قد يعزف الخطاب عن فتاة، أو يتخلف عن خطبتها الأكفاء، فتمضي السنوات دون زواجها، ويتقدم سنها، فتجد نفسها أمام قبول المتقدم غير الكفء، أو قبول كفء متزوج، تكون له زوجة ثانية، أو الانتظار لعل فرجا يلوح في الأفق، فيتقدم العمر، ومع مضي السنوات تتضاءل الفرصة، فتقل كفاءة المتقدمين، ويكبر سنهم. ولهذه الفتاة أوجه رسائل أسأل الله أن يوفقني فيها للصواب، وأن تكون عونا لها في اتخاذ القرار المناسب، في الوقت المناسب. * الزواج من سنن المرسلين فلا تتركيه إرضاء لنساء يرين مصلحتهن في محاربة التعدد، ولو كنت وأمثالك ضحية لهذه المصلحة. * لن ينفعك ما يقوله النساء عنك ولك من ثناء لرفضك المتزوج الذي تكمن مصلحتك في الزواج منه، ولن يضرك ماتقوله فيك الأنانيات وسيئات الخُلق من ذم عند قبولك المتزوج، فلا تأبهي بهؤلاء، ولا تغتري بأولئك. * قد تسمعين من تقول لو عادت بي الأيام لما قبلت أن أكون ثانية، ولعل مثل هذه كان التعدد خيارها الوحيد، وليست المشكلة في ذات التعدد إنما في الاختيار أو التعامل، من قِبَلِها أو من قِبَل الزوج، ثم إنها لو لم تكن قبلت به فهل سيتقدم لها من ترغب!. * من غايات الزواج حصول الذرية، وتأخرك في الزواج يقلل من فرص الإنجاب، لا سيما في هذا الزمن الذي كثرت فيه أمراض النساء المانعة للحمل والمؤخرة له، وقبولك بالزوج الكفء المتزوج، ذي الأولاد، تدارك ذكي لفرصة الإنجاب. * كما أن الزواج من شاب ليس أمانا من الفشل، فإن التعدد ليس حكمَ حتمٍ بالشقاء، فكم من امرأة تعيسة مع زوج ليس معه غيرها، وكم من معدد تعيش نساؤه في كنفه سعادة وراحة، ولكن السعداء غالبا لا يتحدثون. * أن تكوني زوجة لمعدد كفء ناجح، وكما يحلو للبعض أن يقول (زوجة لنصف رجل)، خير لك من قبول عزب غير كفء، فالكفاءة في الخلق والدين هي المعيار. * كوني شخصية مستقلة، وادرسي (حال) من يتقدم لك، كونه (صالحا) للزواج، بمعزل عن كونه ذا زوجة أو عزبا، ولا تكوني ظلا لمن ظلت تمني نفسها ب(صلاح) المتقدم العزب، بعد ان رفضت المعدد (الصالح)، فانتهى زواجها بمأساة. * من تمام العقل والاتباع أن تقبل الفتاة التي تزوج أكثر بنات مجتمعها اللاتي في سنها أن تقبل بالمتقدم الكفء ولو كان متزوجا، ولا تنتظر شابا كفئا، فرصة تقدمه ضئيلة، كيلا تخسر الأول المضمون في انتظار الثاني المظنون. * أهلك أحرص الناس على مصلحتك وأعلمهم بطبيعة الفرصة المتوقعة لك، فإذا اقترح عقلاؤهم وأمناؤهم قبول المعدد، فإني أنصحك بقبول رأيهم. * إن في قبولك من ترضين دينه وخلقه ولو كان متزوجا استجابة للتوجيه النبوي الكريم، وفي الاستجابة له سعادة في الدنيا وفلاح في الآخرة. * فرق بين من تتمنينه زوجا، ومن يرغب فيك زوجه، أتمنى لك ما تتمنين ولكني أرى أن الخيار المناسب دون من تتمنين، لأنك ستنشدين الكمال، والكمال عزيز، وفرقي بين ما هو ضرورة وما هو رغبة وما هو كماليات في مواصفات من ترغبين الاقتران به، وتخلي عن الكماليات إذا وجدت الضروريات والحاجيات، وتنازلي عن بعض الحاجات في بعض الحالات. * أنا هنا لا أدعوك لتقديم المتزوج على غير المتزوج، لكني أنصحك بأن تكون الكفاءة هي معيارك، فإن وجد العزب الكفء فهو المقدم، وإن لم يوجد فالمتزوج الكفء مقدم على العزب غير الكفء. * قد يبدو لك، أو يقال لك إن في قبولك أن تكوني زوجة ثانية اعتداء على الأولى أو ظلم لها، ولو كات الأمر كذلك لما شرع الله التعدد، إنما الظلم في التعدي ودفع الزوج للميل. * قبل أن تقبلي المتزوج تأكدي من أمور: دينه، وحسن خلقه، وجديته في طلب التعدد، ولك سؤاله عن غايته منه، وسبب اختياره لك، وتأكدي من قوة شخصيته وقدرته على إدارة البيتين، فقوي الشخصية قراراته واضحة وشخصيته ثابتة، وكذا قدرته المالية على النفقة، واعلمي أنه ليس فشل الخاطب المتزوج في علاقته مع الأولى مؤشرا إيجابيا لمن اختارت أن تكون له زوجة ثانية، بل إن الناجح في علاقته مع الأولى أجدر بالنجاح. * اعلمي أنه كلما كانت الزوجة الأولى للمتقدم أعقل كانت فرصتك لتحقيق الاستقرار في علاقتك الزوجية، والانسجام والتعايش معها أكبر. * بعد أن تقبلي المتزوج زوجاً، فكوني واعية لما يترتب على قرارك هذا، وعلى استعداد لطبيعة العلاقة في بيوت المعددين، واعزمي أن تدخلي زوجة لا تنشد حق غيرها، ولا تعتدي ولا تظلم ولا تؤذي، بل تبادر بالإحسان وحسن التعامل، فبهذا تنالين السعادة والتوفيق بإذن الله تعالى. * هل من الحكمة أن تتأخري في انتظار من يختارك الأولى، وقد لا تكونين له الأخيرة، فمجيئه ثم الانفراد به ليسا مضمونين لك. أسأل الله لك زواجا قريباً سعيداً موفقا.