هذا يوم وقفة عرفة.. ** يوم وقف الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ليخطب في الناس خطبته الوداعية الأخيرة.. ** تلك الخطبة التي سبقت كل أنظمة وقوانين العالم ودساتيره وأكدت على (حرمة دماء الإنسان.. والإساءة إلى المال.. أو العرض.. أو المكتسبات).. ** تلك الخطبة وضعت الإنسانية أمام حقائق عظيمة.. وكأنها تضع بذلك قواعد قيام الدول والمجتمعات على أسس حضارية وإنسانية وقانونية صحيحة.. وتنظم طبيعة العلاقات بين الأنظمة والشعوب على نحو غير مسبوق.. ** وتلك الخطبة بأبعادها الأخلاقية والإنسانية.. وضعت أسساً مبكرة للتعامل بين بني البشر.. وتحديد مفهوم الحلال والحرام، وأيقظت في الإنسان قواه العقلية والحسية ووضعته أمام مسؤولياته التاريخية العظيمة.. ** فلقد وقف الرسول الأعظم في هذا المكان الطاهر ليقول للإنسانية أجمع: ** (إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا).. ** ان الشيطان قد يئس أن يُعبد في أرضكم هذه ولكنه قد رضي أن يُطاع فيما سوى ذلك مما تحرفون من أعمالكم فاحذروه على دينكم.. ** إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذي كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله. ** ان لنسائكم عليكم حقاً، ولكم عليهن حقا.. ** اتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً.. ** إنما المؤمنون إخوة، ولا يحل لامرئ مال أخيه.. إلا عن طيب نفس منه.. ** فلا ترجعن من بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض .. ** إن ربكم واحد.. وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب.. إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى).. ** إن هذه الخطبة العظيمة تجعلنا نتساءل بحرقة: ** أين نحن اليوم كأمة إسلامية من كل تلك التوجيهات العظيمة.. وقد مضى عليها ألف وأربعمائة واثنان وثلاثون عاماً حتى الآن؟ ** نسأل ونحن ندرك.. ان الأمة تعاني كثيراً من الفرقة.. ومن اهتزاز الهوية الفكرية.. ومن الصراعات العقائدية والسياسية.. ومن التوترات الأمنية الشديدة.. ** ونسأل ونحن نتطلع من كل قلوبنا.. لأن يكون هذا الجمع العظيم.. في هذا المكان العظيم.. وفي هذا الموقف العظيم.. بداية تصحيح ذلك الواقع المؤلم.. ومنطلق الأمتين العربية والإسلامية إلى معالجته بحكمة وتبصُّرٍٍ.. والعودة إلى طريق الهداية والنور.. ** كما نتطلع لأن تستقر الأوضاع- وبصورة أكثر تحديداً- في منطقتنا العربية المأزومة.. وأن يتوقف نزيف الدم في أكثر من موقع.. وأن يتوب الجميع إلى رشدهم.. وأن يخافوا الله في بلدانهم وشعوبهم.. وأن يتجهوا إلى الله سبحانه وتعالى طلباً للغفران.. بدل الاستغراق في الأعمال اللا إنسانية.. وتدمير الأوطان.. وتخريب المجتمعات .. وإفساد حياة البشر.. ** وفي هذا الموقف المهيب.. ** وفي هذه اللحظة التاريخية الهامة.. ** وفي هذا المؤتمر الرباني العظيم.. ** فإنه لابد وأن نتوقف طويلاً .. لنحاسب أنفسنا.. ونبدأ مرحلة جديدة من الحياة.. ومن العمل .. في ظل هذه القيم الإنسانية الخالدة.. إن كنا مسلمين حقاً. ضمير مستتر: **[ نفقد بصيرتنا.. حين نجانب الصواب.. ونترسم طريق الخطيئة والضلال .. ونمضي فيهما. ]