شدد الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار على أهمية التعريف بالتراث الوطني وبمشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري للمملكة بوصفه مشروعاً تاريخياً وطنياً مهماً، يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في برامج ومشاريع التراث. مشروع وطني وعبر سموه عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- على موافقته على إقامة الملتقى التعريفي بمشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري في جامعات المملكة برعاية أمراء المناطق بدءًا من جامعة الملك سعود، وقال -خلال ملتقى مشروع الملك عبدالله للتراث الحضاري للمملكة والمعرض المصاحب له الذي نظمته جامعة الملك سعود في مقرها بالرياض، بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، والذي افتتحه الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، رئيس مجلس التنمية السياحية في المنطقة امس الاول-: "انطلق أكبر وأهم مشروع وطني صنعه حكيم العرب قائد الأمة، فهذا المشروع يهدف في الأساس إلى استعادة الوعي للمواطنين وخاصة أجيال الشباب بتراث بلادهم وربطهم بتاريخ المملكة، التي هي بلد الإسلام قبل كل شيء واعتزاز أهلها بأنهم يقطنون بلد الحرمين ويخدمونها". عبر تاريخية وأضاف: "الإسلام نشأ في أرض لها تاريخ وفيها عبر تاريخية ونشأ فيها هذا الدين العظيم الذي هو المكون الأساسي لنا، وانطلق شامخاً على أكتاف هذه الحضارات العظيمة المتعاقبة عبر أرض الجزيرة العربية، التي نرى شواهدها اليوم عبر المستكشفات الأثرية وقصص التاريخ لبلد تقاطعت فيها طرق التجارة وحضارات العالم، وما زالت فيها الأحداث السياسية والاقتصادية الكبيرة، فمن الطبيعي أن ينطلق هذا المشروع بعد أن أخذنا من الوقت ما يكفي لنهيئ لهذا المشروع ونهيئ لاستيعابه، ونتأكد من أن جميع مسارات المشروع متوافقة مع عقيدتنا قبل كل شيء، وأن الجميع متفق على كل المسارات قبل أن نرفع به إلى رجل بمكانة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي وافق عليه بشكل سريع وتبناه ثقة في المؤسسات التي تعمل عليه ومنها الهيئة العامة للسياحة والآثار، وثقة أن هذا المشروع أخذ حقه من الترتيب والتنظيم"، وأعرب عن تقديره لجامعة الملك سعود ومديرها لاحتضان الجامعة للملتقى التعريفي الأول بتراث المملكة ومشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري، وقال "نحن نعتز أن ينطلق هذا المشروع من جامعة المملكة الأولى وهي جامعة الملك سعود، هذه الجامعة التي نعتز بشراكتنا معها وبما قامت به من خدمة لآثارنا خلال الأربعين عاماً الماضية، فهي تعمل معنا في عدد من المسارات ليس في الآثار بل مسارات متعددة تصب في مصلحة المواطن"، وأوضح الأمير سلطان بن سلمان أن الملتقى يهدف للتعريف بمبادرة تاريخية باسم قائد ورائد تاريخي وهي مبادرة وطنية. تحقيق المواطنة وقال: إن من يعتقد أن هذه المبادرة هي مسؤولية جهة حكومية فهو مخطئ، لانها مبادرة مهداة لكل مواطن كبيراً كان أو صغيراً، وعليه دور في التفكير في استعادة هذا التاريخ المجيد وإخراج التاريخ ليعيشه الشباب والأطفال وينطلقون لمستقبلهم من قاعدة صلبة بأنهم يأتون من بلد الإسلام والحضارات وبلد الخير والمبادرات ووطن كل يتمنى أن ينتمي له، لذلك المشروع يهدف أن يقدم للمواطن مساراً من المسارات المهمة لتحقيق المواطنة التي تأتي من معرفة المواطن بوطنه وتاريخه ومكتسباته ومكتسبات الوحدة الوطنية والتحديات التي يمر بها، وبعد المواطنة تأتي الوطنية، لذلك