لا تكاد الفتاة تبلغ سن الزواج حتى تبدأ في التفكير في فارس أحلامها، الذي سيطرق باب منزلها، ليحملها إلى بيت جديد، تنعم فيه بحياة زوجية سعيدة مستقلة، لكن هناك الكثير من الفتيات ربما لا يعرفن شيئا عن كيفية اختيار شريك الحياة هذا، وربما عاد ذلك بالضرر عليهن، جراء سماعهن كلاما من هنا وهناك، سواءً من صديقات او نساء لا يعرفن أصول الحياة الزوجية، بل ربما فشلن فيها. ناهيك عمن اشترطن شروطا كانت سببا لعدم زواجهن، أو فوات أناس كانوا أفضل بكثير ممن تقدم بعدهم، كمثل اشتراط الغنى إلى الوظيفة المرموقة، مرورا بالشهادة العالية، إلى غير ذلك من الشروط. إضافة إلى قضايا كثيرة تشغل بال الفتيات، كقضية رؤية الخاطب للمخطوبة، وغنى الشاب، ومستواه التعليمي، والخاطب المعدد، والدراسة أو الزواج.. ولكن ترى أي النصائح ينبغي على الفتاة أن تراعيها خلال اختيارها من يتقدم لخطبتها طالبا الارتباط بها؟ إجبار الفتاة على الزواج تقول أم عبدالله العيسى: الشريعة الإسلامية لا تجبر الفتاة على الزواج ممن لا ترغب فيه، بل العكس من ذلك، فقد أعطت الحق كاملا للفتاة في القبول بالزواج ممن يتقدم لها، أو يعرض عليها، أو ترفضه، وهذا مراعاة لمشاعرها، وتأكيد على تكريمها، وإذا حدث أن أجبرت الفتاة على الزواج ممن لا ترغب فيه فإن الإسلام يكفل لها حق فسخ عقد النكاح. نظرة شمولية بينما تؤكد سارة محمد الصالح على قضية الدين، وكونها من أساسيات الزواج، فإنه ينبه إلى أمر هام، هو أن الدين ليس صلاة وصياما فقط، بل هذا جزء من الدين، وليس الدين كله، وتبقى أشياء أخرى كثيرة من الدين، كحسن الخلق والمروءة والتقوى والصلاح والمحافظة على سائر العبادات، والبعد عن المنكرات والمعاصي والمحرمات والسماحة والتواضع للآخر، هذه الأمور، إضافة إلى ضرورة السؤال عن المتقدم لخطبتها عن طبائع الرجل وطبائع أهله، فهي من الأمور الهامة، لأن اختلاف الطبائع سبب لعدم استمرار الحياة الزوجية، فقد تنظر إلى الزوج بمفرده، فتجده رجلا فاضلا صالحا، ليس فيه عيب، وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة، ولكن سبحان الله، الذي خلق الخلق وقسم بينهم أخلاقهم وأرزاقهم وطبائعهم، فلو دققت لوجدت أن طبائع المرأة لا تتوافق مع طبائع الرجل، ولذا لا تستقيم الحياة الزوجية، فربما يحملها على طباع لا تريدها، وقد تحمله على طبائع لا يستطيعها، ولم يتعود عليها. مما يعين على هذا الأمر التعرف على طبائع أخوات المتقدم وأهل بيته، ففي الغالب تكون الطباع واحدة أو متقاربة. رؤية المخطوبة ولكن ما القضايا التي تشغل بال المرأة، وربما تكون سببا في عدم زواجها، أو سببا في عدم استقرار حياتها الزوجية فيما بعد. تقول آلاء العوسي: جرت العادة في بعض المناطق على عدم السماح للخاطب برؤية مخطوبته، إلا في ليلة زفافها، معتقدين أن ذلك من الأمور التي لا تليق، والناس تجاه هذا الأمر بين إفراط وتفريط، فبعض الفتيات ترفض أن يراها من يتقدم لخطبتها، إما لحياء غالب، وإما لكون العادة لم تجر على ذلك، وبعض الآباء هو الذي يمنع ذلك، وهذا مخالف لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي من المفترض أن تكون حياتنا كلها تبعا لهديه، واستحباب النظر إلى المخطوبة لانه عسى ان يؤدم بينهما فإنه لا يجوز له الخروج معها أو الخلوة بها، بل يراها رؤية شرعية، لما ظهر منها فقط، بحضور محارمها، وبذلك نكون قد طبقنا الشرع، وابتعدنا عن المخالفة. وهذا الأمر له فوائد عظيمة، فإن ترك الشاب للفتاة أثناء الخطبة خير لها من الدخول بها ثم تركها، لكونها لم تعجبه. المهر ونفقات الزواج ومن القضايا الهامة في الزواج المهر ونفقات الزواج، وهذان الأمران لهما أثر كبير في المضي في عقد الزواج أو التوقف عنه، لأن كثيرا من الخلافات تنشأ بسبب هذين الأمرين. وتقول عائشة الغوينم: من أسباب تأخر الشباب في الزواج هو المبالغة في المهر، والمفترض عليهم، مما قد يعجز عنه كثير من الشباب، وهذا لاشك في ان له أثرا في تأخر الفتيات أيضا، وحرمانهن من الزواج، لذا فإني