بعد حادثة الأحساء الإجرامية التي فجعت المجتمع السعودي يفتح «الجسر الثقافي» نافذة ليتحدث الأدباء والمثقفون السعوديون من خلالها عن الدور المأمول من المثقف والثقافة في مواجهة الإرهاب والتطرف، ونشر ثقافة التسامح فاجعة للجميع في البدء يتوجه الشاعر علي الدميني برسالة موجزة يقول فيها: على المثقف أن يتحسس رقبته أولا، فهذه الفاجعة تعنينا جميعا وتترصدنا جميعاً وطنا وشعبا، وعلينا أن نكرس جهودنا لمحاربة الثقافة الحاضنة لهذا الإرهاب الفكري وسن القوانين التي تجرم من يذهب إلى طريقه أو يحرض عليه في الانترنت وفي الفضائيات، نحن شعب واحد نحتكم إلى حقوق المواطنة وواجباتها. أما القاص جبير المليحان فقد أجاب بمشاركة تؤكد على أن دور المثقف المطالبة دون كلل بسن قوانين تجرم الإرهاب والتمييز بين المواطنين. سلاح القلم رئيس نادي الدمام الأدبي خليل الفزيع رأى أن دور الثقافة والإعلام في محاربة الإرهاب دور مفصلي وهام، وعليه ترتكز كل الجهود المبذولة لمحاربة الإرهاب، وأي جهود تبذل يظل تأثيرها محدودا ما لم تدعم بجهد ثقافي وإعلامي مميز وفاعل يقوم على أساس مهني واحترافي وعلمي. ويضيف: إذا عرفنا أن الإرهاب يلبس أكثر من رداء، ويحمل أكثر من عنوان، كالإرهاب الفكري والإرهاب المذهبي والإرهاب النفسي، وجميع هذه الأنواع من الإرهاب لا تقل خطورة عن الإرهاب المسلح، فيمكن للمثقفين والأدباء التصدي لجميع أنواع الإرهاب والمساهمة الفعالة في تجفيف منابعه عن طريق التوعية بمخاطره خاصة بعد اتساع أفق التواصل الاجتماعي. أعداء القيم ورأى القاص والأديب جمعان الكرت الغامدي أنّ على جميع شرائح المجتمع مواجهة الإرهاب والتطرف، والتصدي لأخطارهما، إلا أن المسؤولية تتضاعف على المثقف لكونه يمتلك وعياً معمقاً وفهماً واسعاً لمجريات الحياة الاجتماعية والسياسية، ويأتي دوره في فضح وجه التطرف القبيح وإبراز مخاطره. وأضاف: لقد خرج علينا عدد من الشباب الذين يحملون أفكاراً تحارب المجتمع وتعادي القيم الانسانية النبيلة وتسعى لتفكيك اللحمة الوطنية، وهؤلاء تشربوا الكثير من الأفكار الهدامة وإذا لم يواجه الفكر المختل بالفكر الصحيح فسوف تتسع الفجوة ويتناسل المتطرفون من كل حدب وصوب، وهنا يأتي دور المثقفين والإعلاميين والتربويين كل بحسب تخصصه، فالمثقف يستثمر المنتديات والمنابر ليوضح سوءات الارهاب ووجهه القاتم، فضلا عن التأليف في مجال المسرح والقصة والشعر واستثمار كل نافذة ثقافية، أما الإعلامي فمن خلال الكلمة الصادقة والمنبر الشريف، وللتربوي دور هام في توعية الناشئة ومتى تضافرت الجهود فسوف تتقلص الفجوة ويعيش المجتمع سليماً معافى. وعي اللحظة ويقول القاص محمد الراشدي: لنتفق أولا أن حادثة الأحساء ونظيراتها من الحوادث في غرضها البعيد لا تتقصد هذه الطائفة أو تلك، وإنما هي تستثمر الظرف التاريخي المعاصر في اللعب بكل الأوراق بغية ضرب الكل بالكل وصولا إلى الفوضى الشاملة والاحتراب الذي لا يذر فردا ولا طائفة، وبالتالي فإن كانت الحادثة اتخذت اتجاها ما اليوم فمن الوارد جدا أن تتخذ مسارا معاكسا في الغد، وهكذا حتى تدرك غاياتها. ويضيف: إن دور المثقف في مثل هذه النوازل أن يتخطى