علينا الاعتراف بداية الأمر بعدم تقبلنا لنظام ساهر لرصد المخالفات المرورية الآلي, ومع ازدياد الامتعاض منه بعد تطبيقه أدى بفئة من المراهقين إلى الاعتداء على مركباته وتكسير كاميراته, وما لبثنا قليلاً حتى بدأنا نتأقلم معه تدريجياً, والحق يقال ان نظام ساهر أكد صحة مقولة (آخر العلاج الكي), فلما اكتوى المتهورون (بلسعات) الغرامات والعقوبات رغماً عنهم اتعظوا, وهذا تأكيد على أن إيجابياته أكثر من سلبياته التي يحاول البعض اختلاقها والتذرع بها عبر نقده المفرط فيه وصب جام غضبه عليه, وأغلب دول العالم الثالث ناهيكم عن دول العالم الثاني والعالم الأول, على أن وجوده بيننا لا يكفي للقضاء على الحوادث في ظل غياب نشر الوعي المستمر, والجنوح الفكري والثقافي لدى البعض, وتراجع لدور المرور الحي, ورداءة بعض الطرقات وكثافة مرور الشاحنات وعدم ازدواجية الطرقات في عدة أماكن وأصبح كل من هب ودب يقود مختلف الأصناف من السيارات وتمنح لهم رخص القيادة بسهولة سيما لبعض الجاليات..! ساهر رغم ما عليه من جوانب سلبية يراها منتقدوه كرفع قيمة المخالفات المرورية حال تأخر سدادها مما جعله محل اتهام كونه هدفا لجباية مالية, إلا أن له عدة فوائد كتخفيض نسب الحوادث والسرعات العالية, وتقنين التهور وكسر الأنظمة المرورية, وأملنا تغطية جميع الخطوط السريعة بكاميرات ثابتة لا متحركة, فكثير من السائقين كانوا يجدون صعوبة في كبح سرعاتهم على الخطوط الطويلة, خصوصاً إذا كان محرك السيارة رياضيا أو مزودا بشاحن توربيني أو من طراز ضغط عال, مما يجعل جموح محركات هذه النوعية من السيارات محفزة للقيادة بسرعات كبيرة من دون شعور بذلك كالسيارات الألمانية والأوروبية مهما تقادمت موديلاتها, ولما تبرمج الذهن على تحاشي الوقوع في شبك (مقناص) ساهر تم عمل برمجة قسرية لطريقة قيادتهم التي اعتادوها حتى لو كانت مركباتهم إحدى سيارات الراليات..! نتذكر جيداً حال لحظاتنا الأولى من دخولنا للمدن الكبرى وخاصة الرياض نظن وكأننا خرجنا من الغلاف الجوي وبدأنا نرى بجوارنا صواريخ عابرة للقارات من شدة سرعات ومراوغات بعض السائقين هناك, وأخبرني رجل مسن بقصته في أول مرة دخل فيها الرياض قبل عشر سنوات حيث لم يستطع القيادة لأكثر من 3 كيلو من شدة ارتباكه وهلعه من تهور بعض الشباب هناك واضطر للتوقف جانباً واستقل سيارة أجرة ليكمل مشواره..! [email protected]