يشكِّل طيران الأمن بمنظومته الآلية والإدارية قوةً إضافية لوزارة الداخلية للوصول إلى أعلى المستويات في الأداء والإنجاز ليس على مستوى الوزارة فحسب بل على شتى مستويات قطاعات الدولة الأمنية والمدنية التي تقدم للوطن والمواطن . وتبادرت قبل أكثر من خمسة وثلاثين عاماً إلى ذهن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - فكرة إنشاء طيران للأمن بعد حادث الحريق الكبير الذي وقع في الحج في مشعر منى عام 1395ه , حيث ارتئ سموه أنه لابد من وجود طائرات لتغطية موسم الحج . واستهلّ المشروع مرحلته الأولى بصدور الأمر السامي الكريم عام 1397ه بشراء ست طائرات , وتطور المشروع بشراء 16 طائرة جديدة متعددة المهام واستمرت مراحل تطوير طيران الأمن بإشراف مباشر من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية وتحديث أسطوله , من خلال البحث عن أفضل وأحدث الطائرات التي تخدم القطاعات الأمنية وتساند الجهات الحكومية الأخرى. واستُحدث أسطول طيران الأمن بالفعل بشكلٍ شامل باستقطاب أفضل أنواع الطائرات العمودية التي قلَّ نظيرها في الكثير من الدول ، وأصبحت وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية تمتلك هذا الأسطول الجبار من أحدث الطائرات مختلفة المهام والأحجام ومجهزة بالمواصفات والتقنيات المتطورة ، وتوالت عملية التطوير وتحديث الجهاز بأفضل الطائرات مروراً بتغيير المسمى لقيادة طيران الأمن في عام 1432ه إلى أن تم صدور القرار الوزاري نهاية العام الماضي والقاضي باستحداث القيادة العامة لطيران الأمن وربطها بسمو وزير الداخلية. وتبنِّى سمو وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف ، مشروعاً تمثل في استقطاب أفضل الكوادر وتدريبهم في أفضل الأكاديميات المتخصصة على مستوى العالم ، وتحديث البنية التحتية لقواعد طيران الأمن في المناطق حيث تم قبل شهرين من الآن الاحتفال باكتمال مراحل إعادة تأهيل قاعدتي طيران الأمن بمنطقة عسير والمنطقة الشرقية وجاري إكمال العمل في القواعد الباقية. ولقيادة طيران الأمن أربع قواعد دائمة في مناطق الرياضومكةالمكرمةوعسير والمنطقة الشرقية , وقاعدتين موسميتين في كل من مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة , حيث يتم تغطية المناطق التي لا يوجد بها قواعد للطيران من أقرب قاعدة لها. ويحفل تاريخ طيران الأمن بالإنجاز في مناطق متفرقة من وطننا الحبيب أثناء السيول والأمطار كالجوف ونجران وجازان ومكةالمكرمة والربع الخالي التي تدل دلالة واضحة على الجاهزية التامة التي وصلت إليها الأطقم الجوية، بفضل الله، مما مكنها من القيام بأضخم العمليات الجوية وأكسبها خبرات كبيرة من هذه المهام أكّدت القدرات العالية لمنسوبي طيران. وأهلَّ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية على طيران الأمن بشتى أنواع الدعم والمتابعة لكافة جوانبه البشرية والفنية والإدارية, حيث وجه سموه بإيجاد العديد من برامج التأهيل والتدريب لمنسوبي طيران الأمن, وأكد أن تكون على أفضل مستوى وأحدث ما توصلت له علوم الطيران, حيث وضعت هذه البرامج على مراحل متعددة ضمن خطط سنوية لتضمن وجود دفعات متتالية من أطقم الطيران والأطقم الفنية تواكب زيادة المهام المناطة بطيران الأمن وتعددها. واستناداً إلى معايير خاصة جرى استقطاب وتدريب الطيارين ومهندسي الطيران وابتعاثهم إلى خارج المملكة لدراسة الطيران في الولاياتالمتحدةالأمريكية , ودراسة العلوم الفنية لهندسة الطائرات في استراليا وينقسم مشروع الابتعاث وتدريب الطيارين إلى قسمين, قسم يخص الطيارين , الذي اكتمل الآن بعدما استقطبت مجموعة من خريجي كلية الملك فهد الأمنية وابتعاثهم إلى ولاية نورث داكوتا الأمريكية , وتم بالفعل تخرجهم بالكامل حيث حصلوا على رخص الطيران وبدؤا بممارسة العمل فعليا بعد اجتيازهم لبرنامج التدريب التحويلي وعددهم 79 ضابط طيار. وتتطلّع القيادة العامة لطيران الأمن في مشاركتها ضمن منظومة وزارة الداخلية في خدمة حجاج بيت الله الحرام هذا العام , إلى مساندة كافة الأجهزة الأمنية والقطاعات الحكومية المختلفة, وتقديم خدماتها لها بطريقة أشمل وأفضل, لتتمكن من أداء مهامها في خدمة حجاج بيت الله على أكمل وجه. وبدأ الإستعداد لموسم الحج بعد نهاية المشاركة في موسم الحج الماضي مباشرة, بحصر كافة الأعمال التي نفذت , وتقييمها بدقة على كافة المستويات الفنية والتقنية والبشرية مع كافة الجهات التي شاركت طيران الأمن, للخروج بتصور كامل وللإرتقاء بالخدمات المقدمة من طيران الأمن بشكل أفضل. وتتسلسل مراحل تنفيذ الخطة العامة