يحاول الاحتياطي الفيدرالي (الذي يقوم مقام البنك المركزي الأمريكي) الاستفادة أكثر قليلاً من سياسة التحفيز النقدي، التي تعتمد بشكل كبير على تعزيز مصطنع لأسواق الأسهم، وعلى تعزيز السندات لتوليد النمو. من خلال القيام بذلك، فهو يقوم بتعريض الاستقرار المالي لخطر أكبر، وزيادة اعتماده على كونجرس لا يبدو أنه قادر على التعامل بشكل كامل مع مسؤولياته الاقتصادية. قبل بضعة أيام، وبالذات في يوم الأربعاء، أكدّ الاحتياطي الفيدرالي أنه سيقوم بإنهاء برنامجه الاستثنائي لشراء السندات في الشهر المقبل، لكنه توقف عن التغيير بشكل صريح في لهجته حول بيانه الخاص بسياسته النقدية ليعطي إشارة بأنه سينهي جولة أسعار الفائدة القريبة من الصفر – وهي الخطوة التالية المتوقعة بشكل واسع من البنك، والتي يسعى من خلالها للخروج من فترة طويلة غير متوقعة من التحفيز النقدي التجريبي. من خلال الحفاظ على دعمه للاقتصاد، يأمل الاحتياطي الفيدرالي في أن يعمل على خلق قوة دافعة تكون أكثر من تعويض عن الخطر الأكبر لعدم الاستقرار المالي. تلك المفاضلة لن تعمل بشكل جيد مع الشارع الرئيسي، أي الناس العاديين، على عكس وول ستريت والأثرياء فقط، إلا إذا قامت الحكومة والشركات بأخذ عصا النمو من الاحتياطي الفيدرالي - على سبيل المثال، من خلال الاستثمار في البنية التحتية والتوسّع. خلافاً لذلك، هناك فرصة مُقلقة في أن الولاياتالمتحدة سينتهي بها المطاف عالقة بالركود الاقتصادي، كما سيتبيّن أن أدوات الاحتياطي الفيدرالي التنظيمية غير كافية لمواجهة الضائقة المالية في المستقبل. قرار السياسة النقدية الذي تم اتخاذه يوم الأربعاء كان قراراً صعباً. البيانات الاقتصادية الأخيرة كان من شأنها أن تدعم كلاً من نهاية برنامج شراء السندات، إلى جانب التغيير في طريقة الاحتياطي الفيدرالي في التعامل مع أسعار الفائدة. لكن اعتماد الولاياتالمتحدة المفرط على سياسة نقدية مرنة، إلى جانب اقتصاد عالمي وبيئة جغرافية سياسية تفتقر إلى الاستقرار، فإن ميزان المخاطر يميل إلى الجانب السلبي. وصل متوسط مؤشر داو جونز الصناعي على الفور إلى رقم قياسي مرتفع جديد، الأمر الذي يدل على مقدار وأبعاد المخاطر المالية التي ستقوم سياسة الاحتياطي الفيدرالي حتماً بتشجعيها. لتقليل الضرر المحتمل، يحتاج الاقتصاد إلى أن يتحوّل من محركات تنتج عن قرارات الاحتياطي الفيدرالي إلى محركات مدفوعة بالنمو الحقيقي، والقيام بذلك قبل أن يصبح المزيد من حالات الاضطراب والتعطيل الذي تأثر بالركود أمراً دائماً. نظراً للمواقف السياسية المكثّفة قبل انتخابات الكونجرس في شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، من الصعب رؤية المشرّعين وهم يتفقون على التدابير الاقتصادية التي تحتاجها البلاد. القطاع الخاص يصبح أكثر ثقة، لكنه لا يزال يفتقر إلى الدافع القوي لجعل الاقتصاد يصل إلى سرعة الإفلات التي تؤهله للخروج من الركود. إذا لم يتغيّر هذا، فإن الرهان على السياسة النقدية من الاحتياطي الفيدرالي قد ينتهي بخيبة أمل.