معادلات النجاح والفشل تتغير معاييرها حسب الميول, وأعتقد أنها مقبولة إلى حد ما رغم عدم موضوعيتها وحياديتها, فالخروج عن النص في هذه الحالة لم يتجاوز الانفعالات الاعتيادية لكافة (اللاعبين) في الساحة الرياضية من مسئولين وجماهير ولاعبين وإعلاميين. لكن أن تتغير المعادلة لحسابات ومعايير يتغير فيها عنوان الرواية وفصولها وأحداثها ونتائجها, فهنا لابد أن نرفع الصوت، ونسمي الأشياء بأسمائها, ونعترف أن المعايير تعبر عن منهج التدليس والتزييف. يحدث ذلك في وسطنا الرياضي، فالبليد الغائب عن الأحداث الكبرى يلبس ثوب المنتصر، لا لإنجاز حققه، أو لإبهار قدمه، أو لإبداع نثره، ولكن لانتصار وهمي ينفس فيه عن إحباطاته وإخفاقاته بسقوط غيره (الشاطر) الذي نافس وحاول وبادر. كم هو مؤلم أن تتحول ثقافة البعض لفرح عارم لسقوط الخصم أكثر من فرحه لإنجازه، وكم هو محزن أن تزرع موضة النيل من الآخر أكثر من الاهتمام ب (الأنا). معادلات كثيرة تحتاج (لجذر تربيعي) للوصول إلى حل واقعي يلغي الحلول الوهمية التي تتنفس (بلادة وتخلفا) يحسب البعض أنه يضحك بها على الآخر، والحقيقة أنه يُضحِك الآخر عليه. ثقافة محاربة البعض لخصمه بسيف غيره حتى لو كان من جزر الواق واق أصبحت ظاهرة تستحق الشفقة لمن يستخدمها ويروج لها ويتفاعل معها، لأنها تترجم درجة الحرمان الذي يعيشه البعض، وإذا كانت في السابق مكتومة ومخفية، فإنها في زمن اللاتوازن تحولت لمفخرة وشجاعة وأحيانا يراها بعض المرضى (شرفا). تستطيع أن تشبه بعض ما يظهر على الساحة الرياضية بمسرحية مدرسة المشاغبين التي مل الجمهور من مشاهدتها، ولكن من هم على خشبة المسرح يصرون على التكرار الممل. مصيبة أن ترمي الحجر لمن وصل لخط النهاية، وأنت في الأصل خارج السباق، فما تملكه لا يؤهلك حتى للمشاركة فما بالك بالمنافسة، ومع ذلك نرى الردح مستمرا ممن لم يعط حتى حق المشاركة، في مقابل شارع آخر نال حق المنافسة بجدارة واستحقاق وسلبت منه النياشين في طريقه لنيل حقوقه. ما أصعب أن تقارن تلك الصورة وتقربها للعين والعقل والقلب، لترى الفرق بين من يرقص بفرح غيره، وبين من يحزن لإنجاز فعله وسلب منه. وما أصعب أن يفتخر البليد بالدوائر الحمر في شهادته، ويحزن الشاطر لمجرد خصم درجة من تفوقه العام. هل عرفتم الفرق بين المهايط والبطل؟!!!