وقعت الرئاسة اليمنية وجماعة الحوثيين، مساء أمس "اتفاق السلم والشراكة الوطنية" لإنهاء الأزمة السياسية، في وقت سيطرت فيه الميلشيات الحوثية على مقار رئيسة للحكومة في صنعاء، وبعد استقالة رئيس الوزراء احتجاجا على ما وصفه "تفرد رئيس الجمهورية بالسلطة"، ويتضمن الاتفاق تعيين رئيس للوزراء خلال أيام وتشكيل حكومة خلال شهر. وقال الرئيس في كلمة متلفزة عقب توقيع الاتفاق: لقد توصلنا بجهود دولية وبموافقة كل الأطراف السياسية الى اتفاق تاريخي لإنهاء الأزمة، ويجنب البلاد المحنة، داعيا للبدء في تنفيذه مباشرة. وقال المبعوث الأممي جمال بن عمر : إن الرئيس سيعين - بموجب الاتفاق - مستشارين سياسيين من الحوثيين والحراك الجنوبي، وفور تعيين رئيس الوزراء سترفع خيم الاعتصام التي نصبها الحوثيون وينبغي أن تتوقف جميع أعمال القتال. ونقلت وكالات أنباء عن مصادر في الرئاسة والحكومة أن بنود الاتفاق الذي وقع في دار الرئاسة جنوبي صنعاء، بحضور المبعوث الأممي وكافة القوى السياسية، يتضمن تشكيل حكومة جديدة، وتشكيل لجنة اقتصادية لإعادة النظر في قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية. كما يتضمن إعادة النظر في قرار تقسيم الأقاليم الذي أقره مؤتمر الحوار الوطني، وقضى بتقسيم اليمن إلى 6 أقاليم، 4 منها في الشمال، واثنان في الجنوب. وفيما أعلن عن توقيع اتفاق ينهي الحرب الطاحنة في البلاد ويؤسس لحكم ديموقراطي، سيطر فيه المتمردون الحوثيون مساء أمس وبشكل مفاجىء على مقر الحكومة والاذاعة ومقار عسكرية ووزارات مهمة في صنعاء في مشهد أظهر تراجعا كبيرا للسلطة، رغم إعلان الأممالمتحدة التوصل الى اتفاق لوضع حد للأزمة الحالية. وفيما أقرت مصادر رسمية بتقدم الحوثيين وسيطرتهم على مقار هامة في العاصمة، قدم رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة استقالته، ودعا وزير الداخلية أجهزة الأمن الى التعاون مع الحوثيين وعدم مواجهتهم عسكريا. وتواترت الأنباء عن سقوط مقار وزارة الدفاع والفرقة السادسة والمصرف المركزي والبرلمان ووزارتي الإعلام والصحة بأيدي المقاتلين الحوثيين، ونقلت فرانس برس عن مصدر رسمي أنهم "سيطروا على مقر رئاسة الوزراء (الحكومة) وعلى الاذاعة اضافة الى مقر اللواء الرابع". وأعلن المتحدث باسم الحوثيين محمد عبدالسلام عن سقوط مقار حيوية في أيدي مقاتليهم، وهي: القيادة العامة للقوات المسلحة، ومعسكر الإذاعة، والمؤسسات الرسمية المتواجدة بمنطقة التحرير (و) رئاسة الوزراء. ونفى علي البخيتي عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثيين ما تردد حول وجود صفقة سرية بين جماعته والحرس الرئاسي تقضي بتسهيل الأخير للجماعة السيطرة على المقرات الرئيسة في صنعاء. وقال لوكالة الأنباء الألمانية : "لا يوجد اتفاق أو صفقة وكل ما حدث هو أن ألوية الحماية الرئاسية والقيادة العامة القوات المسلحة كلها رفضت المشاركة في معركة الدفاع عن الفرقة الأولى مدرع، على اعتبار ان الفرقة بقيادة علي محسن الأحمر تعد فرقة متمردة على السلطة الشرعية من خلال مخالفتها قرار القيادة العامة للقوات المسلحة بعدم جواز إطلاق النار على المتظاهرين ومواجتهم بالسلاح". وفي وقت لاحق، أعلن عبدالسلام السيطرة على مقر الفرقة الاولى مدرع (سابقا)، أي مقر اللواء علي محسن الأحمر الذي يبدو انه تمكن من الفرار، مع العلم بأنه من ألد أعداء الحوثيين. ويقدر مسؤولون يمنيون أن أكثر من مائة شخص قتلوا في المعارك التي تركزت - إلى حد بعيد - في شمال صنعاء قرب مقر الفرقة الأولى مدرعة، وقال أحد السكان في المنطقة : إنه أحصى عشر جثث على الأقل لستة من مقاتلي الحوثيين وأربعة جنود نظاميين قتلوا في المعارك. وتأتي هذه التطورات رغم وصول اثنين من