شنت طائرات التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة أمس 21 غارة جوية على مقاتلي تنظيم داعش حول مدينة كوباني عين العرب في شمال سوريا أدت الى "ابطاء" تقدمهم، بحسب بيان للقيادة الاميركية الوسطى، عشية اجتماع رؤساء أركان دول التحالف الدولي خارج واشنطن. وفي احدى أعنف جولات القصف أمس "دمرت" الضربات الجوية منطقتي تجمع لمقاتلي التنظيم الدموي ومبنى وشاحنة وعربتين وثلاثة مجمعات وألحقت اضرارا بالعديد من الاهداف. بحسب البيان، كما قصف طيران التحالف في غارة أخرى في شرق سوريا مصفاة صغيرة للنفط. وقالت القيادة: إن "الدلائل تشير الى ان الغارات الجوية أدت الى ابطاء تقدم تنظيم الدولة الاسلامية" في المنطقة المحيطة بكوباني المحاصرة من قبل عناصر التنظيم المتطرف، إلا أنها استدركت أن "الوضع الامني على الارض لا يزال غير واضح، حيث يحاول تنظيم الدولة الاسلامية كسب مزيد من المناطق، فيما تواصل المليشيا الكردية صمودها". وتهدف الضربات الجوية الى "اعتراض" تعزيزات تنظيم داعش واعاقة جهوده للتزود بالامدادات ومنعه من "تجميع قواته القتالية" التي تهدف لاحتلال الاجزاء التي يسيطر عليها الاكراد في كوباني - حسب القيادة الاميركية - واضافت ان المقاتلات الاميركية شاركت في الغارات، اضافة الى طائرات سعودية. ويحقق التنظيم المتطرف مكاسب متزايدة على الارض في المناطق المحيطة بكوباني، وتردد انه سيطر على نصف المدينة المحاذية للحدود التركية. ويأتي تكثيف الغارات الجوية على مواقع داعش في شمال سوريا، عشية لقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما، عصر أمس، مع القادة العسكريين ل «20» دولة من بينها السعودية وتركيا لوضع اللمسات الاخيرة لاستراتيجيته لمواجهة داعش، في وقت تتضاعف فيه الضغوط على التحالف الدولي لفعل المزيد لوقف تقدم المقاتلين المتوحشين وقبل نحو ثلاثة اسابيع من انتخابات الكونجرس الأميركي التي تعتبر بدرجة كبيرة بمثابة استفتاء على زعامة اوباما يسعى الرئيس الامريكي لاظهار للرأي العام الامريكي والحلفاء في الخارج التزامه بخطة "لاضعاف" و"تدمير" التنظيم الذي سيطر على مناطق شاسعة من شمال العراقوسوريا. ويأتي اجتماع رؤساء أركان دول التحالف ضد تنظيم داعش، برئاسة الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الاركان الأميركية المشتركة وبحضور وزراء دفاع من الدول المتحالفة وذلك في قاعدة اندروز الجوية خارج العاصمة واشنطن، بمشاركة ممثلين من السعودية والإمارات والبحرين والأردن وقطر والعراق والكويت ومصر ولبنان وتركيا وأستراليا وبلجيكا وكندا والدنمرك وفرنسا والمانيا وايطاليا وهولندا ونيوزيلندا واسبانيا. وقال اليستير باسكي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض: "هذا يجيء في اطار الجهود المتواصلة لبناء تحالف وتحقيق تكامل بين قدرات كل دولة في الاستراتيجية الموسعة"، لكن لا تزال الشكوك تحيط بهذه الاستراتيجية. وقال السناتور الجمهوري جون مكين وهو من منتقدي أوباما يوم الاحد الماضي عن مقاتلي داعش: "هم يفوزون ونحن لا". وقالت الأممالمتحدة يوم الاثنين: إن القتال في محافظة الانبار في غرب العراق أجبر 180 الف شخص على الفرار بعد ان سيطرت الدولة الإسلامية على مدينة هيت. وقال انتوني كوردزمان محلل الامن القومي في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية "هذه حملة طويلة. لم تتحرك في اتجاه سيء، لكنها أيضا وبالقطع لم تسر بشكل جيد". وكان الكولونيل إد توماس المتحدث باسم رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة صرح قبل الاجتماع أنه من غير المتوقع اتخاذ قرارات سياسية هامة: "الامر هو الالتقاء معا