هي حلقة ربما من سلسلة المعاناة التي تقع على من قال عنه أمير الشعراء أحمد شوقي "قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا"، فالمعلم يؤدي رسالة والمعلمة كذلك وأي رسالة، إنها رسالة ترتقي بأعز ما يملك الوطن وهم شبابها، فبعد أن قاست المعلمة مرارة الطرقات وقطع مئات الكيلو مترات من شرق الوطن إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه والعكس وقدمت التضحيات الجسام، بل الكثير منهن فقدن حياتهن في سبيل رسالة الوطن في طرق أحيانا وعرة، لا يمكن أن تكون صالحة للاستخدام للوصول إلى هجرة نائية بالكاد تتوافر فيها أساسيات الحياة، وفي مدرسة إما تقبع فوق جبل أو في وادٍ أو مكان صحراوي بعيد عن الحواضر، في فصل دراسي بالكاد تتجاوز فيه الطالبات عدد اليد الواحدة، ومع هذا وصلت المعلمة الوطنية إلى هذه الأماكن النائية من أرض الوطن لتؤدي رسالتها على أكمل وجه، رغم الصعوبات التي تعانيها يوميا، ومع هذا لم تثنِ من عزيمتها، لتجعل منها ربما بطلة أسطورية..! تستحق من الوطن أعلى أوسمة الشكر والعرفان، لا كما حدث منذ أيام مع معلمات خدمن سنة كاملة في هجر تابعة لمحافظة عفيف، وبعد صدور حركة نقلهن الرسمية من وزارة التربية والتعليم، إلى هجر تابعة لمناطق تواجد أسرهن، وفرحهن بذلك لأنها قربت المسافة، التي كن يقطعنها، حيث كن يقطعن أسبوعيا أكثر من ألف كيلو متر، حتى يصلن إلى هجر نائية يصعب الوصول إليها، تاركين أبناءهن وأزوجهن في مكان وهم في مكان، وهي تضحية تحسب للمعلمة السعودية بامتياز، وتستحق تقدير هذه التضحية من المجتمع وقبلها من وزارة التربية والتعليم، لكن المفاجأة التي ربما وقعت عليهن كالصاعقة، وبعد مباشرتهن في مدارسهن التي نقلن إليها هو صدور قرار من وزارة التربية والتعليم يلغي قرار نقلهن ويطالبهن بالعودة سريعا إلى مكان عملهن السابق في هجرة تابعة لمحافظة عفيف، بسبب خطأ تسبب بنقلهن من تعليم عفيف إلى تعليم المنطقة الشرقية، لذا عليهن حزم حقائبهن والعودة من حيث أتوا، وهنا يطرح تساؤل هل يعقل ان أكثر من 14 معلمة يتم نقلهن بالخطأ، كيف حصل ذلك ولماذا وهل عوقب المتسبب بالخطأ؟، ومع هذا لو سلمنا بأمر الخطأ ما ذنب خطأ ربما ارتكبه موظف في وزارة التربية، أن تدفع ثمنه معلمة وطنية أثبتت جدارتها وتضحياتها في السلك التعليمي، بل لماذا لم تراعِ وزارة التربية والتعليم كل هذه التضحيات من المعلمة، وضربت بهذه التضحيات عرض الحائط، واستدعتهن بشكل شبه عسكري وأمرتهن بالعودة وإلا تتحمل كل معلمة مخالفتها لقرار الوزارة، ألا ينعكس هذا القرار "الغريب" على نفسيات المعلمات سلبا، ويسبب ربكة وعجزا في المدارس التي باشرن بها ولغي بعد ذلك قرار مباشرتهن، إذا كانت قرارات الوزارة تراعى فيها المصلحة العامة أوليس من ضمن المصلحة العامة مصلحة المعلمات..! آمنت بعد هذا القرار من وزارة التربية أن المعلمة في وطننا سوبر مان وأخت رجال وأنها تملك قوة تحمل أسطورية، خصوصا بعد أن عرفت أن المعلمات الأربع عشرة جميعهن استجبن لقرار الوزارة، وحملن حقائبهن وعدن من حيث أتين، أجزم بأن جميع المعلمات الأربع عشرة ودعن أبناءهن وأزواجهن بدموع حارقة فبعد أن تم لم شملهن، جاء مفرق الجماعات وهادم اللذات "القرار" ليعيدهن إلى نقطة الألف كيلو متر، بذنب لا أظنهن اقترفته، إن لم يكنّ إحدى ضحاياه. لهذا كأني أراهن يناشدن الإنسان الشاعر سمو الأمير خالد الفيصل أن يرى في أمر معاناتهن مرددا معه. يا ليل خبّرني عن أمر المعاناةْ هي من صميم الذّات والاّ اجنبيّهْ أو عبرةٍ تعلّقت بين نظراتْ أو الدّموع اللّي تسابق هميّهْ أعاني الساعة وأعاني مسافاتْ وأعاني رْياح الزّمان العتيّهْ وأصور معاناتي حروف وابياتْ يلْقَى بها راعي الولَعْ جاذبيّهْ * إعلامي متخصص بالشأن الثقافي