وزير الاقتصاد يستعرض التعاون مع الصين    لمواجهة رسوم ترمب.. بريطانيا: 3 مليارات دولار لدعم صناعة الصلب    المبعوث الأمريكي: مفاوضات مرحلة اتفاق غزة الثانية ستنطلق هذا الأسبوع    عبور 25 شاحنة إغاثية سعودية جديدة إلى سوريا    ولي العهد والرئيس الفرنسي يبحثان هاتفياً تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية    وزير الداخلية: مجلس وزراء الداخلية العرب يُمثل عمق التحالف الأمني العربي    شرطة الرياض تضبط 14 وافداً لمخالفتهم نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    المسلم يحول رواياته إلى أفلام سينمائية ودرامية    الأخضر السعودي تحت 20 عاماً يخسر أمام العراق في كأس آسيا    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام لدولة الكويت    إطلاق معسكر "مستقبل الإعلام في الذكاء الاصطناعي التوليدي"    رئاسة الشؤون الدينية تدشن الخطة التشغيلية لموسم شهر رمضان    الكويت تستضيف الأجتماع التاسع لوزراء السياحة    إحباط تهريب 240 كيلوغراماً من نبات القات في جازان    أمير جازان يدشن حملة التطعيم ضد شلل الأطفال ويعطي الجرعة الاولى لأحد الأطفال    سمو وزير الرياضة يتوّج البريطاني "رولاند" بلقب الجولة الرابعة من سباق جدة فورمولا إي بري 2025    بموافقة الملك.. «الشؤون الإسلامية» تنفذ برنامج «هدية خادم الحرمين لتوزيع التمور» في 102 دولة    «مرموش» جا يطل غلب الكل    الرئيس التونسي خلال استقباله الأمير عبدالعزيز بن سعود ووزراء الداخلية العرب يثمن الجهود المستمرة لتحقيق التكامل الأمني    سليمان محمد السليم... في ذمة االه    الطرق تبدأ استخدام معدة المسح التصويري الرقمي المتحرك    إطلاق خدمة تفعيل نظام دخول الشاحنات للشرقية بمواعيد إلكترونية    مي كساب: تأجيل عرض «نون النسوة» إلى بعد رمضان    الكرملين: واشنطن وموسكو تركزان على السلام    ارتفاع عدد قتلى تدافع بمحطة قطارات نيودلهي ‬إلى 18 على الأقل    آل الشيخ: نعتزُّ بموقف السعودية الثابت والمشرف من القضية الفلسطينية    أمير نجران يكرّم مدير فرع هيئة حقوق الإنسان بالمنطقة سابقاً    بعد هدف وتمريرتين حاسمتين.. الصحافة الإسبانية تتغنى بأداء بنزيما    انطلاق اختبارات الفصل الدراسي الثاني في مدارس تعليم الرياض    أمين مجلس التعاون يؤكّد على أهمية ضمان حرية الملاحة البحرية وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتأمين سلاسل الإمداد البحري    جمعية الذوق العام تنظم مبادرة "ضبط اسلوبك" ضمن برنامج التسوق    استشهاد ثلاثة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على رفح    السعودية تعرب عن دعمها الكامل للإجراءات التي اتخذها لبنان لمواجهة محاولات العبث بأمن مواطنيه    "الإحصاء" التضخم في المملكة بلغ 2.0%    "كبدك" تقدم الرعاية لأكثر من 50 مستفيدًا    أمطار رعدية وسيول في عدة مناطق    قمة «IAAPA» في الرياض.. مركز عالمي للوجهات الترفيهية    جدد رفضه المطلق للتهجير.. الرئيس الفلسطيني أمام القمة الإفريقية: تحقيق الأمن الدولي يتطلب دعم مؤتمر السلام برئاسة السعودية    الأرصاد: الأجواء معتدلة في رمضان    23 ألف مخالف في قبضة الأمن خلال أسبوع    عدم تعمد الإضرار بطبيعة المنطقة والحياة البرية.. ضوابط جديدة للتنزه في منطقة الصمان    استمع إلى شرح موجز عن عملهما.. وزير الداخلية يزور» الحماية المدنية» و» العمليات الأمنية» الإيطالية    «نبتة مصاص الدماء» تزهر في روسيا    جبال السعودية حصن فلسطين    تحول الإعلانات إلى قوة ناعمة    تآلف الفكر ووحدة المجتمع    فجوة الحافلات    التايلاندية "جينو تتيكول" تتوج بلقب بطولة صندوق الاستثمارات العامة السعودية الدولية للسيدات    تكساس تشهد أسوأ تفش للحصبة    عبدالعزيز بن سعود يزور وكالة الحماية المدنية الإيطالية    "أبواب الشرقية" إرث ثقافي يوقظ تاريخ الحرف اليدوية    843 منافس في مسابقة شاعر الابداع بعنيزة    الهوية الصامتة    قصة الدواء السحري    بينالي الفنون الإسلامية    عيد الحب: احتفاء بالمعنى الأزلي للحب    الحيوانات تمرض نفسيا وعقليا    عبدالعزيز بن سعود يزور وحدة العمليات الأمنية المركزية الإيطالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فخ الاحتياطي الفيدرالي

نيوهافين - بينما يحاول بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الخروج من السياسة النقدية غير التقليدية، فإنه يتصارع مع التفاوت الواضح بين نجاح السياسة في منع الكارثة الاقتصادية وفشلها في تعزيز التعافي القوي. وبقدر ما أدى هذا الانفصال إلى تجاوزات متصاعدة في الأسواق المالية، فإن الخروج سوف يكون أكثر إثارة للمشاكل بالنسبة للأسواق - وبالنسبة للسلطة النقدية الأميركية التي تركز اهتمامها على السوق.