هذا المشروع مشروع تاريخي بقامة وطن وقائد وطن في مرحلة مهمة ومفصلية، وهو مشروع مستقبلي وتنموي كما هو مشروع للتاريخ موجه للوحدة الوطنية وتعزيز هذه الوحدة التي لا يمكن أن يزايد أحد على منجزاتها ونحن نعيش في خضم أحداث خطيرة تلف الدول المحيطة بنا". وأضاف: "نريد أن نقول -وإن كنا قبل كل شيء بلاد الإسلام والعقيدة قولاً وعملاً ومنهجاً ودستورا- نحن بلاد الاقتصاد الكبير ضمن الدول العشرين وبلاد السياسة والحوار بين الحضارات والأديان، ونحن كمسلمين يجب أن نفتح الحوار بين الأديان، ونقف شامخين قادرين على الحوار منطلقين من هذا الدين العظيم وهذه الرسالة التي أطلقها قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-، حيث رأى أن المستقبل لمن يقف قادراً على الحوار وفتح الأبواب والنوافذ ولا يخشى أحد". وأضاف: "نريد أن تكون قصص هذا الوطن معاشة لا نريدها حكراً على الكتب، نريد الصغار والشباب من خلال المشاريع والمبادرات التي سنطلقها هذا العام أن يروا أين حدث التاريخ من خلال المواقع، فنحن أولى أن نهنئ وننظم مواقع التاريخ الإسلامي لأن تعرض تاريخ هذا الإسلام المجيد، فلا يعقل أن يبقى المواطن معزولاً عن تاريخ بلده أو أن يكتفي بقراءة كتاب عنه، نحن نريد أن يأتي التاريخ إلى المواطن وأن يفتح أبوابه وقلبه للمواطن من خلال هذا المشروع، وكما قال سيدي سمو ولي العهد إن كل أسرة وقبيلة ومنطقة أسهمت في بناء هذا البلد". إنجاز تاريخي وأكد الأمير سلطان بن سلمان أنه استشعر كلمة خادم الحرمين الشريفين عند افتتاحه أحد المشاريع حينما قال "في بالي أكثر من ذلك بكثير وسترون ذلك في المستقبل"، ونحن نرى أن هذا المشروع من المشاريع التاريخية التي وعد بها -حفظه الله- وسنراها تنفذ على أرض الواقع، مبيناً أن رئيسة منظمة اليونسكو قد أكدت له أن ما يحدث في أرض المملكة تحت مظلة هذا المشروع هو إنجاز حضاري وتاريخي على مستوى العالم. ثقافة وحضارة من جهته أكد الأمير تركي بن عبدالله بن عبد العزيز اهتمام المملكة بالتراث الوطني، وقال سموه: "يطيب لي أن أرحب بكم في حفل افتتاح ملتقى التراث الحضاري الذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والآثار وجامعة الملك سعود في شراكة علمية تجسد مدى التعاون القائم بين قطاعات الدولة، وتحتضنه الرياض التي تزخر ومحافظاتها بالمواقع الأثرية والتراثية". وأوضح أن قرار مجلس الوزراء بالموافقة على مشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري للمملكة يؤكد اهتمام حكومة المملكة بالمحافظة على التراث الثقافي الوطني وتنميته والتوعية والتعريف به محليا ودوليا، وإبراز البعد الحضاري للمملكة عبر برامج ومشروعات تستهدف التوعية والتعريف بالتراث الوطني وحمايته وتأهيله، وأضاف: "بلادنا -بحمد الله- تزخر بالعديد من المواقع الأثرية والتراثية التي تؤكد مشاركة إنسان الجزيرة العربية في بناء الثقافة والحضارة الإنسانية، وانفتاحه على الحضارات الأخرى وصلاته الحضارية ودوره في حركة التجارة بين قارات العالم عبر جميع العصور، ويؤكد ذلك تسجيل مدائن صالح والدرعية التاريخية وجدة التاريخية في قائمة التراث العالمي باليونسكو، وهو اعتراف دولي وتأكيد بالقيمة التاريخية والتراثية الكبيرة لهذه المواقع لتكون مصدر إشعاع حضاري وسياحي على مستوى العالم". متاحف متخصصة وأشار إلى أن اللجنة التنفيذية العليا لتطوير الدرعية أولت اهتماما كبيرا لعمليات التطوير التي تشهدها الدرعية من خلال تأهيل حي طريف وإنشاء مجموعة من المتاحف المتخصصة التي تقدم