بوجه شاحب وبعيون اغرورقت بالدمع، قالت أميرة عكاري زوجة الشهيد إبراهيم عكاري: "كان زوجي يحب المسجد الأقصى المبارك ليس كأي شاب فلسطيني، بل كان يصر على الصلاة الدائمة فيه.. خاصة الفجر والعشاء، وقد استشهد من أجله ومن أجل شدة تعلقه به، فلم يتوقع ما شاهده من استفزاز لمشاعر كل مسلم، عندما رأى كيف تنتهك قوات الاحتلال الاسرائيلية حرمته وتقتحمه مع المستوطنين وتدنسه بنعالها ونارها". وعن ظروف استشهاد إبراهيم عكاري، 37 عاما، قالت: "لقد شعر زوجي بالاستفزاز صباح الأربعاء (الماضي) عندما شاهد عبر نشرات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي ومقاطع الفيديو المستوطنين داخل المسجد الأقصى يرقصون، والقوات الاسرائيلية تقتحم المسجد القبلي وتعتدي بالضرب على النساء وتحرق السجاد وسدة المؤذنين داخله". وأضافت: يومها أدى إبراهيم صلاة الفجر في المسجد الاقصى المبارك وعاد للمنزل، أتم جزءا من القرآن الكريم كعادته، وصلى الضحى ونام، وعند الساعة التاسعة استيقظ وشاهد ما جرى بالمسجد الأقصى، وتألم وشعر بالضيق؛ فهو شديد التأثر بما يجري (يأكل نفسه)، وخرج من المنزل بعد أن أدى صلاة الظهر إلى عمله كمندوب مبيعات متجول في القدس. وأوضحت أن زوجها إبراهيم لم يكن ينتمي لأي فصيل سياسي، وكان متعلقا دوما بحال فلسطينوالقدس والمسجد الأقصى المبارك، معبرة عن حزنها الشديد كون الشهيد إبراهيم لم يودعها قبل استشهاده، ولدى الشهيد 5 أولاد أكبرهم ابنة عمرها 13 عاما وأصغرهم نور 4 سنوات. وعبرت عن فخرها واعتزازها بما قام به الشهيد إبراهيم، وقالت: هو شرف لكل فلسطيني، ولن يقف الأمر عنده إذا لم يتوقف الاحتلال الاسرائيلي عن انتهاك حق المسلمين بالمسجد الأقصى. أما عن اغتيال زوجها وقتله بدم بارد من مسافة الصفر، فقالت أميرة: "زوجي إبراهيم لم يتم قتله فقط بالرصاص الحي، بل تم خنقه بسوار بلاستيكي بعد إطلاق النار عليه، وكان ذلك واضحا جدا على عنقه". وأضافت: "لقد فوجئنا لدى توجهنا للمقبرة لاستلام جثمان زوجي ودفنه يوم استشهاده، الأربعاء، بقوات كبيرة منتشرة بالمكان، وقامت بإطلاق قنابل الغاز والمياه العادمة والعيارات المطاطية على الشبان لتفريقهم، فأصبنا بالاختناق من شدة رائحة الغاز المسيل للدموع، وقامت القوات باستفزازنا من خلال قيودها واشتراطها مشاركة 35 شخصا في تشييعه تحت حراسة شرطية مشددة، دون السماح لكافة أفراد عائلته بالمشاركة، وقبل دفنه أصر شقيقه على توديعه ثم أديت صلاة الجنازة عليه ووري جثمانه الثرى بمقبرة باب الرحمة في باب الأسباط. وأوضحت أميرة أن القوات الاسرائيلية قامت باقتحام المنزل بعد دفنه في الساعة الثانية والنصف.. سمعت طائرة مروحية تحلق فوق المنزل ثم اصوات الجنود يحاصرون المنزل، وقبل أن نقوم بفتح الباب قاموا بخلعه واقتحامه برفقة الكلاب البوليسية، وتسليط الأضواء على كافة الموجودين بالمنزل، ثم احتجزونا في غرفة ومنعونا من التحرك، وقاموا بتفتيش المنزل وتخريب محتوياته وفراشه وملابسه، وصوره بعثروها بالأرض وصادروا بوسترات تحمل صوره. وأشارت الزوجة الى أنه رغم أن زوجها أصغر إخوته وأخواته، إلا أنه كان يهتم بجميع أفراد عائلته وخاصة شقيقه موسى أثناء اعتقاله لمدة 19 عاما، قبل الإفراج عنه بصفقة وفاء الأحرار وإبعاده إلى تركيا. وقد توفيت والدة ابراهيم منذ نحو 8 سنوات. ولفتت أميرة إلى أن زوجها إبراهيم شجعها على التعلم في جامعة القدس المفتوحة قبل عامين، وكان يقول لها: يجب أن تتعلمي من أجل المستقبل. أما نجله الأكبر حمزة، 11 عاما في الصف السابع، فقال: والدي استشهد من أجل المسجد الأقصى، ووعد مني لجميع المرابطين أن أواصل زيارته وفاء للأقصى ووالدي الذي استشهد من أجله، فالمسجد أولى القبلتين ومسرى نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم). وأضاف: لقد شعرت بالضيق لاستشهاد والدي ولكني مسرور لأنه نال الشهادة، وقد كان والدي يعلمنا حب الأقصى ويصر على ذهابنا إليه كل يوم جمعة لأداء الصلاة فيه، وخاصة عندما كان يسمع أن هناك اعتداء عليه من قبل المستوطنين، ومرات يسمح لنا بالدخول ومرات أخرى نمنع ونصلي في الشارع. وأشار حمزة إلى أنه عندما توجه لوداع والده قبل دفنه، كان مبتسما ورائحته زكية. وقد تجددت فجر أمس الأحد اقتحامات المستوطنين وجنود الاحتلال للمسجد الأقصى