وجاء العام الجديد، وتبادلنا التهنئة والتبريكات والدعوات، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت هي همزة الوصل التي تجمعنا (افتراضيا).. الكل يدعو ويتمنى بأن يكون القادم أجمل، ويتحقق الخير وتعم السعادة والحب على الجميع.. وأن نعيش في وطن آمن ومزدهر.. أشياء كثيرة نتمناها ونتأملها ونتوقعها، غير أننا لا نمارسها حتى تتحقق، ولا نساهم في وجودها وانتشارها في الواقع.. ليس من الإنصاف والحكمة أن تكون الأمنيات والآمال والأحلام وألا نكون متفاعلين بها ومعها، وألا نعمل لتحقيق ما نتمناه ونرجوه لأنفسنا ولكل من يعيشون معنا وفي محيطنا.. فقط نفكر بما هو لنا ونتناسى ما هو علينا..!! ولأننا ايجابيون مع بداية العام الجديد في كل ما نقول ونطلبه في دعواتنا وتحدونا الأمنيات ونتشكل بكل الصفات الايجابية الجميلة والآمال المحفزة التي نحلم بها ونأملها لواقعنا ولبعضنا.. فلماذا لا يستمر ذلك النهج عمليا يوجهنا ونسير به ويبقى هدفا وغاية.. لا يمكن أن يكون الجحود طبعا لنا لنتغافل عن الكثير من الإيجابيات التي هي في واقعنا، ونهمش كل الأشياء الجميلة التي نملكها ويتوق إليها ويتمناها غيرنا.. وكأننا لا نهتم ولا نرى كل ما هو حولنا إلا بتلك العيون التي لا تبصر سوى اللون القاتم الذي يخفي كل ما هو واضح وجلي. بلادنا في كل أنحائها تمر بمراحل إنشائية وتطويرية في كل مفاصلها الخدمية لما هو للمستقبل، ولكننا نغمض أعيننا عن كل ذلك، ونشتكي ونتشاكى، وننتقد كل ما يمكن أن تفرضه اللحظة من سلبيات.. لدينا من المسئولين من يعمل بجد وإخلاص وصدق، ولكننا فقط نتصيد كل ما هو سلبي دون إدراك؛ من أجل أن ننتقد الكثير من الجوانب التي تخفى علينا كل جوانبها وأبعادها.. أنا هنا لا أجزم بأن الأمور كلها على ما يرام.. ولكن أقول حتى نكون منصفين وصادقين يجب أن نجعل أنفسنا جزءا من المشكلة وكل أجزاء الحل.. ألا ننظر لكل ما هو سلبي فقط ونعمم السوء والتشاؤم والسوداوية ونضخم كل الهفوات دون قياس وبلا مقياس ونتناسى دورنا وما يمكن أن نقدمه ونساهم في تحقيقه.. نشتكي المدرسة ونتجاهل دور الأسرة.. وننتقد النظام ونحن من يتجاوزه. وتشغلنا الإشاعات ونحن من نروج لها.. ونتألم من الاتكالية ونحن من عودنا أسرنا عليها.. ونطالب بالتغيير ولكننا لا نتغير.. حتى عودنا أنفسنا على استمراء السوء وكأنه هو فقط ما نعرفه والتقصير أصبح شكا يلازمنا.. من هم حولنا وقريبون منا يحسدوننا على الكثير مما نملكه، وفي أولوياته الأمن الذي هو مطلب البشرية غير أننا نتناساه ونتغافل عنه ولا نشعر بوجوده، وكان همنا السوء من أجل التفكير بالإساءة.. في واقعنا نملك الكثير من الإيجابيات والأشياء الجميلة، ولكننا لا نقدرها ولا نعي بقيمتها.. وبدل أن نعمل على تطويرها وتأصيلها وتعزيزها وتحفيز العاملين عليها نسعى إلى غير ذلك.. والسبب قد يكون هو عدم تقديرنا لذواتنا واحساسنا وشعورنا بأهمية مسؤوليتنا واهتمامنا بقيمتنا ودورنا في الفعل والتفاعل مع ما نتمنى ونطمح إليه. كل الدعوات والأمنيات التي كانت منكم مع بداية العام.. سواء لوطنكم وكل من تحبون، لا يمكن أن تتحقق إن لم تعرفوا دوركم وتساهموا في وجودها بممارساتكم والعمل على تحقيقها وايجادها والإيمان بأنكم من يعطي لها قبل أن يأخذ.. وكل عام والجميع بخير وإدراك ووعي لكل ما يمكن أن يكون منه وما يجب عليه، سواء لنفسه أو لأهله ووطنه.. تفاءلوا بالخير ولكن اعملوا على أن يكون!! اعلامي