التاريخ وفق المستوى الذي يستحقه، وبما ينسجم مع تسجيل الدرعية ضمن قائمة التراث العالمي، وقال: إن المواقع التراثية والأثرية الأخرى التي تحويها محافظات منطقة الرياض تحظى بذات الاهتمام والعناية والتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار وبتوجيه من الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة، التي سخرت جهودها وإمكاناتها للمحافظة على تراثنا وآثارنا وتنميته وتأهيله، وأشار سموه إلى أن لكل أمة آثاراً وتراثاً تعتز وتفخر به، ونحن -بحمد الله- نعتز ونفتخر بآثارنا وتراثنا الذي يجسد هويتنا الحضارية والثقافية، فعلينا أن نسعى جميعا للمحافظة عليه. دائرة أوسع الى ذلك أكد وزير الثقافة والإعلام المكلف الدكتور بندر بن محمد حجار أن الوزارة منذ توقيعها مذكرة التعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار منذ عدة سنوات وهي تسعى نحو الهدف السامي الذي حددته الهيئة وهو الخروج بالآثار والتراث من دائرة النخب والمختصين إلى دائرة أوسع وأشمل، بحيث تستوعب المواطنين والزوار، وقال: إن الوزارة بكل إداراتها والهيئات التي تعمل معها تدرج ضمن خططها المستقبلية وضمن دوراتها برامج متنوعة عن مشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري للمملكة وهو أمر يدخل ضمن الشراكة بين الوزارة والهيئة، إثر ذلك شاهدوا فيلماً وثائقياً عن مشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري. مكانة كبيرة على صعيد آخر، قال مدير جامعة الملك سعود الدكتور بدران بن عبدالرحمن: إن هذا الملتقى تنطلق أهميته من المكانة الكبيرة للمملكة العربية السعودية على كل المستويات، الأمر الذي يستدعي ظهورها بسمات تمثل هويتها الأصلية وتراثها العريق وأثرها الممتد عبر التاريخ، مع المحافظة على هذه الهوية دون مس أو دمج للثقافات الأخرى. وبين أن مهمة التوثيق ليست حصراً على الجهات العلمية فحسب، بل هي مسؤولية مشتركة بينها وبين الأفراد الغيورين على تراث وطنهم وتاريخه وحضارته الذي يتمثل جزء منه في الآثار، مثمناً جهود الهيئة العامة للسياحة والآثار في تسجيل ثلاثة مواقع تاريخية في منظمة اليونيسكو وهي مدائن صالح، والدرعية التاريخية، وجدة التاريخية. وأضاف: إن تأسيس كرسي بحث جديد متخصص في التراثِ الحضاريِّ للمملكةِ بتمويل كامل من الجامعة، كان الدافع الأبرز إليه تبني خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود "مشروعَ الملكِ عبدالله للعنايةِ بالتراثِ الحضاريِّ للمملكة"، الأمرُ الذي حملَ الجامعةَ إلى التقدمِ بخطوة نوعية في عنايتِها المستمرةِ بقطاعِ الآثارِ وعملِها المشتركِ مع الهيئةِ، وهي خطوةٌ ذاتُ طابعٍ علميٍّ تضمنُ استمرار الدراساتِ والبحوثِ العلميةِ في هذا المجالِ لمواصلةِ تعزيزِ المحافظةِ على تراثِ بلادِنا، وإبرازِهِ بوصفِهِ هُوية وطنية. تكريم اللجنة وفي ختام الحفل، كرم الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، والأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، أعضاء اللجنة المشكلة بالأمر السامي لدراسة المقترح "مشروع الملك عبد الله للعناية بالتراث الحضاري للمملكة"، كما كرم الأمير سلطان بن سلمان شخصيات الملتقى وهم الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز، ووزير الثقافة والإعلام المكلف ومدير جامعة الملك سعود. الأمير سلطان بن سلمان والأمير تركي بن عبدالله يفتتحان المعرض المصاحب .. ويستمعان لشرح عن محتويات المعرض تفاعل ومتابعة لمحاور الجلسات حضور كبير لجلسات الملتقى أمس