ممثلي التمرد الحوثي الى القصر الجمهوري في صنعاء بعد إعلان المبعوث الاممي ليل السبت التوصل الى اتفاق سياسي تم توقيعه مساء أمس حسب مراسل التلفزة "العربية". وأفادت وكالة الانباء اليمنية بأن الرئيس اليمني عقد لقاء "مع مستشاريه وممثلي الأحزاب والقوى السياسية بمن فيهم الحوثيين. وشارك في اللقاء مبعوث الاممالمتحدة جمال بن عمر الذي كان أعلن التوصل الى اتفاق لحل الأزمة الراهنة يقوم على نتائج الحوار الوطني، ويهدف لوقف القتال وتمهيد الطريق لتشكيل حكومة جديدة خلال أسبوعين. وفي الاثناء، قدم باسندوة استقالته متهما رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي بالتفرد بالسلطة، بعد أكثر من شهر على بدء المتمردين الحوثيين تحركهم للدفع نحو إسقاط الحكومة والتراجع عن قرار رفع أسعار الوقود، لكن القصر الرئاسي أعلن أنه لم يتسلم بعد أي طلب استقالة من رئيس الوزراء. وقال باسندوة في رسالة الاستقالة التي نشرتها الامانة العامة لرئاسة الوزراء: "لقد قررت ان أتقدم اليكم باستقالتي من رئاسة الوزراء". وأشار باسندوة - الذي يرأس حكومة وفاق وطني شكلت بموجب اتفاق انتقال السلطة الذي وضع حدا لحكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح - الى انه "رغم ان المبادرة الخليجية (اتفاق انتقال السلطة) وآليتها المزمنة نصتا على الشراكة بيني وبين الاخ الرئيس في قيادة الدولة، لكن ذلك لم يحدث إلا لفترة قصيرة فقط ريثما جرى التفرد بالسلطة لدرجة انني والحكومة أصبحنا بعدها لا نعلم اي شيء لا عن الاوضاع الامنية والعسكرية ولا عن علاقات بلادنا بالدول الأخرى". وقد دعا وزير الداخلية عبده حسين الترب الاجهزة الامنية الى التعاون وعدم مواجهة المسلحين الحوثيين. وجاء في بيان لوزير الداخلية اللواء عبده حسين الترب : "ندعو كافة منتسبي الوزارة الى عدم الاحتكاك مع (الحوثيون) أو الدخول معهم في أي نوع من أنواع الخلافات". كما دعا العاملين في الوزارة الى "التعاون معهم في توطيد دعائم الأمن والاستقرار، والحفاظ على الممتلكات العامة وحراسة المنشآت الحكومية، التي تعد ملكا لكل أبناء الشعب، واعتبار أنصار الله اصدقاء للشرطة". وكانت وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة دعتا في وقت سابق أمس "منتسبي الوحدات العسكرية المرابطة في إطار إمانة العاصمة وما حولها إلى البقاء في وحداتهم بجاهزية عالية والحفاظ على الممتلكات والمعدات ومختلف العهد العسكرية وعدم التفريط فيها كونها من ممتلكات الشعب". إلا أن شهود عيان أكدوا لوكالة فرانس برس ان الحوثيين تمكنوا من السيطرة على كميات كبيرة من الاسلحة، خصوصا من مقر اللواء الرابع. وينشر الحوثيون آلافا من المسلحين وغير المسلحين في صنعاء وحولها منذ اعلن زعيم التمرد عبد الملك الحوثي في 18 أغسطس تحركا احتجاجيا تصاعديا للمطالبة باسقاط الحكومة والتراجع عن قرار رفع اسعار الوقود، اضافة الى تطبيق مقررات الحوار الوطني. واستمرت المواجهات في صنعاء منذ إعلان المبعوث الدولي جمال بن عمر ليل السبت التوصل الى اتفاق بين الحوثيين والرئاسة اليمنية لانهاء الازمة الحالية. وانزلق الوضع الى العنف منذ ايام في صنعاء وضاحيتها الشمالية حيث قتل العشرات في مواجهات بين الحوثيين ومسلحين قبليين موالين للتجمع اليمني للاصلاح، الحزب الاسلامي الاكبر في اليمن. وأعلن بن عمر في وقت متأخر من مساء السبت اتفاقا ل "حل الازمة" في اليمن بعد ان التقى زعيم التمرد عبدالملك الحوثي في معقله في صعدة بشمال اليمن. وأوضح في بيان انه "بعد مشاورات مكثفة مع جميع الاطراف السياسية بما فيها انصار الله (الحوثيون) تم التوصل الى اتفاق لحل الازمة الحالية في اليمن (...) والتحضير جار لترتيبات التوقيع" على الاتفاق.