في ظل حالة الانهيار، وانتشار الفوضى، ومصادرة الأوطان وضياع الهويات، والقتل على الهوية، وبلوغ سطوة الإرهاب مستوى غير مسبوق، في عدد من البلدان العربية، في العراق وسوريا ولبنان واليمن المجاورة، وأرض الكنانة، لم يكن مستغربا ولا مستبعدا، أن تشهد بلادنا بعضا من لهب النيران التي تشتعل قريبا منا. وكما عودتنا الأجهزة الأمنية في بلادنا التي شهد لها الجميع بالجسارة والشجاعة، فقد بقيت متحسبة ويقظة، ومستعدة لمواجهة تطورات الموقف. فقد اكتسبت تجربة طويلة غنية ورائدة، في مواجهة عناصر التطرف، عندما حاولوا اغتيال البهجة والفرحة في بلادنا، فقاموا بعدة عمليات تخريبية، في عدد من المدن الرئيسية بالمملكة. وانتهت تلك المحاولات بالفشل الذريع لمشاريع التدمير والتخريب، حيث نجحت الأجهزة الأمنية، التابعة لوزارة الداخلية نجاحا باهرا ومبرما في القضاء على هذه الظاهرة، عادت البهجة مجددا تطبع وجوه أطفالنا وشيوخنا. وليبقى هذا البلد، الذي أعزه وكرمه الخالق، حراما على التخريب. مجددا طرق الإرهاب أبوابنا، في ليلة العاشر من محرم، فقاموا بمحاولة يائسة لاختطاف الأمن والأمل والتنمية والبناء والرخاء في بلادنا العزيزة. وارتكب الجناة جريمة منكرة وغادرة، بحق أهلنا ببلدة الدالوة، في محافظة الاحساء، ذهب ضحيتها خمسة من الشهداء، نحتسبهم عند الله، وعدد من الجرحى. ومرة أخرى، استنفرت الأجهزة الأمنية، ولم تمض سوى ساعات قليلة على ارتكاب الجريمة، إلا والجناة في قبضة الأمن. وكان لتعاون المواطنين، ويقظة هذه الأجهزة الدور الأساس، في القبض على الجناة، في فترة قصيرة، بكل المقاييس. استهدف الجناة بجريمتهم الماكرة، تعكير الأمن وحالة الاستقرار التي تنعم بها بلادنا الحبيبة. كما استهدفوا ضرب حالة الانسجام والتآلف بين أبناء بلد واحد، يربطهم دين ودم وأواصر قربي ووطن. وكان التعدد والتنوع الفكري والعقدي، والتفاعل الخلاق والمبدع بين مكوناتها، هو سر ثرائها وخصبها. ولكن خاب مقصدهم، فقد عبر الوطن كله، في جميع مناطقه عن غضبه وسخطه، واستنكر الجريمة البشعة، وطالب بالقصاص من القتلة الجناة، وسقطت رهانات المخربين. لقد أكدت قيادة خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله -، أن التعامل مع المواطنين في هذا الوطن الكبير، يتم بميزان واحد، وكفة واحدة. وألا تسامح مع من يحاول العبث بأمن الوطن. وكانت ردة فعل السعوديين، في كل المناطق متماهية ومنسجمة مع موقف القيادة. وكانت الصورة واضحة، فيما نقلته القنوات الفضائية السعودية التي واكبت الحدث الحزين، منذ لحظة حدوثه، وفي تصريحات المسؤولين، وهيئة كبار العلماء، ومقالات الكتاب والمثقفين، الذين أدانوا الجريمة، وعبروا عن التضامن مع أهالي الأحساء وذوي الشهداء. لقد أكدت قيادة المملكة، ومعها الشعب السعودي بأسره، أن الإرهاب لن يجد له موقعا في هذه البلاد، ولن يجد له حاضنة اجتماعية، ولن يكون ممرا أو معبرا للتخريب وتهديد الأمن والاستقرار في ربوع بلادنا العزيزة. ولن يفلح الإرهابيون أبدا في خدش وحدتنا الوطنية. تغمد الله الشهداء من الأهالي ورجال الأمن بواسع رحمته، وأسكنهم فسيح جناته. وأبعد عن بلادنا كل مكروه.