تمتد جذور المعضلة الحالية التي يواجهها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى التغير الجذري الذي طرأ على فن وممارسة العمل المصرفي المركزي. والواقع أن السياسات النقدية التقليدية، المصممة لإنجاز المهمة المزدوجة التي يضطلع بها بنك الاحتياطي الفيدرالي والمتمثلة في تحقيق استقرار الأسعار والتشغيل الكامل للعمالة، غير مجهزة للتعامل مع المخاطر النظامية التي تفرضها فقاعات الأصول والائتمان، ناهيك عن ركود الميزانية العمومية الذي يترتب على انفجار مثل هذه الفقاعات. وقد بات هذا واضحاً بشكل مؤلم في السنوات الأخيرة، مع تحول البنوك المركزية في مواجهة الأزمة المالية العالمية في الفترة 2008-2009 نحو سياسات غير تقليدية - وبشكل خاص ضخ كميات ضخمة من السيولة عبر برنامج التيسير الكمي.
وتتلخص النظرية وراء هذا التحرك - كما تبناه بن برنانكي، كأكاديمي أولا، ثم كأحد محافظي البنك المركزي، ثم أخيراً كرئيس لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي - في أن العمل على البعد الكمي للدورة الائتمانية هو المعادل الوظيفي للعمل على جانب الأسعار من المعادلة. وقد ساعد هذا الافتراض في تحرير بنك الاحتياطي الفيدرالي من الخوف من «حد سعر الفائدة صفر» المروع الذي كانت تقترب منه في الفترة 2003-2004، عندما قرر في الاستجابة لانهيار فقاعة الأسهم خفض سعر الفائدة الرسمي إلى 1%. وإذا نفد رصيد بنك الاحتياطي الفيدرالي من النقاط الأساسية، وفقاً لهذه الحجة، فسوف يظل واضعاً يده على الكثير من الأدوات تحت تصرفه لدعم وتوجيه الاقتصاد الحقيقي.
ولكن الأسس الفكرية التي تقوم عليها هذه الحجة - والتي عرضت لأول مرة في ورقة بحثية في عام 2002 بواسطة 13 عضواً في فريق بحثي تابع لبنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة - هشة في أفضل تقدير.
ويُعَد العنوان الحميد ظاهرياً الذي خرج به البحث، «منع الانكماش: دروس من تجربة اليابان في التسعينيات» بمثابة تأكيد جوهري على أن معاناة اليابان كانت تضرب بجذورها في خطأ سياسي خطير: فشل بنك اليابان في الانتباه في الوقت المناسب لمخاطر الانكماش الأولي والتعامل معه بالقدر الكافي من القوة. (وليس من قبيل المصادفة أن تتزامن هذه الرؤية مع استنتاج مماثل أعلنه برنانكي في هجوم لاذع على بنك اليابان في أواخر التسعينيات). وكان المعنى الضمني واضحا: إذ يشكل التحفيز النقدي والمالي الضخم أهمية بالغة بالنسبة للاقتصادات المعرضة لخطر الاقتراب من حد الصفر.
وقد تبدد أي شك حول الشكل الذي قد يتخذه «التحفيز الضخم» بعد بضعة أشهر، عندما ألقى برنانكي محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي آنذاك خطاباً أكد فيه على ضرورة استعانة البنك المركزي بتدابير تهدف إلى تخفيف مخاطر الانكماش في اقتصاد كان يقترب من حد الصفر. وقد تتضمن مثل هذه التدابير شراء الديون العامة، وتزويد البنوك بالائتمان المدعوم، واستهداف أسعار الفائدة الأطول أجلا، أو حتى التدخل لخفض قيمة الدولار في أسواق الصرف الأجنبي.