للقيادة العامة لطيران الأمن في موسم الحج إلى أربع مراحل رئيسية تحت التنفيذ وهي: المرحلة الأولى التي بدأ في العشرين من شهر ذي القعدة, وتشمل تحريك الطائرات من قواعدها وتمركزها في منطقة مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة, والقيام بجولات استطلاعية مكثفة للأطقم الجوية للتعرف على ما استجد من مشاريع عمرانية بالمشاعر المقدسة (منى ومزدلفة وعرفات), والمناطق المركزية للحرمين الشريفين, والطرق التي تربط بينهم, والقيام بتجربة كافة المهابط الموجودة بها, وكذلك المهابط الموجودة في المستشفيات والأبراج السكنية بالمناطق المركزية للتأكد من جاهزيتها لإستخدامها وقت الحاجة. وتنفذ المرحلة الثانية مع بداية شهر ذي الحجة وحتى يوم التروية بتركيز الرحلات الجوية على مداخل مكةالمكرمة الرئيسية والطرق السريعة التي تربط بين مكةالمكرمةوجدةوالمدينةالمنورة لمتابعة ورصد الحالة الأمنية والحركة المرورية ورصد توافد الحجيج وكذلك مراقبة الحركة المرورية والبشرية في المنطقة المركزية للحرمين الشريفين والطرق المؤدية إليها. ومع فجر يوم التروية تبدأ المرحلة الثالثة برفع الجاهزية والإستعداد لكافة القوى البشرية والفنية والطائرات المشاركة, عبر زيادة الطلعات الجوية لمتابعة الحالة الأمنية والوقوف عن كثب على حركة الحجيج أثناء تنقلهم للمبيت في مشعر منى, وتصل ذروتها صباح يوم التاسع بمشاركة أكثر من طائرة في الطلعة الجوية مع زيادة مدة الرحلة لتصل إلى ثلاث ساعات لكل طائرة في الطلعة الواحدة أثناء تصعيد الحجيج إلى مشعر عرفات وما يليها من انتقالهم إلى مشعر مزدلفة, ثم صباح يوم العاشر الذي تكثف فيه الطلعات على مشعر منى لمتابعة الكثافة البشرية أثناء نسك رمي الجمرات, ومراقبة الحركة المرورية المتوجهة للحرم المكي الشريف لأداء طواف الإفاضة, وتستمر الرحلات المجدولة طيلة أيام التشريق حتى نهاية اليوم الثالث عشر. , فيما تنطلق المرحلة الرابعة بحسب الخطة من اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة وحتى نهايته في المدينةالمنورة. ويضطلع طيران الأمن بعدة مهام رئيسية في الحج تركز على رصد الظواهر الأمنية والمرورية من الجو, وإرسال التقارير الفورية لمركز عمليات طيران الأمن وتمرير المعلومة لمركز القيادة والسيطرة وغرفة العمليات المشتركة, والتدخل عند الحاجة لمباشرة أي حادث, وتقديم الدعم والمساندة لكافة الجهات الحكومية, والمشاركة في تنفيذ الخطط الفرضية المخصصة لمواجهة الحوادث التي قد تقع لا قدر الله , ودعم ومساندة تطلب منها لكافة الجهات المشاركة في خدمة حجاج بيت الله الحرام. وتُمكِّن أجهزة الرصد والتتبع والكاميرات المتطورة التي توجد بطائرات القيادة العامة لطيران الأمن من رصد الحجاج المتسللين والممرات التي يستخدمونها على مدار 24 ساعة, وتزود مركز القيادة والسيطرة وغرفة العمليات المشتركة بالإحداثيات الدقيقة لتحركهم , لتتمكن الجهات الأمنية المختصة من إيقافهم ومنع من لا يحمل منهم تصريح رسمي من أداء الحج, ويرافق بعض هذه الرحلات مندوبين من الأجهزة الأمنية المساندة بالتنسيق مع المتابعة الجوية بالأمن العام. وتُجهّز طيلة موسم الحج في المشاعر المقدسة طائرات للإخلاء الطبي, مزودة بأحدث التجهيزات الطبية والكوادر المتخصصة ذات التأهيل العالي من الخدمات الطبية بطيران الأمن, لنقل الحالات الحرجة جواً إلى المستشفيات. وتشارك طائرات القيادة العامة لطيران الأمن في منطقة المدينةالمنورة على فترتين, الفترة الأولى من العشرين من شهر ذي القعدة وحتى الثامن من ذي الحجة, والفترة الثانية تبدأ من الثالث عشر من ذي الحجة وحتى نهايته, وتقوم بمهامها باستمرار طيلة هذا الموسم. ويبلغ عدد القوة البشرية في القيادة أكثر من 450 ضابط وصف ضابط وجندي بمختلف التخصصات الفنية والإدارية , فيما يبلغ عدد الطائرات 18 طائرة متعددة المهام من نوع (S92) , وبلاك هوك (S70I) مشاركة فعلياً في الخطة , وتقوم برحلات مجدولة وفي أتم الجاهزية للإقلاع الفوري علاوة على الدعم والإسناد بطائرات على أهبة الإستعداد بطواقمها الجوية والفنية والمتواجدة في بقية قواعد طيران الأمن بالمملكة لدعم الموقف متى ما اقتضى ذلك , كما تزداد تدريجياً أعداد الطلعات الجوية مع تدرج مراحل الخطة حتى تصل لذروت يومي التاسع والعاشر من شهر ذي الحجة بمعدل طلعة كل ساعة وبمشاركة أكثر من طائرة في الطلعة الواحدة , وذلك في القواعد المنفذة لخطة الحج وهي قاعدة طيران الأمن بمنطقة مكةالمكرمة , وقاعدة طيران الأمن الموسمية بالمشاعر المقدسة , ووحدة طيران الأمن بمنطقة المدينةالمنورة.