كما انفردت (اليوم) في عددها الصادر الجمعة أنهت محكمة جنايات القاهرة أمس قضية القرن المصرية المعروفة إعلاميًا، وحكمت ببراءة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته وستة من معاونيه في جرائم قتل المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير، وكذا انقضاء الدعوى في تهمة الإضرار بالمال العام، والتربح في قضية تصدير الغاز لإسرائيل لتطوي بذلك 3 سنوات من الجدل والمحاكمة. وفي جلسة متوترة بدا الترقب على وجوه المتهمين المتواجدين في قفص المحاكمة، فيما ظل الرئيس الأسبق حسني مبارك، محتفظًا برباطة جأشه، وهو الذي سبق أن أكد في كلمته أمام الجلسة السابقة في 27 سبتمبر الماضي احترامه للحكم الصادر ضده مهما كان، براءة أو إدانة. عرض وإنذار وطيلة 54 دقيقة -هي مدة الجلسة- عرض القاضي المستشار محمود كامل الرشيدي موجزًا للحكم الذي جاء في 1430 صفحة، وهدد قبل النطق بالحكم كل من يومئ بأي إشارة -رضا أو غضب- باستخدام حقه القانوني في حبسه لمدة عام، محذرًا من أنه سيطبق ذلك في حال أي مخالفة. وبعد أن تأكد القاضي من حضور المتهمين كشف أن ما تم توثيقه من ضحايا في 10 محافظات خلال أحداث يناير بلغ 239 قتيلًا و1585 مصابًا اختتم المستشار الرشيدي كلمته بالحكم ببراءة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في قضية تصدير الغاز لإسرائيل وعدم جواز إقامة الدعوى القضائية في اتهامه بقتل المتظاهرين، وبراءته هو ونجليه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم في تلقي عطايا عبارة عن 5 فيلات. كما قضت المحكمة ببراءة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، ومساعديه ال6، وهم اللواء عدلي فايد المساعد الأول لوزير الداخلية لمصلحة الأمن العام السابق، واللواء أحمد رمزي المساعد الأول لوزير الداخلية لقطاع الأمن المركزي السابق، واللواء إسماعيل الشاعر مساعد الوزير مدير أمن القاهرة السابق، واللواء أسامة المراسي مساعد وزير الداخلية مدير أمن الجيزة السابق، واللواء عمر فرماوي مساعد وزير الداخلية، واللواء حسن عبدالرحمن مدير جهاز أمن الدولة السابق من اتهامات بقتل المتظاهرين. مبارك لن يغادر من جهة أخرى وبينما تعذر الاتصال بمحامي مبارك فريد الديب الذي أعرب في اتصال هاتفي مع (اليوم) قبل 72 ساعة من النطق بالحكم أي الخميس الماضي عن ثقته في براءة موكله رافضًا التعليق، أكدت معلومات مقربة من الرئيس الأسبق، أنه لن يغادر مصر بعد حصوله على البراءة، وأضافت أن مبارك شدد للمقربين منه أنه سيبقى في مصر حتى انتهاء أجله، مشيرة إلى أن الرئيس الأسبق رفض كل العروض التي قدمت إليه من بعض الدول العربية والأوربية للإقامة فيها. رافضة الإفصاح عن مكان الإقامة الذي سيتوجه إليه مبارك ونجلاه «علاء وجمال»، عقب صدور حكم البراءة بحقهم في التهم المنسوبة إليهم. طعن وتضارب وبينما أمر النائب العام المستشار هشام بركات بتكليف المكتب الفني للنائب العام بإعداد دراسة قانونية متكاملة لحيثيات «أسباب» الأحكام التي أصدرتها محكمة جنايات القاهرة، تمهيدًا للطعن على تلك الأحكام أمام محكمة النقض، قال مصدر قضائي بمحكمة النقض: إن آخر مرحلة سيخضع لها مبارك ورموز نظامه بعد الحكم ببراءتهم السبت، ستكون أمام محكمة النقض حيث يجوز للنيابة العامة الطعن على براءة المتهمين، وكذلك أهالي الشهداء والمصابين، وأشار النائب العام المساعد، والمستشار هشام سمير إلى أن النيابة العامة في انتظار استلام حيثيات الحكم ب«محاكمة القرن» لدراستها، وذلك لاستبيان استحقاق الأحكام للطعن من عدمه خلال المدة القانونية المحددة ب60 يومًا. أوضح قانونيون أن الرئيس الأسبق مبارك لن يغادر مستشفى