بوعيه اللحظة وتداعياتها إلى المصالح الكبرى التي لا تختص بطائفة دون أخرى لكنها تشمل الرقعة كلها والوطن على اختلاف تكويناته. ولعل أهم غايات المثقف تجاه وضع كهذا أن ينجو بخطابه عن مزالق التحريض، وتشنج السجالات القديمة، وصولا إلى خطاب تصالحي توافقي من شأنه أن يكون دعامة للتعايش السليم الذي احتفظ بصلابته طوال عقود مضت، وأثبتت الحادثة الأخيرة أنه مازال منيعا بما يكفي لذود كل من يروم له السوء. مسؤولية الجميع الكاتب حمد الرشيدي رأى أن الإرهاب « لادين له ولاهوية ولا وطن! انه عمل إجرامي منحرف ومنبوذ من كافة المجتمعات الدولية سواء أكانت مسلمة أو غير مسلمة! وأضاف: علينا -جميعا- سواء كنا مثقفين أو من عامة الناس أن نقف صفا واحدا ونتكاتف لمحاربة الفكر المتطرف بكافة أشكاله وأساليبه ونبذه من حياتنا ونحل محله ثقافة التسامح والتعامل مع أنفسنا ومع غيرنا (بالتي هي أحسن) والحوار الهادف إلى المصلحة العامة لنا ولبلادنا. نحن جميعا مسؤولون أمام الله تعالى وأمام أنفسنا عن أمن وطننا وترابه وشعبه، مسؤولية تامة، كما قال الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- في مقولته الشهيرة ( المواطن رجل الأمن الاول). وختم بالقول: كلنا مسؤولون عن حماية وطننا واحترام ترابه وشعبه (المثقف، الكاتب، الصحفي، الإعلامي، المعلم، موظفو الدولة من مدنيين وعسكريين..الخ) جميعنا من الوطن وإليه! تجفيف المنابع وأكّد الشاعر سعد الغريبي أن المملكة قارة شاسعة بذل المؤسس الملك عبد العزيز -رحمه الله- جهدا خارقا ليلمّ شعثها ووحد بين أطياف مجتمعها وعامل الناس بالتساوي في الحقوق والواجبات ونشر التعليم؛ لأنه السبيل للقضاء على العصبية القبلية والمذهبية. وأضاف: وقد شهدنا تكاتف الشعب السعودي ووقوفهم صفا واحدا في كثير من الحوادث والمناسبات. لقد أراد المعتدون تمزيق وحدة الوطن في حادثة الأحساء ولكن كيدهم عاد في نحرهم، فكان أهل هذه البلاد أكثر توحدا، ولا أدل على ذلك من وقوف الدولة والمجتمع بكل أطيافه ومستوياته يدا واحدة ضد الإرهاب. وختم بالقول: لقد عبر المثقفون عن استنكارهم لهذه الحادثة، لكن الاستنكار لا يكفي، فعلى كل مثقف استغلال المنابر التقنية لتوعية الناس جميعا بخطر هؤلاء. هؤلاء فرقة أعمى الله أبصارهم عن الحق فلا تنفع مخاطبتهم ولا رجاؤهم ولا مناصحتهم، فليوجهوا نصحهم للمواطنين العقلاء بألا يلتفتوا لكل ناعق ولا لكل من يريد تشتيت وحدة الوطن. اختبار للعقل الروائي عبدالحليم البراك، عضو مجلس إدارة نادي القصيم الأدبي قال: الحدث الارهابي في اختبار حقيقي لعقلاء الوطنية في بلدنا، فثمة قلة قليلة اعتدت على أبناء الوطن لزرع فتيل الفتنة، فالخيارات أمامنا قليلة للغاية، أن نكون في صف الوطن واللحمة الوطنية ودم الإنسان المحرم على المسلم سفكه، أو أن نقع في مزلق الطائفية التي لا نجاة منها إن ولغت أيدينا فيها. وختم قائلا: إن قانون لكل فعل ردة فعل يجب أن يبطله العقلاء بفعل عدم اتاحة الفرصة للاصطياد في الماء العكر، ورغم أن ماء الوطن صافٍ لن تعكره رصاصة خائنة فإننا نثق بأننا سنقف -بفضل دروس الدول المنكوبة بالجوار- في وجه هذه الفتنة الساقطة وإلا سقطنا معها.