قالت: هل في القرآن آية تدل على الزام المرأة بالحجاب؟ قلت لها: عرفيني بنفسك أولا: قالت أنا طالبة في السنة الأخيرة بالجامعة، وحسب معرفتي أن الحجاب لم يأمر الله به، ولهذا أنا غير محجبة ولكني أصلي والحمد لله، قلت: طيب دعيني أسألك سؤالا، قالت: تفضل، قلت: إذا كررت عليك معنى واحد ولكني عبرت عنه بثلاث كلمات مختلفة فماذا تفهمين؟ قالت: كيف يعني؟ قلت: لو قلت لك أحضري (شهادتك) الجامعية، ثم قلت لك مرة ثانية: أحضري (الورقة) التي تفيد تخرجك من الجامعة، ثم قلت لك مرة ثالثة: أحضري (تقرير) العلامات النهائية من الجامعة، فماذا تفهمين؟ قالت: أفهم أني لا بد أن أحضر شهادتي الجامعية ولا مجال لسوء فهم كلامك لانك استخدمت أكثر من مصطلح لنفس المعنى (شهادة، ورقة، تقرير)، قلت لها: صحيح وهذا ما قصدته بالضبط. قالت: ولكن ما علاقة هذا بالحجاب؟ قلت لها: إن الله تعالى استخدم ثلاثة مصطلحات في القرآن يعبر بها عن حجاب المرأة، فنظرت إلي باستغراب وقالت: كيف ذلك؟ قلت: لقد وصف الله اللبس الساتر للمرأة ب (الحجاب، والجلباب، والخمار) فاستخدم ثلاث كلمات لمعنى واحد فماذا تفهمين من ذلك؟ فسكتت، قلت لها: تفهمين أن الموضوع ينبغي أن لا نختلف عليه مثل تحليلك للشهادة الجامعية أليس كذلك؟ قالت: لقد فاجأتني بطريقتك بالنقاش. قلت والأوصاف هي قال تعالى (وليضربن بخمرهن على جيوبهن)، وقال في الثانية (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن)، وقال في الثالثة (وإذا سألتموهن متاعا فأسالوهن من وراء حجاب) ألا يدل هذا على تستر المرأة؟ قالت: لقد صدمتني بهذا الكلام، قلت لها: دعيني أشرح لك المعاني الثلاثة باللغة العربية، فالخمار هو ثوب تغطي به المرأة رأسها، والضرب على الجيوب يعني أن ترخيه ليستر الرقبة والصدر، والجلباب هو قميص واسع طويل له أكمام وغطاء للرأس وهو من الملابس الشائعة بالمغرب، أما الحجاب فهو الساتر. قالت: أفهم من هذا أني لا بد أن أتحجب، قلت لها: نعم لو كان قلبك عامرا بمحبة الله ورسوله، فاللباس نوعان: الأول ساتر للجسد وهو فرض أمر الله ورسوله به، والثاني لباس ساتر للروح والقلب وهو خير من الأول كما قال تعالى (ولباس التقوى ذلك خير)، لأن المرأة قد تكون محجبة جسديا ولكنها فاقدة للباس التقوي، والصواب أن تلبس المرأة اللباسين، وهذا الكلام ينطبق على لباس الرجل كذلك. قالت: كنت أعتقد بأن الحجاب لم يذكر بالقرآن، قلت: بل ذكر بالقرآن وفي السنة كذلك أحاديث كثيرة لم أذكرها لك، وقد أجمع علماء المسلمين عليه، وينبغي أن تكوني حريصة على التقرب إلى الله تعالى بطاعته، لأن العري من أهداف الشيطان تجاه البشر وهو ما حققه مع أبينا آدم وأمنا حواء، قالت: ماذا تقصد؟ قلت: لما أمر الله آدم وحواء بالأكل من أشجار الجنة عدا شجرة واحدة، وسوس لهما الشيطان «فدلاهما بغرور» أي الشيطان «فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة» فلما عصوا أمر الله بأكل الثمرة انكشفت عورتهما، وهذا هو هدف الشيطان بأن يوصل الناس للعري التام، فلهذا آدم وحواء تابا وأسرعا في ستر عورتهما بورق الشجر، فمسألة اللباس مسألة قديمة بدأت مع بداية خلق آدم، وأنصحك بقراءة كتاب «سيكولوجية اللباس» لتعرفي أثر اللباس على شخصية الإنسان، لأن اللباس لغة ورسالة وهوية. قالت: صراحة لم أتوقع مسألة الحجاب واللباس كبيرة لهذه الدرجة، قلت لها مازحا: هل قررت أن تتحجبي أم تتجلببي أم تتخمري؟ فابتسمت وقالت: لقد فهمت الدرس جيدا، ولكني سأتحجب عندما أكبر، قلت لها: أنت تفكرين وتخططين بطريقة هي عكس ما أمرك الله به، فاستغربت وقالت: كيف؟ قلت: إن الله خفف على النساء العجائز أمر الحجاب قال تعالى «والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن» و«القواعد» هن العجائز اللاتي قعدن في البيوت، فلها أن تتهاون باللباس قليلا بشرط أن لا تتبرج بزينة، فقاطعتني قائلة: طالما أن الله خفف على العجائز أمر الحجاب فمن باب أولى نحن الصغيرات نلتزم به، فابتسمت وقلت لها: ما شاء الله عليك ذكية، ثم بادرتها بسؤال: لقد قلت لي في بداية حديثنا إنك تحافظين على الصلاة، قالت: نعم، قلت: هل تتحجبين بالصلاة؟ قالت: طبعا، قلت: لماذا؟ فسكتت فترة ثم قالت: لا أعرف، فابتسمت وقلت لها: وهل تعتقدين أن الإسلام يأمر المرأة بلباس تقابل فيه ربها ولباس أقل سترا تقابل فيه الناس؟ فاستغربت من سؤالي ثم قلت لها: إن الصلاة عبادة وهي جزء من حياتنا، وحياتنا كذلك عبادة نتعبد الله فيها فلباس المرأة في صلاتها هو لباسها في حياتها، وانتهى الحوار.