المبارك، واستمرت المواجهات في أحياء مقدسية بين رماة الحجارة وجنود الاحتلال. وكشفت الشرطة أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أوعز إلى الجهات الأمنية بفحص إمكانية إعلان "تنظيمين إسلاميين" خارجين على القانون، هما تنظيما "المرابطون" و"المرابطات" في المسجد الأقصى، لأن أعضاءهما يرددون "الله أكبر"، كلما قام اليهود باقتحام المسجد. وقدرت صحيفة يديعوت أن هذين التنظيمين يضمان أكثر من ألف عضو، ويتم تفعيل نشاطهم من قبل "الجناح الشمالي للحركة الإسلامية" في فلسطينالمحتلة عام 1948. في المقابل، كتب دان كوهين تقريرا مفصلا لموقع "ميديل إيست آي" البريطاني حول حركة جبل الهيكل الصهيونية، يستعرض فيه الطبيعة العنصرية للحركة، وممارساتها المتطرفة في مدينة القدسالمحتلة. وقال التقرير: "كل صباح عند باب المغاربة في البلدة القديمة بالقدس، يصطف العديد من السياح واليهود الذين يعتقدون أن ما يفعلونه سيجلب عصراً يهودياً بلا حرب ولا مجاعة. إنهم يفعلون ذلك عبر السير في المنطقة التي تُعرف لدى المسلمين بالمسجد الأقصى أو بالحرم الشريف، ولدى اليهود باسم "جبل الهيكل"، إذ يعتقدون (اليهود) أنه ضم في السابق اثنين من معابدهم القديمة". ويضيف التقرير: إن "يعقوب هاكوهين، وهو إسرائيلي أمريكي المولد، والذي كان قد مُنع من دخول المكان بسبب خطابه التحريضي، وقف على كرسي يطل على الحشد حاملا علما ضخما لإسرائيل. ويُعرف هاكوهين بين اليهود الآخرين بأنه "جاك المجنون"، وهو يدعو الى إبادة المسلمين. ويرى الكاتب أن المجموعة اليمينية المتطرفة التي تضم اليهود القوميين والمتدينين المتطرفين تبدو قادرة على تغيير بعض الحقائق على الأرض، والتي من شأنها تغيير الوضع الراهن، وربما إشعال حرب مقدسة. وعلى مدى السنوات الثلاثين الماضية، انتشرت حركة "جبل الهيكل" التي تطالب بأن يتم فرض السيادة اليهودية على كل المسجد الأقصى الذي يعتبره اليهود أقدس موقع لهم. وينقل التقرير عن تومر بيريسكو، وهو محاضر في الأديان المقارنة بجامعة تل أبيب أنه كتب يقول: "حتى منتصف التسعينيات، كان هناك إجماع كامل بحرمة زيارة "جبل الهيكل".. حتى الآن، معظم الشخصيات الدينية الرئيسية لا تزال تدين بذلك، حركة جبل الهيكل، هي في الأساس حركة مناهضة للتدين اليهودي التقليدي (الأرثوذوكسي)". ومع ذلك، فقد نمت حركة جبل الهيكل من بضع مئات من الناشطين على هامش السياسة في "إسرائيل"، إلى أن أصبحت شديدة التأثير بشكل متزايد، وتمكنت من إدراج مسألة السيادة اليهودية على المسجد الأقصى في الخطاب "الإسرائيلي" العام. وفي الحقيقة، ينص برنامج حزب الليكود الحاكم على ما يلي: "سيعمل الليكود في الفترة المقبلة على إيجاد حل يسمح بحرية العبادة لليهود على "جبل الهيكل"، وبالطبع ستتم معالجة الأمر بالقدر المطلوب من الحساسية". ويستعرض التقرير تاريخ حركة أمناء "جبل الهيكل"، حيث يقول: إنها مظلة لعدة منظمات، وكثير منها تدعمه الدولة "الإسرائيلية" بشكل مباشر أو غير مباشر. والمنظمة الأبرز هي "معهد الهيكل"، وهي التي تدعو لبناء الهيكل الثالث على مجمع المسجد الأقصى، وتكرس جهدها لإزالة "الأضرحة الإسلامية التي وُضعت على الجبل". وقد تأسست المنظمة عام 1983 على يد الحاخام إسرائيل آريئيل، والذي كان عضوا رفيع المستوى في حزب كاخ المتطرف الذي قاده مائير كاهانا والمحظور حاليا. وبحسب تقرير "ميديل إيست آي"، فإن حركة "جبل الهيكل" تحظى أيضا بدعم واسع بين الصهاينة المسيحيين الإنجيليين في الولاياتالمتحدة، والذين الآن يفوقون عدد الصهاينة اليهود بما يقدر ب 10 إلى 1، بقيادة القس جون هاجي، ويؤمنون بأن نبوءة تدمير مواقع الإسلام المقدسة وبناء الهيكل الثالث ستؤدي إلى حرب مروعة من شأنها أن تدفع للمجيء الثاني للمسيح. وهاجي تتبناه رابطة مكافحة التشهير واللجنة الأمريكية "الإسرائيلية" للشؤون العامة (آيباك)، وهما المجموعتان الرئيسيتان الداعمتان ل"إسرائيل" في الولاياتالمتحدة. ويشغل حاليا منصب المدير التنفيذي لحركة "المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل"، وهي لوبي مسيحي مؤيد ل"إسرائيل" يملك قاعدة ربما تفوق ما تملكه آيباك، وأرسلت منظمته العديد من القساوسة لزيارة فلسطينالمحتلة، وينضوي تحتها 1.8 مليون عضو، وفقا لموقعها على الإنترنت.