أنصح الفتاة المسلمة وأولياءها بضرورة التيسير في المهر، وعدم المبالغة فيه، فزواجها خير لها من المبالغة في اشتراط مهر معين، قد يكون سببا في عزوف الشباب عنها. وتؤكد أفنان المقرن على أن المبالغة في المهور قد تكون سببا من أسباب فشل العلاقة الزوجية، حتى فيما يستقبل من الأمور، لأن الشاب حين يدخل على الفتاة وهو يشعر بأنها قد أثقلت كاهله بالطلبات والنفقات والمبالغ الطائلة فإنه كلما رأى منها شيئا يكرهه ذكرها بما أنفق عليها، وبما دفع لها، مما يؤدي مع تكراره إلى نوع من الكراهية والبغض. بخلاف ما إذا كان قد دفع مبالغ معتدلة، ووجد منها تقصيرا، فإنه سيعرف الفضل لها ولوالدها، لكونه خفف عليه، وبالتالي سيستحي من الكلام معها، أو يقيم معها مشكلة، فأيسر الصداق أفضل، وأفضل النساء بركة أيسرهن مهرا. اختلاف المستوى وتضيف المقرن: قد يتقدم للفتاة شاب أقل منها من الناحية العلمية، أو يختلف مستواه الاجتماعي عنها بفارق كبير، وهذا خلاف الأصل، إذ أن الأصل يكون الزوج أكثر من الزوجة علما، أو مساويا لها، ووجود العكس يؤثر على الحياة الزوجية، وقد لا تظهر آثاره إلا مستقبلا، لأن بداية الزوج لا يظهر فيها شيء من آثار هذا الأمر عادة، لكونه شيئاً جديدا، ولكن بعد الانخراط في الحياة الزوجية تبدأ ظهور الآثار السلبية لاختلاف الحالة التعليمية، لذا كان من واجب الفتاة أن تنظر بعناية إلى هذا الأمر، وكذلك الحال بالنسبة للمستوى الاجتماعي ينبغي ألا يكون الفارق بينهما كبيرا، بحيث يكون الشاب أقل منهما بكثير. الرفض من أجل الدراسة أمر يحير كثيرا من الفتيات اللاتي يردن إكمال مسيرتهن التعليمية، وهو أمر جدير بالوقفة والنظرة الواقعية، البعيدة عن العواطف الكاذبة والتقليد الأعمى، لتسأل الفتاة نفسها: ماذا تستفيد من الشهادة، بل أعلى الشهادات، إذا ظلت بعد ذلك بلا زوج، وبلا أولاد، فوجود الزوج والأولاد للفتاة خير لها، وأحسن من شهادات لا تحقق لها ذلك. لذا نصيحتي للفتاة الا ترفض الخاطب، وتؤخر الزواج بسبب الدراسة، والحرص على الشهادات، فهذا أمر خطر جداً، فقد لا تأتيها الفرصة مرة أخرى، ويفوتها قطار الزواج كما يقولون، وأغلب الشباب يحرص على الزواج من امرأة صغيرة، فإذا تركت الفتاة الزواج لأجل الشهادة، ومضى بها العمر قلت فرص الزواج لها، بل ربما انقطعت عنها، أو تنازلت عن كثير من شروطها، لأجل الا يفوتها الزواج. رفض المتزوج والصغير كثير من الفتيات تأثرن بالمسلسلات التليفزيونية، فأصبحن يرفضن الزواج من متزوج، غافلات عن سنة الله في التعدد، وأن عدد الفتيات في كل مجتمع أكثر من عدد الشباب، فإما أن يكون هناك تعدد، أو تبقى كثير من الفتيات بغير زواج. والسؤال: هل تقبل الفتاة الزواج من شخص معدد، إذا كان على دين وخلق، ويستطيع القيام بأعباء التعدد؟ بينما ترى سمية محمد: على الفتاة أن توافق على الزواج، حتى ولو كان الرجل متزوجاً، ما دام قد توافرت فيه الصفات، التي تؤهله لمثل هذا الزواج، ولا تضيع الفرصة على أوهام كاذبة، فإنها لو نظرت إلى بعض النساء اللاتي تزوجن من شخص معدد، وما أنعم الله به عليهن من نعمة الراحة والطمأنينة والسكينة ونعمة الأولاد التي لا تعادلها الأموال، لما ترددوا في قبول مثل هذا الزواج. وزواج الفتاة من إنسان معدد خير من بقائها بغير زواج، خاصة إذا تقدم بها السن. والشيطان يأتي بصورة الناصح، فيلعب بقلب الفتاة، ويحاول منعها من الزواج، ممن هو متزوج بثانية. الواقعية والمثالية وتنصح سمية الفتيات بالواقعية، وعدم الوقوع في الخيالات والأوهام الكاذبة، بما في ذلك المبالغة في اشتراط الشروط والمواصفات، التي قد تكون مثالية في بعض، حتى إذا ما تزوجت ذلك الشاب وجدته غير ما كانت تتصوره، فأدى ذلك إلى ردود فعل لا تحمد عقباها، إضافة إلى ضرورة التريث والعناية بالسؤال عن الخاطب، والتأكد من دينه وخلقه، ونحو ذلك فإن الزواج بناء بيت جديد، يرجى أن يرفرف عليه التقوى والسعادة والرحمة، وهذا لا يأتي بالتسرع والتعجل. حيرة تداهم الفتيات في اختيار الشريك المستقبل