هنا، وإرسال أطفالهم إلى المدارس أيضا، أي يتسنى لهم العثور على وطن ثان لدينا ".