المعادي العسكري حتى بعد الحكم ببراءته لتتضارب الآراء القانونية بشأنه، وبينما أكد البعض إنه في 21 مايو 2014 صدر الحكم عليه بالسجن 3 سنوات فى قضية قصور الرئاسة، وبذلك يكون قضى في الحبس منذ 19 أغسطس 2013 وحتى صدور حكم الأمس قرابة 10 أشهر، من مدة سجنه التي تنتهي في أغسطس 2016 بخلاف إمكانية طعن النيابة العامة على أحكام البراءة. قال آخرون: إن فترة الحبس الاحتياطي لمبارك تحسب من أول قرار حبس صادر بحقه وهو أبريل 2011 حتى ولو كان في قضية أخرى ومن ثم فهو غير محبوس الآن. حبس احتياطي بالسياق كشف محامى حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق عصام البطاوي أن موكله سيعود إلى السجن رغم حصوله على حكم بالبراءة في قضية قتل المتظاهرين؛ لأنه محبوس على ذمة قضايا أخرى واتهامات له بالكسب غير المشروع والتربح، وكشف أيضًا أن نجلي مبارك، جمال وعلاء لن يخرجا من السجن لاتهامهما في قضية البورصة، والمحبوسين على ذمتها احتياطيًا؛ لأن القضية منظورة أمام القضاء، وكذا قضية قصور الرئاسة. وأضاف -في تصريحات صحفية عقب الحكم- إن النيابة العامة تجري الآن حساب مدة الحبس للرئيس الأسبق حسني مبارك في قضية قصور الرئاسة. فرح وتهديد وفي الوقت الذي هلل الحاضرون في قاعة المحاكمة لمدة 14 دقيقة، تجمع العشرات من أنصار مبارك في محيط مستشفى المعادي العسكري، أو في أكاديمية الشرطة -مقر المحكمة- مرددين الهتافات للرئيس الأسبق، وأطلقوا الزغاريد، فيما شوهد نجلا مبارك وهما يقبلان رأسه، فيما احتضن جمال مبارك وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وأظهرت لقطات للتليفزيون المصري حراس القاعة، وهم يؤدون التحية للعادلي. فيما هدد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» بالقيام بعمليات إرهابية جديدة في مصر بعد براءة مبارك. وقال التنظيم -في تغريدة- عبر حساب تابع له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر أمس: «إن الحكم ببراءة الطاغوت السابق مبارك إنهاء لمرحلة السلمية الخرقاء وإيذان ببدء مرحلة العبوات والكواتم بإذن الله، فما للعيش معنى بعد هذا يا أهل مصر». تباين وتأهب أمني ميدانيًا تباينت ردود الأفعال في الشارع المصري بعد الحكم، ما بين الغضب والفرح والتحفظ. بالتزامن مع حالة تأهب قصوى من قبل الجهات الأمنية، تحسبًا لأي ردود أفعال أو تظاهرات. وشهد ميدان التحرير وطلعت حرب وسط العاصمة القاهرة، وميادين أخرى بالمدن الكبرى منذ صباح السبت حالة من الاستنفار الأمني لقوات الجيش والشرطة وتكثيف لمدرعات وحاملات الجنود بكافة الميادين الحيوية عقب النطق بالحكم ببراءة الرئيس الأسبق حسني مبارك. فيما عززت قوات الجيش من تواجدها على جميع المداخل والمخارج المؤدية لميدان التحرير، وذلك تحسبًا لأي تجمع بعد دعوات أنصار الإرهابية بالتظاهر عقب صلاة الظهر. وفي تطور لاحق أغلقت قوات الأمن مداخل ومخارج ميدان التحرير، بالأسلاك الشائكة والدبابات أمام حركة السيارات مع السماح بدخول المارة، وذلك بعد توافد العشرات من المواطنين إلى ميدان التحرير للاعتراض على حكم ببراءة مبارك في قضية القرن. تواصل التفجير في سياق آخر تواصلت أعمال التفجير في أماكن متفرقة من البلاد، إذ سادت حالة من الذعر والفزع بين رواد محكمة الإسكندرية بعد انفجار محدث صوت داخلها. على الفور انتقلت الأجهزة الأمنية التي قامت بإخلاء القضاة ووكلاء النيابة والمواطنين قاعة المحكمة، كما نجح الأمن في إبطال عبوة ناسفة بمحافظة المنوفية، وكذا ثلاث قنابل بدائية الصنع وضعها مجهولون بجوار إحدى شركات البترول في شبرا الخيمة. وكذا تم إبطال مفعول قنبلتين وضعتا بجوار أحد أبراج الكهرباء بالفيوم.