القرار الذي أصدره صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز وزير التربية والتعليم الهادف إلى حماية المعلمات، والذي يولي رعاية خاصة للمعلمات اللاتي يعملن في مدارس البنات في المناطق النائية والذي ينص على تنظيم دوام المعلمات في هذه المدارس، بحيث يقتصر دوام المعلمة على ثلاثة أيام في الأسبوع بالتناوب مع استمرار دوام الطالبات طيلة أيام الأسبوع دون أن يؤدي ذلك إلى أية نتائج سلبية أو يحول دون حصولهن على التعليم المستهدف كماً وكيفاً. هذا القرار -والجهود المكثفة التي تبذل هذه الأيام لتطبيق القرار مع بداية الفصل الدراسي الثاني لهذا العام من خلال قيام الإدارات التعليمية في المناطق بتشكيل اللجان وعقد الورش وإعداد قواعد البيانات للمدارس التي يشملها القرار- يؤكد ما هو مؤكد أصلاً من حرص ولاة الأمر -أيدهم الله- على توفير كافة الظروف المادية والمعنوية التي تيسر لأبنائهم المواطنين وخاصةً من العنصر النسائي للقيام بواجباتهن الوظيفية ومراعاة خصوصية المرأة وظروفها الأسرية والاجتماعية، لا سيما أن هذا القرار لم يكن القرار الوحيد في هذا المجال، فقد سبقته العديد من القرارات التي تهدف إلى مساعدة المرأة المواطنة على الاستقرار والعمل دون إخلال بواجباتها الأسرية، ومن ذلك توفير الحضانة لأطفال المرأة العاملة وساعة الإرضاع، وقرار مجلس الشورى مؤخراً بزيادة النقل للمواطنات العاملات في القطاعين العام والخاص لمساعدتهن على توفير وسائل النقل المناسبة. لقد كانت سلامة المعلمات في مدارس المناطق النائية هاجساً وقلقاً للمواطنين سواء الآباء والأزواج لهؤلاء المعلمات بل للمواطنين جميعاً، ويأتي القرار والسرعة التي تم اعتماده فيها والخطوات المتلاحقة التي تتم لتنفيذه على وجه السرعة ليؤكد أن سلامة المعلمات على وجه الخصوص وسلامة المواطنين جميعاً كانت دائماً هاجساً لولاة الأمر جميعاً. إن نظرة فاحصة للقرار وآلياته والنتائج المتوقعة منه تظهر أنه أوجد حلولاً إبداعية لمشكلة أقلقت المواطن والمسؤول منذ فترة طويلة، فهو يسعى إلى تقليل الأعباء الملقاة على كاهل المعلمات والحد من الحوادث والخسائر بل وتقليل النفقات المترتبة على عملية الانتقال، دون أن يمس حقوق الطالبات في التعليم، حيث ستتلقى هؤلاء الطالبات نفس الحصص الدراسية في كافة المواد دون نقصان؛ لأن التغيير فقط سيكون في توزيع العبء التعليمي لكل معلمة والحصص الموكلة إليها على ثلاثة أيام بدلاً من أن تكون على خمسة أيام، فيما يستمر الدوام في المدارس خمسة أيام في الأسبوع كما هو معمول به حالياً، مع تطبيق الخطة الدراسية المخفضة في المدارس الابتدائية فقط، كما أن القرار تضمن إمكانية تأخير بداية الدوام في المدارس التي يشملها البرنامج ساعة واحدة، بحيث يتم تعويضها في نهاية الدوام، مما يتيح للمعلمات أيضاً الخروج من منازلهن بعد ساعة من المعتاد في الوقت الحاضر، حيث يخرجن في وقت مبكر جداً ليتمكنّ من الوصول إلى المدارس مع بداية الدوام، كما أن القرار يتضمن أيضاً وضع آلية لتقييم العمل بهذا البرنامج ونتائجه بشكل مستمر. إن هذا القرار -إضافة للفوائد المرجوة منه- يضرب المثل والقدوة في ضرورة العمل على إيجاد حلول إبداعية للمشكلات، وهو يستحق أن تحذو حذوه كافة الجهات في مواجهة الكثير من المشاكل التي تواجهها. * أكاديمي وباحث تربوي واجتماعي