أصبحت ألعاب الفيديو والكومبيوتر تستحوذ على عقول أطفالنا. وقد انتشرت هذه الألعاب بسرعة في المجتمعات العربية بوجه عام والخليجية بوجه خاص، فلا يكاد يخلو بيت في الخليج منها حتى أصبحت جزءًا من غرفة الطفل، بل أصبح الآباء والأمهات يصطحبونها معهم أينما ذهبوا ليزيدوا الأطفال إدمانًا على مشاهدتها. قدّر خبراء في مجال الألعاب الإلكترونية حجم إنفاق الطفل السعودي على ألعاب الترفيه الإلكتروني بنحو 400 دولار سنويًا، وأكدوا أن السوق السعودية تستوعب ما يقرب من 3 ملايين لعبة إلكترونية في العام الواحد، منها عشرة آلاف لعبة أصلية، والباقي تقليد، ويشير أحد مسؤولي التسويق بشركة متخصصة في مجال الألعاب الإلكترونية إلى أن أسواق المملكة استوعبت حوالي مليون و800 ألف جهاز بلاي ستيشن، موضحًا أن أكثر من 40% من البيوت السعودية تضم جهازًا واحدًا على الأقل. والجدير بالذكر أن ألعاب البلاي ستيشن لم تعد حكرًا على الصغار، بل صارت هوس الكثير من الشباب، وتعدى ذلك للكبار! والرابح في هذا المجال الشركات المنتجة والمسوقة لهذه الألعاب والبرامج. ومن مضار هذه الألعاب الإلكترونية، أنها تتسبب في عزلة الطفل، بالإضافة إلى أنها تصنع طفلاً عنيفًا؛ وذلك لما تحويه من مشاهد عنف، كما أنها تصنع طفلاً أنانيًا لا يفكر في شيء سوى إشباع حاجته من هذه اللعبة، على عكس الألعاب الشعبية الجماعية، كما أنها قد تعلم الأطفال أمور النصب والاحتيال، فالطفل يحتال على والديه ليقتنص منهما ما يحتاج إليه من أموال للإنفاق على هذه اللعبة. وتؤثر هذه الألعاب سلبًا على صحة الأطفال، إذ يصاب الطفل بضعف النظر نتيجة تعرضه لمجالات الأشعة الكهرومغناطيسية قصيرة التردد المنبعثة من شاشات التلفاز التي يجلس أمامها ساعات طويلة أثناء ممارسته اللعب. وأكدت دراسة نشرت نتائجها مؤخرًا أن ارتفاع حالات البدانة في معظم دول العالم يعود إلى تمضية فترات طويلة أمام التلفاز أو الكمبيوتر. فألعاب الفيديو والكومبيوتر سلاح ذو حدين، فكما أن فيها سلبيات فإنها لا تخلو من الإيجابيات. فلو كان للألعاب الإلكترونية ضوابط رقابية يحرص على تنفيذها بموجب تراخيص نظامية وبإشراف تربوي، لكان لها بعض الإيجابيات، بحيث يستطيع الطفل أن يقضي فيها جزءًا من وقت فراغه دون خوف أو قلق عليه، فيمارس ألعابًا شيقة كالألعاب الرياضية، وألعاب الذاكرة وتنشيط الفكر، وألعاب التفكير الإبداعي. وللأسف، لا توجد بدائل تغني الطفل عن التلفاز وغيره؛ لأن الطفل في مرحلة عمرية يحتاج فيها إلى تنمية مداركه، ولكن علينا أن نوفق بين وسائل الإعلام المرئية وبين وسائل الترفيه الأخرى مثل الألعاب التي تنمّي الخيال والإدراك كالمكعبات وألعاب الرياضة الخفيفة. كل هذه الأشياء إذا حصلت استطعنا أن ننشئ طفلاً اجتماعيًا يتوافق مع نفسه وأسرته ومجتمعه، يستطيع من خلالها أن يعيش حياة مستقرة تنعكس على تكيفه مع الحياة بصفة عامة.