في يوم عرفة يجتمع أكبر تجمع بشري على الأرض، وفي مثل هذا اليوم وقبل 1425 سنة وقف محمد (صلى الله عليه وسلم) أعظم شخصية في التاريخ ليتحدث في خطبة الوداع عن أسس ودعائم لا تقوم قائمة المسلمين إلا بتطبيقها على المستويين الفردي والجماعي. وقف نبينا وخطب في المسلمين خطبة خالدة سميت خطبة الوداع، هذه الخطبة لها مقدمة وخاتمة وبين المقدمة والنهاية ذكرت الخطبة سبعة بنود: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم..».. أول بند تحريم القتل واستهداف الأبرياء، فما بال المسلمين يقاتلون بعضهم البعض، بل وأعلنوا الجهاد ضد بعضهم؟ تحريم الربا وخطورة التعامل به، وأن اللعن يصيب آكله وشاهده وكاتبه ومن له علاقة به من قريب أو بعيد؛ لآثاره السلبية على الفرد والمجتمع، للأسف البنوك الربوية تعتمد من الدول الإسلامية وكأن اللعن لا يشملها وهي التي تساعد على إقراره. احترام المرأة ، وإعطاؤها حقوقها، ودعوتها للقيام بما عليها من واجبات تجاه زوجها.. فحقوق المرأة أس الحياة الاجتماعية، هذه الحقوق تشمل حقوق الزواج، والطلاق، والميراث وراتب المرأة الوظيفي....الخ. من كانت عنده أمانة فليؤدها .. الأمانة عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين حملها وأشفقن منها، وحملها الإنسان، وهذه الأمانة تظهر في التربية والعمل والعلاقات، وفي علاقتنا بالله تعالى. دعوة المسلمين إلى أن يتمسكوا - في كل زمان ومكان - بكتاب الله وسنة نبيه، خاصة عند الاختلاف، وكل الأفكار والدعوات تعرض على هذا الكتاب فما وافق الإسلام يقبل وما عداه يرفض. التحذير من الشيطان وأنه قد يئس أن يعبد، لكنه يطاع فيما سوى ذلك، يطاع في التحريش بين الناس وفي تزيين المعاصي، وشياطين الإنس خطرهم مثل شياطين الجن! تحذير المسلمين من الاختلاف والتناحر فيما بينهم وأن قيمة الإنسان في تقواه, وليست في لونه أو نسبه، فالناس أبناء آدم، وآدم خُلِقَ من تراب، فلا غرور ولا تعصب ولا عنصرية! خطبة عرفة ليست مجرد خطبة ؛ بل هي خطاب لكل طوائف المسلمين خاصة السنة والشيعة في أن يتقوا الله في الدماء التي تزهق، فالرب الذي قصدوه في الحج وتوجهوا إليه في صلاتهم هو الذي حرم قتل الأبرياء. وأسس ومضامين خطبة الوداع هي أساس صلاح الدول والمواطنين، ولما تخلى السياسي والعالم والمسؤول، وتنازلت عنها الدول في عالمنا العربي والإسلامي، حصل الانفلات وتنكب الناس الصراط السوي، وظهر الفساد، فهل من عودة إلى مضامين خطبة الوداع التي ما من مسلم إلا سمعها أو قرأها؟