وبعد بضع سنوات، اندلعت الأزمة المالية العالمية، وتحولت هذه التصريحات التي كانت مجرد تخمينات خاملة إلى الأساس لخطة عمل عاجلة. ولكن وسط الارتباك السائد تاهت حقيقة بالغة الأهمية: فالتدابير الناجحة في وقت الأزمات لا توفر بالضرورة الثِقَل الكافي لتحقيق التعافي في مرحلة ما بعد الأزمة - وخاصة إذا خلفت الأزمة الاقتصاد الحقيقي غارقاً في ركود الميزانية العمومية. ولأن هذا الركود يعوق آلية تحويل السياسة النقدية، فلن تخلف تعديلات أسعار الفائدة التقليدية ولا ضخ السيولة غير التقليدي تأثيراً كبيراً في أعقاب الأزمة، عندما يصبح تقليص المديونية وإصلاح الميزانية العمومية ضرورة ملحة.
وهذه هي الحال بكل تأكيد في الولايات المتحدة اليوم. فربما حقق التيسير الكمي نجاحاً باهراً في بعض النواحي - وعلى وجه التحديد، وقف المرحلة الأشد خطورة من الأزمة. ولكنه لم يكن كافياً لإنعاش الاستهلاك الأسري، والذي يمثل نحو 70% من اقتصاد الولايات المتحدة. والواقع أن متوسط النمو السنوي في الإنفاق الاستهلاكي الحقيقي كان 1.3% فقط منذ أوائل عام 2008 - وهي الفترة الأكثر ضعفاً في نمو الاستهلاك على الإطلاق.
وهذا ما يؤكده النقص الصارخ في «عائد الناتج المحلي الإجمالي» من ضخ السيولة من قِبَل بنك الاحتياطي الفيدرالي. فرغم إضافة 3.6 تريليون دولار من السيولة المتراكمة إلى الميزانية العمومية لبنك الاحتياطي الفيدرالي منذ أواخر عام 2008، فإن الناتج المحلي الإجمالي الاسمي ارتفع بنحو 2.5 تريليون دولار فقط من الربع الثالث في عام 2008 إلى الربع الثاني من هذا العام. وكما أشار رجل الاقتصاد الراحل جون ماينارد كينز بعد أزمة الكساد الأعظم في ثلاثينيات القرن العشرين، فعندما ينزلق أي اقتصاد إلى «فخ السيولة»، في ظل عجز أسعار الفائدة المنخفضة عن استحثاث الاستثمار أو الاستهلاك، تصبح محاولة استخدام السياسة النقدية لتحفيز الطلب أشبه بالنفخ في بالون مثقوب.
ويخلف هذا النهج أيضاً عواقب وخيمة في الأسواق المالية. فبعد ارتفاعها بما يتجاوز الضعف منذ هبوطها الحاد نتيجة للأزمة، كانت سوق الأوراق المالية في الولايات المتحدة المستفيد الرئيسي - فضلاً عن كبار حاملي الأسهم الذين كوفئوا بسخاء - من المناورة غير التقليدية التي نفذها بنك الاحتياطي الفيدرالي. ويصدق نفس القول على مجموعة متنوعة من الأدوات الثابتة الدخل التي كانت محفوفة بالمخاطر ذات يوم - من سندات الشركات «الرخيصة» ذات العائد المرتفع إلى الديون السيادية في أوروبا التي مزقتها الأزمة.
كانت وجهة النظر السائدة في أوساط العمل المصرفي المركزي أن ما يسمى «تأثير الثروة» - عندما يعمل ارتفاع قيمة الأصول على تحفيز النشاط الاقتصادي الحقيقي - قادر على تحقيق المعجزة وتعزيز التعافي المتأخر في مرحلة ما بعد الأزمة. غير أن التعافي الهزيل المستمر، وما صاحبه من رياح عكسية في سوق العمل الأميركية، يكذب هذا الافتراض.
ورغم هذا، يصر بنك الاحتياطي الفيدرالي على تركيزه المفرط على ردود فعل الأسواق المالية - وهو ما أوقعه فخ فتاك محتمل. وبدافع من خشيته من تقلبات السوق، تبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي نهج الخروج البطيء من التيسير الكمي. ومن خلال الإفراط الشديد في الاهتمام بالمعاني الدقيقة للكلمات وإهدار وقت كبير في وصف الجدول الزمني المتوقع لتطبيع السياسة النقدية، انزلقت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جانيت يلين إلى نفس الفخ. والواقع أن هذه المناقشة العقيمة تشبه إلى حد كبير نص التطبيع التدريجي الذي وضعه برنانكي-جرينسبان في الفترة 2004-2006. ومن المحزن أننا نعلم تماماً كيف انتهت هذه القصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.