في كلمته الافتتاحية لمؤتمر مكةالمكرمة طالب قائد هذه الأمة، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - الدعاة وأصحاب الأقلام بالوقوف على أسباب الخلل الذي يعتري المشهد الثقافي في العالم الاسلامي، ومعالجتها بالحكمة والحجج المقنعة حتى تستقيم الأمور للمسلمين للسير على المنهج القويم، الذي نادت به مبادئ وتعليمات العقيدة الاسلامية السمحة القائمة على أركان الوسطية والاعتدال، ولا شك أن ما جاء في كلمته الضافية - يحفظه الله - يرسم مجموعة من العلامات الواضحة والمضيئة، لانتهاج ثقافة إسلامية تربط المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بتعاليم عقيدتهم الداعية الى التوحيد والتآلف ونبذ الفتن والغلو والتطرف. إنها علامات تصنع المستقبل الأفضل والأمثل للمسلمين، وهو مستقبل لا بد أن يقوم على وحدة الكلمة والصف والهدف، وصولا إلى الانتماء الحقيقي لتعاليم الاسلام بكل حزئيات وتفاصيل منهجه الرباني القويم المؤدي لخير الأمة وسيادتها وعزها، فرسالة الله الخاتمة هي رسالة نور ورحمة مصداقا لما جاء في كتابه الشريف: «يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا» فواجب الأمة الاسلامية في هذا الزمن الذي تكالبت فيه الفتن والشرور أن تعود الى نهجها الرباني بالتمسك الوثيق بثقافتها وتدافع عنها بكل الطرق والوسائل المشروعة. وتقضي التعاليم الاسلامية السمحة أن تكون الأمة وفية لالتزاماتها بالتعاون مع كافة الشعوب بما لا يتعارض مع شخصيتها الثقافية، فالتنمية البشرية التي ارتبطت بمفاهيم الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان يفترض ألا تكون خارجة عن اطار البيئة الثقافية للمسلمين، فالوسطية التي تتمتع بها عقيدة المسلمين تتطلب التفكير بجدية لإقامة موازنة عقلانية بين الأصالة والمعاصرة، ومفهوم المعاصرة ينطلق من تفعيل الاتصال الجذري بمعطيات العصر، والتعامل مع مختلف مشكلاته وملابساته وأزماته القائمة ومن ثم الاستفادة من جوانبه الايجابية للتطوير والتعايش، فلا بد من تجاوب الأمة الاسلامية مع متطلبات العصر بما لا يتعارض مع نصوص العقيدة، وهو أمر لا بد أن يدعم مبدأ الاعتزاز بالتراث الاسلامي الخالد، والاستفادة منه في تنظيم حياة المسلمين وشؤونهم في العصر الحاضر، وإزاء المطالبة بهذا التجاوب فان خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - نصح علماء المسلمين بدراسة أسباب الخلل الناجم عن الثقافة المضطربة في هذا الزمن والعمل على معالجتها بالحكمة والحجج المقنعة، حتى تستقيم الأمور للأمة الاسلامية التي تقوم عقيدتها على أسس صلبة وقوية من الوسطية والاعتدال، وهي أسس تنبذ التطرف والعنف والارهاب. ان كلمته الضافية - يحفظه الله - وضعت الأمور في نصابها والنقاط على حروفها، فالمسلمون بحاجة في عصرهم الحاضر لتحقيق تعاونهم وتفعيل خططهم، ونشر الوعي بين صفوفهم لمحاربة الأفكار المتطرفة وتصحيح ما علق في أذهان الرأي العام العالمي، من تصورات خاطئة ومغلوطة عن مفاهيم الاسلام ومبادئه الربانية السامية. وقد تمكنت المملكة بفضل الله ثم بفضل قيادتها الراشدة من تجريد الأفكار المنحرفة الضالة من كل الشبهات، التي حاول مروجوها يائسين إلصاقها بالعقيدة الاسلامية وهي بريئة منهم ومن شبهاتهم، وتبقى على المسلمين مهمة أساسية لا بد أن ينهضوا بها اليوم، وهي الدفاع عن ثقافتهم الاسلامية الأصيلة وعدم التفريط بأصولها القائمة على نبذ التطرف والارهاب، والدعوة الى بسط عوامل الأمن والسلام والاستقرار في كل جزء من أجزاء المعمورة.