بقدر ما تمثل المرحلة الثانية من صندوق دعم البحوث والبرامج التعليمية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، التي يتم تدشينها بالجامعة مساء الأربعاء القادم برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية، تطورا نوعيا في أعمال الصندوق يتضمن بدء العمل في مركز الأعمال وتجاوز المحفظة المالية للصندوق مليار ريال، فإنها تعبر، في الوقت ذاته، عن نجاح الصندوق في تحقيق جانب كبير من أهدافه في توفير موارد جديدة لدعم البرامج التعليمية والبحثية وتعميق التواصل بين جامعة تبحث عن التميز ومجتمع يؤمن بدورها التنموي الفاعل. فبالرغم من الدعم الحكومي السخي الذي تحظى به جامعة الملك فهد للبترول والمعادن إلا أن استمرار التميز واستدامته وامتلاك المرونة في الإنفاق على مبادراتها وبرامجها يتطلب تنويع مواردها الذاتية، ولذلك يسعى صندوق دعم البحوث والبرامج التعليمية إلى توفير مصادر إضافية تمكن الجامعة من ضمان أعلى جودة في التعليم والبحث حتى تستمر في نشر نتاجها العلمي المتميز وفي تخريج القادة القادرين على المنافسة عالمياً. وتعد الصناديق الوقفية للجامعات تقليداً تحرص على وجوده جامعات النخبة في العالم، كما هو الحال مع جامعة الملك فهد، فالدعم الحكومي السخي يعطي الجامعة قاعدة تشغيلية قوية، ولكن صندوق دعم البحوث يوفر لها وسائل الابتكار، وآلية لتحمل أعباء التجارب والبحوث، وإثراء البيئة التعليمية والنمو بكل ثقة واقتدار. وقد انطلقت الجامعة في إنشاء الصندوق من قراءة متأنية للتاريخ، وهي قراءة تسجل أن أعداداً هائلة من الأفراد والمؤسسات، في العالم بوجه عام وفي العالمين العربي والإسلامي على نحو خاص، قامت عبر القرون بوقف أموال طائلة أو مخصصات عينية هائلة لدعم الجهود التي تبذلها المؤسسات العلمية، وقد أثبت هذا النوع من الوقف دوره الفاعل في تمكين أهل العلم من الباحثين والطلاب من تحقيق إنجازات علمية باهرة كانت سبباً في التقدم الإنساني. ويؤكد مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور خالد بن صالح السلطان أن قبول صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز رئاسة مجلس إدارة الصندوق في دورته الثالثة ورعاية سموه الكريم حفل تدشين المرحلة الثانية للصندوق يمنح الصندوق قوة دافعة تساعده على تحقيق أهدافه في دعم الابتكار والإبداع وإثراء العملية التعليمية والبحثية وتحقيق الجودة في كل عناصرها، كما أنها تقدير لرسالة الجامعة وامتداد طبيعي لرعاية شاملة ومساندة دائمة يحيط بها سموه أنشطة الجامعة ويساند جهودها ومسيرة التنمية الوطنية. وأضاف ان صندوق دعم البحوث في الجامعة يتيح الفرصة للراغبين في دعم عملية التعليم والبحث العلمي في المملكة، باعتبار أن أي دعم لجامعة الملك فهد هو استثمار له معنى في مستقبل كل من الطالب، الباحث، البنية المعرفية والصناعية، مما يؤدي في النهاية لمستقبل مشرق للمملكة. وأضاف ان جامعة الملك فهد للبترول والمعادن تعد مركزاً تعليمياً وبحثياً متميزاً على المستوى المحلي والعالمي، ففي خلال العقود الخمسة الماضية حققت الجامعة دوراً قيادياً في العمل البحثي في جميع أقسامها. رؤية الصندوق وأوضح د. السلطان أن الصندوق يسعى إلى توفير مصدر مالي دائم يؤمن للجامعة قدرتها التنافسية ويحافظ على تميز برامجها التعليمية والبحثية من خلال إشراك المهتمين في دعم الجامعة ومن خلال الاستثمار المالي، ويدعم رسالة الجامعة التعليمية والبحثية عن طريق جمع التبرعات، وإدارتها، واستثمارها بما يتفق مع قواعد الشريعة