فتحت وسائل التواصل الاجتماعي مصارعها لولوج الكثير من الشعراء والمستشعرين والشاعرات والمستشعرات، لكن ومن محاسن هذا الانفتاح هو كسر حاجز الاحتكار الذي كانت تفرضه الصحف والمجلات إذ إنها سمحت لظهور البعض على حساب كثير من المبدعين الذين تواروا خلف أسوار التهميش التي لم تكن تكتفي بنشر نتاجهم، بل كانت تلمع الكثير منهم حتى تساقطت عنهم الاقنعة وعراهم حتى رأينا رأي العين سقطاتهم وزلاتهم وجل من لا يسهو وهذه حسنة من حسنات وسائل التواصل الاجتماعي. أما الجانب السلبي فكان لاتساع دائرة الضوء على الكل هو عدم التركيز على بعض الاسماء الرائعة التي كان لها منهج وبصمة مميزة في الساحة. فالساحة أشبه ما تكون بالمضمار الكبير جدا غير المنظم لكن يظل المبدع المميز يفرض حضوره بذكائه وبابداعه وكثيراً ما كنت أقول: إن إبداع الشاعر والأديب والكاتب هو سفيره للصحف وللإعلام ولقلوب محبيه ومتابعيه. وكذلك ذكاؤه في التعامل مع الإعلام ومع ما يطرح إذ لابد أن يواكب مستجدات الاحداث التي تحيط به وإلا فإنه يكون قد تقوقع على نفسه وحكم عليها بالعزلة في ظل هذا التسارع الرهيب في الاحداث وفي المتغيرات التي تجدد كل يوم، فمسؤولية المبدع أكبر و لما له من دور كبير في مجتمعه. فالشاعر لسان قومه في كل مناسبة ومحفل كما يجب عليه أن يكون انتقائياً فيما يختار من مواضيع لقصائده، فالقصيدة هي التي تعكس صورة صاحبها وتبين ملامح شخصيته ونرى - على سبيل المثال لا الحصر - بعض الألفاظ السوقية التي لا تليق بالشعر ووجودها على سبيل الدعابة أو أنها كل ما يحمله الشاعر من حصيلة ثقافية فيبدو ضحل التفكير أجوف وهذا إشكال يجعل المتلقي يعزف عن طرحه الركيك. فالشاعر والشاعرة على حد سواء يحتاجان للقراءة غير المنقطعة كي يثري ويزيد من محصوله اللغوي وكلما زادت حصيلته اللغوية أصبح بنك المفردات زاخراً . وبذلك لن يستعصي عليه نص يحلق فيه برصيد لغوي مميز عوضا عن التكرار الممقوت الذي يمجه الذوق لمتذوقي الشعر الشعبي . كما أن التقيد بالمفردات القديمة جدا التي أوشكت على الانقراض يجعل بيننا وبين المتلقي فجوة من الجفاء ومن عدم الفهم. كما أن استخدام اللغة البيضاء يسهل على الجميع فهمك والتوغل في عمق نصك والابحار فيه والوقوف على جمالياته وقد درسنا في الادب على مر العصور أن النقاد يكرهون الكلام الغريب الذي يصعب فهمه، لذا فاللهجة البيضاء كرت عبورك لمتابعيك يجعلهم أكثر ترقبا لكل جديد تطرحه.