فقط عندما يفكر أحدهم أن «التخفيض الكوري» قد يكون شيئا من الماضي، يذكرنا الملياردير تشانج مونج كوو من كوريا الجنوبية السبب في أن الاقتصاد رقم 4 في آسيا لا يزال يعاني من مثل تلك التقييمات الرخيصة. يتم التداول عادة بالأسهم الكورية الجنوبية بمضاعِفات أقل في نسبة سعر السهم إلى الربح من نظرائها، وذلك بفضل النموذج الاقتصادي الذي تسيطر عليه تكتلات عائلية أو ما يدعى (تشايبول). تلك المشاريع مترامية الاطراف تقوم منذ فترة طويلة بتمرير ونقل السلطة لأولادها، وهي تتمتع بروابط حكومية وتستخدم أصول الشركات لإثراء أصدقائهم المقربين بدلا من أصحاب الأسهم. منذ تولي المنصب في فبراير 2013، تعهدت الرئيسة بارك جيون هاي بتخفيف أثر وعدم شفافية تلك التكتلات (التشايبول). في أغسطس الماضي، أطلقت رصاصة مدوية باقتراحها فرض ضريبة على الشركات التي تكنز النقدية، وكانت حجتها: لماذا نسمح لأصحاب المليارات الاحتكاريين باكتناز غنائم يمكن استغلالها بشكل أفضل في استثمارات جديدة ودفع أجور أعلى للعمال؟ فقط بعد مرور شهر واحد بالكاد، أبدى تشانج، رئيس مجلس إدارة شركة هيونداي موتورز، ازدراءه علنا بكلام بارك من خلال قيامه بإنفاق 10 مليارات دولار (ثلاثة أضعاف القيمة التقديرية) لشراء أرض ليتم بناء مقر جديد للشركة، وفندق، ومركز مؤتمرات، ومتحف سيارات. تلك الصفقة كانت مفرطة حتى بمقاييس التشايبول. في الحادي والثلاثين من أكتوبر، قالت شركة «صناديق سكاجين»، صاحبة أكبر حصة من أسهم هونداي، في مقابلة مع تلفزيون بلومبيرج، إن الصفقة كانت «إحراجا». أما ثورة المساهمين، التي بدأت هذا الاسبوع بعد تغريم الولاياتالمتحدة لشركتي هيونداي وكيا بسبب مبالغتهما بمقاييس الاقتصاد في الوقود لبعض أنواع السيارات، فإنها كلفت شركة هيونداي مرتبتها الثانية بين شركات التشايبول بعد شركة سامسونج، وأصبحت الان بالمرتبة الثالثة بعد شركة اس كيه هاينكس. إذا كان هنالك مغزى لكل هذا فهو أن رد فعل السوق العنيف قد يردع تشانج وأصحاب تلك التكتلات من المضي قدما. حتى أن شركة سامسونج العملاقة يبدو أنها قد لاحظت ذلك. بعد يوم واحد من اعلان شركة سامسونج للإلكترونيات عن هبوط نسبته 49 بالمائة في دخلها الصافي، قالت إدارة الشركة إنها سوف تقوم باعادة هيكلة للشركة على نحو يراعي مصالح أصحاب الأسهم. على الرئيسة بارك انتهاز تلك الفرصة. إن أحداث الاقتصاد العالمي تضفي طابعا من الاستعجال: وابل الحوافز المقدمة من البنك المركزي الياباني في الفترة الأخيرة، والتي سببت انخفاضا حادا لليَن، تهدد بضربة قوية لشركات التصدير الكورية. هذا هو الوقت المناسب لبارك للمضي قدما بفرض رسوم 10 في المائة على التخزين المفرط للنقدية وكذلك الأمور التنظيمية الأخرى. مع ذلك، على الرئيسة الذهاب لما هو أبعد من ذلك. كما نشرت صحيفة كوريا تايمز في عددها الصادر في الثالث من نوفمبر: «يحتاج اقتصاد كوريا لعملية تحول أخرى كتلك التي قامت بها أثناء مواجهة المنعطفات الرئيسة الماضية». هذا يعني «زيادة التركيز على البحوث وتطوير قطاع الخدمات وتوسيع الأسواق المحلية». بينما تكلمت بارك قليلا حول تحويل كوريا إلى قوة اقتصادية مبدعة، إلا أنها حتى الآن لم تقم بما يكفي لتنفيذ رؤيتها. حتى نكون عادلين، تعرضت بارك للتشتت بسبب استفزازات كوريا الشمالية وجهود التحفيز قصيرة الأمد وسط نمو عالمي فاتر. لكن المشكلة الحقيقية هي غياب الاستراتيجية الواضحة. لا تستطيع الرئيسة فقط أن توجه الأمر لشعب تعداده 50 مليون نسمة بأن يكون أكثر ابداعا. هذا يتطلب دعما حكوميا جديدا للشركات الناشئة، وحوافز ضريبية للشركات الصغيرة، إلى جانب التدريب الجديد، ومنهاج تربوي يدعم التفكير الناقد، بالإضافة إلى انفتاح أكبر نحو الاستثمارات الأجنبية عبر الصناعات. ومن حيث التعامل مع التكتلات بصورة خاصة، يستطيع المساهمون أن يكونوا من الحلفاء. ينبغي على بارك أن تستفيد من أصواتهم لمصلحتها، بحيث تعمل على حض الشركات على إعطاء مساهمي الأقلية صوتا أكبر وتنهي عملية شراء الأسهم بالتبادل عبر الشركات الأخرى الصديقة. بل إن الرئيسة تستطيع أيضاً استخدام منصب الرئاسة لكشف وفضح الشركات العملاقة التي تنقل الزعامة من جيل إلى آخر من الأبناء والأحفاد وتعتبره نوعاً من حق الولادة لإتلاف الثروة. ومن الأمثلة على ذلك وريث سامسونج لي جاي يونج، الذي يستعد لتسلم مقاليد السلطة من والده، حتى في الوقت الذي تتراجع فيه الأرباح وتكافح الشركة من أجل تطوير منتجها الذي غير العالم. المساهمون الكوريون الذين مضى عليهم وقت طويل لديهم أسباب كثيرة للتشكك في نية الإصلاح. فقد وعدت سيؤول بإصلاح تكتلات التشايبول منذ الأزمة المالية الآسيوية لعام 1997، ومع ذلك لا تزال هناك 5 أسماء تهيمن على سماء المدينة. لكن بشيء من الجرأة من جانب بارك، يمكن للأحداث الأخيرة أن تكون عاملاً مساعداً في التغيير. أثبتت كوريا مرة بعد أخرى أنها تستطيع تحمل واجتياز وحتى الازدهار وسط التحديات الوجودية لاقتصادها ونظامها السياسي. الإحساس بوجود أزمة في سيؤول يمكن أن يعرض لحظة مثالية لرفع مكانة الأمة.