وبما يحقق رؤى المتبرعين. وأضاف ان الصندوق يعمل على زيادة أصوله عن طريق استثمار أمواله باحترافية وبما يتفق مع القواعد والقيم الشرعية، وعلى استقبال التبرعات والهبات، ودعوة وتشجيع خريجي الجامعة ومنسوبيها والمؤسسات والأفراد المهتمين للمساهمة في الصندوق. كما يسعى الصندوق إلى تعزيز ثقة المتبرعين والخريجين بأهداف ووسائل الصندوق، ونشر ثقافة التبرع والدعم للمؤسسات التعليمية لدى أفراد المجتمع. وزاد إنه مع ارتفاع تكلفة الأعمال البحثية والتعليمية المتميزة بشكل مطرد سنويًا، وحتى تستطيع الجامعة المحافظة على نجاحها كان من الضروري البحث عن بدائل لتمويل مبادراتها التعليمية والبحثية. وتحقيقًا لهذه الغاية أنشأت الجامعة صندوق دعم البحوث والبرامج التعليمية في عام 2007م لجمع التبرعات والهبات، واستثمارها، والإنفاق من ريعها على أنشطة الجامعة التعليمية والبحثية. وأكد «مع أن الجامعة تتلقى الدعم الحكومي بشكل كامل فإن الحصول على التمويل الإضافي يساعد على زيادة الأنشطة التعليمية والبحثية والطلابية كماً وكيفاً، والتي قد لا يمكن إنجازها بالشكل الكافي أو بالسرعة المطلوبة من خلال الميزانية التشغيلية المعتادة. فعلى سبيل المثال، قد يستخدم التمويل الإضافي في دعم مرتبات أعضاء هيئة التدريس المتميزين وجذب عدد أكبر من هيئة التدريس ذوي الخبرات العالية. وتهتم الجامعة من الناحية الاستراتيجية بدعم الميزانية على المدى الطويل لضمان التمويل المستقبلي للأجيال القادمة. ولذلك يسعى وقف الجامعة إلى أن يكون قادراً على تمويل 35 % من الميزانية السنوية للجامعة، عند الحاجة إلى ذلك. وحول الأهداف القريبة للصندوق ذكر د. السلطان انها تتمثل في جمع 1.5 مليار ريال سعودي كمحفظة استثمارية بحلول نهاية عام 2016م، والبدء في بناء مركز الأعمال، زيادة الوعي المجتمعي حول أهمية وقف الجامعة، والصرف على برامج وأنشطة الجامعة التي لا تتوفر لها موارد مالية. تطبيق خطة الصندوق الاستراتيجية من جانبه أكد مدير صندوق دعم البحوث والبرامج التعليمية بجامعة الملك فهد الدكتور أحمد بن سعد القحطاني أن مجلس إدارة الوقف الذي يترأسه صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية يتولى مسؤولياته التي أوكل بها بجدية ليضمن استثمار أموال الصندوق فيما يتوافق مع الشروط والأحكام الموضوعة ويضمن إنفاق عائدات الصندوق بما يتوافق مع أهدافه، مؤكدا أن الصندوق يتبع أفضل الممارسات في مجال جمع التبرعات والاستثمار والصرف والرقابة. وأضاف أن فريق العمل في وقف الجامعة يقوم بتطبيق خطة الصندوق الاستراتيجية باحترافية للتمكن من زيادة حجمه والحفاظ على أصوله، ويتم كل ذلك بإشراف مجلس إدارة فاعل يقوم بمتابعة أنشطة الصندوق والرقابة عليه من خلال اجتماعاتهم المتكررة خلال السنة، ويتألف مجلس الإدارة من قياديين وخبراء فاعلين من جهات حكومية وأكاديمية ومصرفية وصناعية وتجارية وإعلامية. كما يتلقى موظفو الصندوق تدريبا مهنيا على برامج التسجيل والتوثيق والبرامج المحاسبية، ويتضمن التدريب حضور بعض الموظفين للندوات والمؤتمرات وورش العمل المتخصصة في إدارة الأوقاف الجامعية لاكتساب الخبرة والممارسات الناجعة في الجامعات ذات الخبرات العريقة في هذا المجال. مركز الأعمال أحد أهم المشاريع يعد مركز الأعمال أحد أهم مشاريع الصندوق الاستثمارية كما ذكر د. القحطاني، وأضاف أن المركز يحتل موقعًا استراتيجيًا بالقرب من مدخل شركة أرامكو السعودية بمساحة إجمالية تقدر ب 800 ألف متر مربع. وسيحتوي عند اكتماله على مكاتب أعمال