بشكل شخصي لبحث الرؤية والتحديات وكيفية التحرك قدما". ومشاركة تركيا في الاجتماع مهمة، وتعرضت أنقرة لبعض الضغوط حتى تدفع بقوات برية الى سوريا لمواجهة قوات داعش، وقال كوردزمان: يمكن لتركيا ان تعلن عقب الاجتماع انها ستشارك في تدريب مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة. وقالت مصادر في مكتب رئيس الوزراء التركي يوم الاثنين: إن تركيا لم تتوصل الى اتفاق جديد يسمح للولايات المتحدة باستخدام قاعدة انجيرليك الجوية وان المحادثات بهذا الشأن لا تزال جارية. وفي أنقرة، وبعد يومين من تحذير حزب العمال الكردستاني بأنه سيستأنف العمل العسكري ضد الجيش التركي إذا ساءت الأمور في كوباني، أعلن مسؤولون أتراك ان مقاتلات تركية قصفت أهدافا لحزب العمال الكردستاني جنوب شرق تركيا في أول ضربات ضد المتمردين الاكراد منذ وقف اطلاق النار الهش في 2013. فبعد أيام من التظاهرات العنيفة التي قام بها الاكراد في انحاء تركيا، قصفت طائرات اف-16 من سلاح الجو التركي مواقع للحزب الذي هاجم - حسب قوى الامن التركية - تكرارا مركزا للشرطة في بلدة داغليجا (جنوب - شرق). وفي منطقة تونجلي المحاذية، اطلقت مروحيات قتالية تركية النار الاثنين على وحدات اخرى في حزب العمال الكردستاني بعد مواجهات بين متمرديه والجيش حول غييكسويو، حسب وسائل إعلام تركية. وهذه المواجهات الخطيرة الاولى بهذا الحجم منذ وقف اطلاق النار الذي اعلنه العمال الكردستاني من طرف واحد في مارس 2013 تعكس التهديدات الخطيرة لعملية السلام الهشة مع أنقرة التي بدأت قبل عامين، ونتج التصعيد المفاجئ للعنف عن الوضع في سوريا حيث يهدد مقاتلو داعش مدينة كوباني الكردية. وجرت تظاهرات غاضبة في جميع انحاء تركيا الاسبوع الفائت احتجاجا على رفض حكومة انقرة تقديم مساعدة عسكرية لمدينة كوباني (عين العرب)، تخللتها اعمال عنف قتل على إثرها 34 شخصا على الاقل، وأصيب المئات كما تسببت في اضرار مادية جسيمة. وشدد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لهجته مدينا اعمال نفذها "انذال" لصالح "منظمة ارهابية" قاصدا حزب العمال الكردستاني، منددا بمحاولة "نسف" المفاوضات التي وعد بانقاذها. أما زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبدالله اوجلان فحذر من جهته من ان سقوط كوباني سيعني - بحكم الواقع - نهاية المحادثات وحض أنقرة على عرض جدول زمني قبل الاربعاء لاستئنافها. وصرح المحلل في مركز تيباف للابحاث في انقرة نهاد علي في حديث مع فرانس برس بأن "حزب العمال الكردستاني والحكومة يستعرضان عضلاتهما"، وتابع "ان عملية السلام قد تفشل يوما ما، لكن ليس اليوم". وبعد فشل متكرر، استانفت انقرة في خريف 2012 محادثات مباشرة مع اوجلان لوضع حد للتمرد المسلح الذي يشنه حزبه منذ 1984، وأعلن المتمردون الاكراد وقفا لاطلاق النار من جانب واحد في مارس 2013 وبدأوا سحب قسم من مقاتليهم من تركيا نحو قواعدهم في جبل قنديل بشمال العراق، إلا انهم علقوا العملية بحجة ان النظام في انقرة لم يلتزم بتعهداته اجراء اصلاحات للاقلية الكردية في البلاد والبالغ عديدها 15 مليون شخص وتمثل 20% من سكان تركيا. وشهدت المحادثات مذاك شللا بالرغم من وعود اردوغان المتكررة بعد انتخابه رئيسا في اب/اغسطس بالتوصل الى حل. غير ان هجوم داعش الكاسح في العراق أولا ثم في سوريا زعزع هذا السيناريو. وفيما استقبلت تركيا على اراضيها حوالى 200 الف لاجئ كردي، أعربت عن خشيتها من ان تتعزز القوات الكردية التي تقف في الصف الأمامي في محاربة تنظيم الدولة الاسلامية. ولذلك منعت جماعات من الاكراد من عبور حدودها للانضمام الى القتال في كوباني، مغذية شكوك الاكراد تجاهها.