كلها نستمدها من خطبة الوداع.. عيد القيم والأخلاق، فما أحوجنا في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الأمة الإسلامية، أن نتأمل بعمق التفكير وثيقة الحبيب المصطفى التي عرضت أعلى القيم والمبادئ، ورسمت المسار الصحيح لأمته. فلو مشت على هديه لما وصل واقعها إلى ما وصل إليه ولحاربت القيم الأخلاقية والمبادئ تحديات هذا العصر الغريب ومشاكله التي لا تنتهي. ففي يوم عرفة في مثل هذا الشهر الكريم في السنة العاشرة من الهجرة منذ مئات السنين، وضع الحبيب المصطفى الحلول لكل القضايا الشائكة والمشاكل العائمة التي نمر بها اليوم. وأهم ما في الوثيقة الأمر بتقوى الله والتمسك بكتابه وسنته. «فَإنّي قَدْ تَركْتُ فِيكُمْ مَا إنْ أخَذتمْ بِهِ لَمْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، كِتَابَ اللهِ وَسُنَّة نَبيّه» عليك أفضل الصلاة والسلام يا رسول الله. وفيها.. تحريم دماء المسلمين وأموالهم إلاّ بالحق، يقول عليه الصلاة والسلام «أيّهَا النّاس، اسْمَعُوا منّي أُبّينْ لَكُمْ، فَإنّيَ لاَ أَدْرِي، لعَليّ لاَ أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامي هَذَا، في مَوْقِفي هذا، أَيُهَا النَّاس، إنّ دِمَاءَكُمْ وَأمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَليكُمْ حَرَامٌ إلى أنْ تَلْقَوْا رَبَّكُمْ، كَحُرمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا في شَهْرِكُمْ هَذَا في بَلَدِكُم هَذَا، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت اللهم فاشهد". فلا .. لاعتداء المسلم على أخيه المسلم بأي شكل من أشكال الاعتداء، لا على دم ولا مالٍ ولا عرضٍ ولا وغيره. "فَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانةٌ فليؤُدِّها إلى مَنْ ائْتمَنَهُ عَلَيها» ولا .. لأي شكل من أشكال الفساد، ولا للمبدأ غير الأخلاقي، ولا للتعامل بالربا، فاللعن يصيب جميع المتعاملين، آكل الربا وشاهده وكاتبه وكل من له علاقة به من قريب وبعيد؛ نظراً لآثاره السلبية على الفرد والمجتمع «أَلا إِنَّ كُلَّ رِبًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ كُلَّهُ، لَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ» وأيضاً .. لا لعادات الجاهلية - وللأسف الشديد لا تزال بعضها تظهر - كالثأر مثلاً "أَلا وَإِنَّ كُلَّ دَمٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ" وَإِنَّ مَآثِرَ الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ غَيْرَ السِّدَانَةِ وَالسِّقَايَةِ. وَالْعَمْدُ قَوَدٌ وشبه العمد" - له أحكامه - والتفاخر بالأنساب والعصبية القبيلية.. أيها النّاسُ إن رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وإنّ أَبَاكُمْ واحِدٌ كُلكُّمْ لآدمَ وآدمُ من تُراب، إن أَكرمكُمْ عندَ اللهِ أتْقَاكُمْ وليس لعربيّ فَضْلٌ على عجميّ إلاّ بالتّقْوى، أَلاَ هَلْ بلَّغْتُ، اللّهُمّ فاشهد". والتحذير من اتباع الشيطان "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ هَذِهِ وَلَكِنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِأَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ". وفيها .. احترام النساء وإعطاؤهن حقوقهن، ودعوتهن للقيام بما عليهن من واجبات تجاه أزواجهن. "أَلا فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ، لَيْسَ تَمْلِكُونَ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ" فلو طُبق هذا المبدأ الإنساني الكبير لما كثر الطلاق وضاعت حقوق النساء وتشتت الأطفال ولما كثر العضل وزادت أعداد العوانس والمعنفات. وفي الخطبة الكثير من القيم والمبادئ. وبهذه المناسبة أرفع لمقام والدنا وقائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - وولي عهده الأمين، وولي ولي عهده الكريم والأسرة الكريمة والقيادة والشعب والوطن، أسمى آيات التهاني والتبريكات بحلول عيد الأضحى المبارك، أعاده الله علينا وعلى الأمة الإسلامية باليمن والبركات.