وأماكن إقامة سكنية تتوافر للشركات التي يتم اختيارها بعناية وتعمل في مجالات الهندسة وتقنية المعلومات والمقاولات والتدريب والاستشارة، ويوفر مركز الأعمال مرافق من الدرجة الأولى للمؤتمرات والتدريب والضيافة. ويتطلع الصندوق إلى أن يوفر مركز الأعمال فرصاً لتدريب طلاب الجامعة عملياً ولإثراء التجربة المهنية لأعضاء هيئة التدريس. كما يوفر مركز الأعمال فرص التعاون بين الجامعة وبين الشركات في مجال التدريب والاستشارة. أداء الصندوق منذ عام 2007 زاد حجم الصندوق بنسبة 45% سنوياً، وحتى الآن استطاع تحقيق عائد سنوي بمعدل 10% مقارنة بالعائد المستهدف وهو 8.5%، أما الإنفاق فيستهدف الصندوق نسبة صرف على البرامج بين 3% إلى 6% سنويًا من معدل القيمة السوقية للصندوق على مدى ثلاث سنوات. ولدى الصندوق حاليًا مجموع أصول تبلغ قيمتها ما يقارب 1800 مليون ريال ويتكون ثلثاها تقريبا من النقد والأوراق المالية، والثلث الباقي من العقارات. وأضاف إن هدفنا الحالي هو أن يصل حجم الصندوق إلى 3500 مليون ريال خلال ثلاث السنوات القادمة. المستفيدون من الدعم وحول أهم المستفيدين من دعم الصندوق بين د. محمد الزهراني عميد كلية الادارة الصناعية ونائب المدير التنفيذي للصندوق أن الصندوق يوجه دعمه للباحثين والطلاب وأعضاء هيئة التدريس والأقسام الأكاديمية وبرامجها وكذلك مراكز البحث في الجامعة. وأضاف: على سبيل المثال شارك الصندوق في برنامج دعم استقطاب أعضاء هيئة التدريس المتميزين في كلية الإدارة الصناعية، كما قدم دعماً لمركز الابتكارات لتعزيز الابتكارات الطلابية، وشارك أيضًا في دعم مشروع طلابي لصناعة سيارة تعمل على الطاقة الشمسية والمنافسة في السباق السنوي للطاقة الشمسية بين جامعات العالم باستراليا، كما يقدم الدعم لطلاب الدراسات العليا لإنهاء درجاتهم الأكاديمية. رسالة إلى المانحين وأشار د. محمد الزهراني عميد كلية الادارة الصناعية ونائب المدير التنفيذي للصندوق إلى أن دعم المانحين يعتبر خطوة أساسية في سبيل تحقيق هدف الصندوق في تأسيس قنوات تمويل إضافية دائمة لضمان مكانة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ودورها القيادي التعليمي بين مؤسسات المملكة والمنطقة. وقال: بدعم المانحين نستطيع دعم وتشجيع الباحثين والمعلمين لإحداث فرق واضح في مجال تخصصهم وأن نوفر لطلابنا الموهوبين فرصاً أكبر للنجاح، ونعزز مكانة الجامعة بين نظيراتها في المملكة وخارجها. وزاد بأن الجامعة تحرص على الشراكة مع المانحين ويبدو ذلك واضحا من خلال الحرص على إعطاء المعلومة الكاملة واعتماد الشفافية التامة في التعامل مع مساهماتهم وبناء وتقوية العلاقات بين الجامعة ومنسوبيها والمتبرعين وإعطائهم تصوراً واضحاً عن كيفية الاستفادة من دعمهم، وأخذ مرئياتهم وملاحظاتهم على محمل الجد في جميع الأنشطة. وأوضح أنه يمكن المساهمة في هذا البرنامج بأي مبلغ صغير أو كبير، وأن قيمة الدعم المقدم إلى الصندوق تتفاوت، والكثير منها يقل عن 1000 ريال. ولكن مجموعها يصل إلى الملايين وأن كل ريال يهدى الى الصندوق له قيمته. أما الفوائد التي تعود على المتبرعين فذكر د. محمد الزهراني أن التبرع مهما كان حجمه يجعل المتبرع مشاركًا أساسيًا في دعم الجامعة يشعر بأثر مساهمته في بناء جسور لمستقبل الجامعة ومستقبل خريجيها. وأضاف أن اسم المتبرع سيدرج في منشورات الجامعة وفي موقعها الإلكتروني بشكل دائم، وسيذكر في محافلها ومناسباتها، وسيكون من أول المدعوين لها. رسم بياني يوضح نمو صندوق الوقف منذ إنشائه وحتى عام 2014