دخلت المحادثات بين ايران والقوى العظمى، الأربعاء، في التفاصيل، في اليوم الثاني من اجتماع اللحظة الاخيرة في فيينا؛ بغية التوصل الى اتفاق تاريخي حول البرنامج النووي الإيراني. وسيلتقي دبلوماسيو مجموعة خمسة زائد واحد التي تضم الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والمانيا مع دبلوماسيي الجمهورية الاسلامية للمرة الأولى، في جلسة موسعة بعد محادثات ثنائية جرت الثلاثاء، وأمامهم حتى الرابع والعشرين من نوفمبر للتوصل الى اتفاق. والخلاف على الملف النووي الإيراني تسبب بتوترات ذهبت الى حد توجيه تهديدات بالحرب يغذيها - خصوصا - خوف تثيره إيران نووية. وترغب ايران في رفع العقوبات الشديدة التي تخنق اقتصادها، فيما تطالب الدول الكبرى بأن تحد طهران من قدراتها النووية بشكل يجعل الخيار العسكري امرا مستحيلا. والمفاوضات بالغة التعقيد، ما يثير شكوكا حول نتيجتها بعد سنة من الحوار المكثف. وقال المفاوض الروسي سيرغي ريابكوف ليل الثلاثاء الاربعاء: ان كل شيء رهن "بقرارات سياسية" من جانب كل الاطراف. ونقلت وكالة ريا نوفوستي عنه القول: "نحن على بعد خطوة او حتى نصف خطوة من تسوية". ولدى وصوله الى العاصمة النمساوية، وعد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ب"بذل جهود حتى اليوم الأخير"، واعتبر التوصل الى اتفاق امرا "ممكنا"، لكنه حذر محادثيه من طرح "مطالب مبالغ فيها". ودعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري من جانبه طهران الى بذل "كل الجهود الممكنة". وقد قرر وزير الخارجية الأميركي تأجيل توجهه إلى فيينا، حيث كان ينتظر وصوله في منتصف الاسبوع على غرار الوزراء الآخرين في مجموعة خمسة زائد واحد، بعد الاجتماعات الاولى التي عقدها الدبلوماسيون تحت اشراف وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي السابقة كاثرين اشتون، التي احتفظت بالمسؤولية عن هذا الملف. وصرحت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جنيفر بساكي "انه سيبقى في لندن الأربعاء لمتابعة المشاورات مع فريق المفاوضين" في فيينا، ومع الادارة في واشنطن، بحسب ما اعلنت المتحدثة باسم وزارته جنيفر بساكي في بيان. لقاء الفيصل وأضافت: إن كيري "سيتوجه صباح الخميس الى باريس لإجراء اجتماعات منفصلة مع وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل، ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، تتعلق بالمفاوضات حول الملف النووي الإيراني". وخلصت الى القول: "انه سيتوجه الى فيينا في وقت لاحق هذا الاسبوع، لكننا لم نحدد بعد التاريخ"، بدون مزيد من التوضيحات. وقد اتسمت التصريحات في الأيام الأخيرة بالحذر من جانب كل الأطراف. وقال مصدر اميركي: "ما زالت هناك هوة يجب ردمها، ولا نعلم بعد ان كنا سنتمكن من تحقيق ذلك". تقليص قدرات ومن المفترض ان يبت المفاوضون في مسألة قدرات تخصيب اليورانيوم التي يمكن ان تحتفظ بها ايران بعد التوصل الى اتفاق، علما بأن طهران تستخدم آلافا من اجهزة الطرد المركزي القادرة على انتاج المادة الاولى لصنع القنبلة الذرية. وشدد مصدر غربي آخر على ان ايران "يجب ان توافق على تقليص القدرات الحالية بشكل كبير"، على ان تستفيد بعد ذلك من "تعاون حول النووي المدني". كذلك فإن مفاعل المياه الثقيلة في اراك، وهو منشأة يمكن ان تنتج البلوتونيوم - وهي مادة اخرى يمكن استخدامها لصنع السلاح النووي - يعتبر من المسائل الاخرى المطروحة للمناقشة، الى جانب نظام التفتيش المفترض ان تقوم به الأممالمتحدة، وتخضع له ايران بعد التوصل الى اتفاق، وكذلك وتيرة رفع العقوبات. وحول هذه النقطة الاخيرة، أخذ مصدر غربي على ايران انها "تريد كل شيء على الفور، وهذا امر غير واقعي". تطبيع علاقات ومن شأن اي اتفاق محتمل ان يفتح الطريق امام تطبيع العلاقات بين ايران والغرب، وامام امكانية التعاون خاصة مع واشنطن لمواجهة الازمات في العراق وسوريا. ويعتبر محللون انه سيخفف ايضا من خطر الانتشار النووي في منطقة الشرق الأوسط. حتى ان آخرين يعتقدون انه في حال اعادة اندماج ايران في اللعبة الدولية فذلك سيزيد من قلق جيرانها. وسيسمح التوصل الى اتفاق ايضا لإيران بإعادة اطلاق برنامجها. والرهان هام للغاية لدرجة دفعت واشنطن وموسكو الى طرح خلافاتهما حول النزاع الاوكراني جانبا للعمل على هذا الملف. اتفاق مرحلي لكن عددا من المراقبين لا يتوقعون التوصل الى اتفاق نهائي في المهلة المحددة في الرابع والعشرين من نوفمبر، بل هم يرون ان الأكثر ترجيحا ان تتوصل ايران ومجموعة الدول الست الى "اتفاق مرحلي" يسمح بتمديد المحادثات، كما حصل في يوليو الماضي. لكن هذه الصيغة ستكون محفوفة بمخاطر جمة، وستطلق العنان لانتقادات الصقور لدى كل من الطرفين. وقال المحلل كيلسي دافنبورت من مؤسسة مراقبة الاسلحة: انه "سيكون امرا لا معنى له تفويت هذه الفرصة التاريخية" في التوصل الى اتفاق، "نظرا الى كل الرأسمال السياسي المستثمر" من جانب كل الاطراف في المفاوضات.