كان الرد وطنياً ودينياً واجتماعياً، حاسماً وقاطعاً بأن تموت الفتنة في مهدها، بل تموت بقهرها، وتنحبس شرورها في نفوس المرضى أعداء الوطن والطمأنينة والسلام. جاء الرد الوطني على عدوان الغادرين، في قرية الدالوة، على غير ما توقعت أشباح الظلام التي اختارت أن تعلن حضوراً آثماً ملطخاً بدماء الأبرياء. وواضح أن الغضبة الوطنية الشاملة من المواطنين العاديين إلى مشايخ هيئة كبار العلماء وسماحة المفتي، مروراً بالمسئولين والمثقفين، كانت شهادة على رفض وطني واسع، لهذه الأعمال الإجرامية ودليلا على إفلاس مروجي الفتن وعدوانية أفعالهم، ودليلا على أنهم معزولون ويتحملون وحدهم إثم سلوكياتهم المنحرفة التي لم تراع حرمة دم معصوم بأمر الله ولا تعاليم دين ولا أمن وطن. وفي مقدمة الغضبة الوطنية كان رجال الأمن البواسل الذين ينذرون دماءهم وأنفسهم في سبيل الله ومن أجل عزة الوطن وأمن المواطنين، وقدموا أرواحهم الطاهرة الزكية، في سبيل مكافحة الجريمة والإجرام وإعلاء كلمة الله والحق والعدل. وقدم وزير الداخلية سمو الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مثلاً رائعاً في القيام بواجبين في وقت عصيب، الأول هو قيادته الناجحة الفذة لقوات الأمن وجنود الوطن البواسل في الضرب بيد من حديد على هامة الشر، ومواجهة القتلة ومساعديهم والقبض عليهم ووأد الفتنة في جحورها. وثانياً جولة سموه الإنسانية التي طاف فيها على مجالس العزاء في حائل والقصيم والأحساء للتعزية في الشهداء الذين بادلوا أمن الوطن بأرواحهم وفي الضحايا الذين باغتتهم يد العدوان الآثمة وهم عزل مطمئنون. وبينت هيئة كبار العلماء وأجمع المشايخ الأجلاء على أن الجريمة التي ارتكبت في الدالوة هي عدوان على مواطنين آمنين، وعدوان على الدين وعلى أمن الوطن واستقراره، وبذلك لا حجة للمعتدين وليس لديهم أي تبرير لارتكابهم جريمتهم سوى ضلالهم وتحريفهم لآيات الله وعصيانهم لتعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم، واتباعهم شياطين الهوى وأنفسهم الأمارة بالجريمة والعدوان، والتي تزين لهم سوء العمل والطوية ليكونوا أدوات آثمة، بيد صناعة الجريمة والغلو والدسائس والمؤامرات، ضد دينهم ووطنهم وأهلهم وإخوانهم وليكونوا معول هدم لكل خير ونشر لكل فتنة. ويبدو أن المجرمين وأتباعهم لم يأخذوا دروساً وعبراً من الماضي، إذ في مناسبات ومواجهات كثيرة، خابت أعمالهم وفشلت دسائسهم وهزم دعاة الفتنة والظلام وباؤوا بغضب من الله والناس، وارتفعت رايات الوطن وحقق رجال الأمن المخلصون البواسل انتصارات حاسمة وحظوا إما بعز الدنيا ومجدها أو بجنان الخلد ونعيمها، بإذن الله، إذ ينذرون أنفسهم للذود عن حياض الدين والوطن وصون دماء الناس وأعراضهم وأملاكم، وليس أكثر من ذلك شرفاً في الدنيا أو الآخرة.