اغتيال المناضل الفلسطيني، زياد أبوعين من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، هو تصعيد متعمد لنهج القمع الذي يمارسه العدو، بحق الفلسطينيين. ويأتي ارتكاب هذه الجريمة، في ظل هجمة التهويد، ومنح يهودية الدولة بعدا قوميا، يعتبر الآخرين، المنتمين لديانات أخرى، في حكم الغرباء في دولة الكيان الغاصب. فأبوعين لم يحمل سلاحا، ولم يقذف بحجر، وجريمته من وجهة النظر الصهيونية، لم تتعد محاربة الاستيطان، بالاحتجاج بشكل سلمي. وشأن الشهيد أبو عين، في ذلك شأن بقية الفلسطينيين الذين يتصدون بصدورهم العارية للمشروع الصهيوني، ويحاولون منع توسيع دائرة الاستيطان، ومصادرة الأراضي. لقد مارس القائد الشهيد بكفاءة دوره، كقائد فلسطيني ميداني، مسؤول عن هيئة مواجهة الحصار والاستيطان. وناضل من أجل تحقيق الحرية لشعبه وإنهاء حالة النفي والاستلاب التي يعاني منها الفلسطينيون، تحت الاحتلال، وبذل دمه في سبيل وطنه. بقي وهو الوزير، يمارس دور الشاب ويتعرض للمطاردة والتعذيب وقضى نحبه، جراء التعذيب الذي تعرض له بعد اعتداء جنود الاحتلال عليه، بالضرب وبقنابل الغاز التي أطلقت من قبلهم في بلدة ترمسعيا برام الله. ولا شك أن من أهم أهداف العدو في اغتيال أبو عين، هو لجم أي صوت فلسطيني، يتعرض للاستيطان والتهويد، بما يفوق في عدوانيته سلوك نظام الفصل العنصري الأفريقي، الذي قبر بالنضال الأسطوري الذي قاده الراحل نيلسون مانديلا، حيث لم ير المستوطنون البيض أن جنوب أفريقيا وطن خاص بهم وحدهم، في حين يهدف الصهاينة، إلى جعل فلسطين المغتصبة، وطنا لليهود فقط، وبنص قانوني. وليس من شك في أن حكومة نتنياهو اليمينية، التي واجهت مؤخرا أزمة سياسية حادة، تؤكد كل المؤشرات، أنها ستتسبب في سقوطها، بعد انسحاب وزراء من أبرز أقطابها، وقرار حل الكنيست لإجراء انتخابات برلمانية جديدة، رأت أن اغتيال أبوعين سيوجه الأنظار نحو هذه القضية، بدلا من أزمتها السياسية التي تعاني منها. وكان الكيان الصهيوني، قد قام بعدوان جوي قبل عملية الاغتيال هذه بأيام قليلة، على العاصمة السورية، قريبا من مطار دمشق. وذلك هو ما دفع بأحد أقطاب المعارضة الإسرائيلية للقول ان نتنياهو، قد بدأ بعملية الاغتيال حملته الانتخابية. ويأتي هذا الاغتيال، ليحقق العدو عدة أهداف، فهي أولا محاولة للجم مقاومة الفلسطينيين للاستيطان، وهي ثانية، تأتي في هذه المرحلة بالذات، لتكون جزءا من الحملة الانتخابية لليمين الإسرائيلي. والرد على هذه الحملة، فلسطينيا وعربيا، ينبغي أن لا يكتفي ببيانات الشجب والاستنكار. لا بد من تصليب الموقف الفلسطيني، والعمل على استكمال ما تحقق من الوحدة الفلسطينية. ومراجعة السياسات الفلسطينية والعربية، تجاه المشروع الصهيوني، الذي تأكد بما يقبل الجدل، تنكره لأبسط الحقوق، وللمواثيق والمعاهدات الدولية. قرار السلطة الفلسطينية، بالذهاب إلى مجلس الأمن الدولي، للمطالبة بتحديد سقف زمني للاحتلال الإسرائيلي، للضفة الغربية وقطاع غزة، ليس إلا خطوة صغيرة، على طريق الوفاء لدماء الشهداء الفلسطينيين، وعلى رأسهم الشهيد زياد أبو عين. وينبغي أن لا يفلت العدو من العقاب. وسيكون على السلطة اللجوء إلى خيارات أخرى، في حال استخدم حق النقض، لمنع صدور هذا القرار من مجلس الأمن. ولعل في انضمام دولة فلسطين لبقية المنظمات الدولية، وعلى رأسها محكمة الجنايات، بعض الوفاء لروح الشهيد أبو عين. لقد مثل القائد المناضل زياد أبو عين قمة الثبات على المقاومة، وظل متيقنا من حتمية النصر وتحرير فلسطين.