مثلت تمور الأحساء قبل اكتشاف النفط في عهد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود- تغمده الله بواسع رحمته ورضوانه- سلة غذائية هامة ليس لعديد من أجزاء المملكة المترامية الأطراف فحسب، بل لعديد من الدول الخليجية القريبة من حدود المملكة والبعيدة عنها، ولعديد من الدول العربية الشقيقة أيضا، ويبدو أن هذه السلة سوف تستعيد مكانتها من جديد ودورها- الغذائي- من جديد ان صح التعبير في عهد ميمون تحظى- أمنا النخلة- فيه باهتمام خاص ورعاية بالغة ظاهرة للعيان بوضوح من خلال فعاليات الفترة الأولى من المزاد العلني لتمور الأحساء حيث بلغت مبيعات هذه السلعة الغذائية الهامة أكثر من اثنين وستين مليون ريال، ويبدو أن أمنا النخلة آخذة في تنافسها مع- بورصات- الشركات التجارية من خلال- مهرجان الأحساء للنخيل والتمور– وفي خضم صفقات مزادية لتداول ثمرتها المباركة التي يؤكد المسؤولون والمزارعون على حد سواء أنها قابلة للزيادة خلال السنوات القليلة المقبلة. لقد شهد المزاد عبور آلاف المركبات المخصصة لنقل التمور من واحة الأحساء الى العديد من مناطق المملكة والى العديد من الدول الخليجية أثناء المزاد الأول، ومن المرتقب أن يشهد المهرجان عبور آلاف من المركبات الأخرى طالما واصلت هذه- البورصة- نجاحاتها وتألقها حيث من الملاحظ ازدياد أعداد الصفقات التجارية لأصناف عديدة من التمور تخطت أسعارها ثمانية آلاف ريال- للمن- الواحد، وليس بمستغرب أن تصل أسعار هذه السلعة الغذائية الى هذه القيم المالية فتمور الأحساء تعد من أجود التمور في العالم، وتتواجد في هذه المحافظة الخضراء أكبر واحة كونية مشغولة بالتمور، وقد تحول مهرجان أمنا النخلة خلال الأيام المنفرطة الى تجمع ثقافي لابراز معالم الأحساء السياحية والتراثية والقاء الأضواء على تراثها الأدبي العريق، وقد عادت صفقات أمنا النخلة على المزارعين والمستثمرين والمستهلكين بخيرات وفيرة تحت سقف- مدينة الملك عبدالله للتمور- التي تعد أكبر مظلة لتداول التمور في العالم. وليس بخاف على من تابع فعاليات مهرجان الأحساء للنخيل والتمور في أيامه السالفة أنها تحولت الى ساحة استثمارية مهمة استقطبت الكثير من التجار والمنتجين للتمور من داخل المحافظة وخارجها، واذا كانت- صيحات الدلالين- تتمتع بهدنة من حين لآخر، فهو تمتع وقتي، فالمتوقع أن تتضاعف أيام المهرجان وأن تزداد قوته الشرائية خلال الفترات المقبلة لاسيما أن الطلبات على هذه السلعة في ارتفاع ملحوظ من داخل المملكة وخارجها، كما أن أرقام المبيعات كما هو واضح من الصفقات المعلنة من خارج المملكة قد ارتفع بنسب ملحوظة، ويعزى ذلك الى أن المزارعين قبل الاعلان عن قيام المهرجان اهتموا اهتماما بالغا بالجودة النوعية لأصناف التمور المعروضة، ويتمنى المستهلكون والمستثمرون أن يستمر الارتقاء بهذه الجودة لتحقيق أفضل النتائج الناجمة عن مبيعات هذه السلعة الغذائية وتداولها. ولاشك أن الاهتمام بالكيف يجب أن يكون منسجما مع الكم بمعنى أن الواحة تنتج من سلعة التمور كميات هائلة لايمكن مقارنة حجمها بما ينتج في كثير من واحات العالم، غير أن الاهتمام بالجودة يجب أن يتوافق ايجابا مع الكميات المعروضة في المهرجان، وهذه مسألة لابد أن تستوعب من قبل كافة المزارعين المهتمين برواج سلعتهم التي تشهد اقبالا عليها من المستثمرين والمستهلكين والتجار. وعلى القطاع الخاص تقع مسؤولية لابد من تحملها لتحقيق أفضل النتائج المرجوة من خلال رعايتهم المباشرة للتوافق المنشود بين الكيف والكم بمكافأة المزارعين وتحفيزهم ومنحهم الجوائز التشجيعية التي سوف تدفعهم بطريقة ايجابية لتعزيز روح المنافسة داخل مزارعهم والوصول بانتاجهم الى جودة أفضل وأمثل. وقد لعبت التمور في حياة المسلمين دورا حيويا، ومن النادر في صدر الاسلام أن لاتتواجد هذه الثمرة في البيوت، ولعلنا نذكر الحديث الشريف في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: - ياعائشة بيت لاتمر فيه جياع أهله" فثمرة أمنا النخلة استنادا الى حديثه- صلوات الله وتسليماته عليه– تعد ثمرة مباركة، والحديث اثبات للجوع لمن لايتناول التمر. وهذه العجالة غير معنية بتبيان فوائد التمور للجسم فمن أراد العودة اليها فليرجع الى دراسة الوظائف الحيوية والفسيولوجية للأجسام البشرية وعلاقتها بتناول التمر، وانما المراد منها هو الاشادة بمهرجان الأحساء للنخيل والتمور فهو بجانب أهميته التجارية لفت الأنظار الى أهمية تكريم أمنا النخلة في تجمع حيوي كان لابد من اشهاره ليس تحقيقا لأرباح مضمونة من تداول ثمرتها المباركة فحسب بل تحقيقا لتجمع هام تبيانا لأدوار الواحة الثقافية وتنوعها وأنشطة أدبائها وشعرائها. *إعلامي سعودي