تستعد منازل الأحساء مع اقتراب موسم صرام التمور، وانتهاء المزارعين من جني محصولهم وبيعه، لصناعة الدبس منه، حيث يقوم الأهالي مع كل موسم بصناعة الدبس للمنزل أو اهدائه لأقاربهم وجيرانهم أو لبيعه في الأسواق. ويحتل التمر ودبس التمر منزلة خاصة لدى أهالي الأحساء، خصوصاً أن التمر والدبس يمكن تخزينهما لمدة طويلة، فيلجأ المشترون عادة إلى شراء كميات كثيرة منه. وأوضحت "أم خالد الصقر" التي تقوم بصناعة الدبس في منزلها لبيعه وكذلك توزيعه على أقاربها وجيرانها: إنها في كل عام وبعد الانتهاء من موسم صرام التمور، تقوم بصنع دبس التمر، حيث تبدأ بتنقية التمر من الشوائب ومن التمر غير الجيد، ومن ثم غسله جيدا؛ للتخلص من الأتربة، وبعد ذلك يوضع في قدر على النار، ويترك حتى ينضج التمر تماما. منوهة بأن علامة نضجه حسب توصية والدتها، تغير لون نواة التمر إلى اللون الأحمر القاتم، وبعد ذلك يوضع في كيس والبدء بعملية عصره، وبعد ذلك يتم تعريضه إلى أشعة الشمس لمدة يومين أو ثلاثة حسب حرارة الجو، بعد تغطيته بقطع قماش خفيفة؛ للمحافظة عليه من الحشرات. وأوضحت أن هناك من يقوم بتركيزه باستخدام النار، قائلة: "لكننا لا نفضلها لأنه سيكون حاد الحلاوة أكثر من الذي يركز بواسطة الشمس"، وبعد ذلك نقوم بتخزينه بواسطة عبوات صغيرة للاستخدام المنزلي، أما التجاري فيوضع في عبوات كبيرة ويتم بيعه. وتقول "أم خالد": إنها توفر أنوعا من الدبس الحساوي، منها: "دبس حاتمي وخلاص"، وتبلغ قيمة دلو الحاتمي 50 ريالاً، والخلاص 80 ريالاً، مؤكدة "أن الدبس يشتد عليه الطلب من أهالي الأحساء ومن خارجها طوال العام، وذلك لأهميته في صنع بعض أنواع الحلويات والأطباق الشعبية، كما أن هناك طلبيات عليه من دول الخليج بكميات هائلة". وتعد صناعة "أم خالد" للدبس من الطرق التقليدية، رغم التطورات في صناعة الدبس عبر الأجهزة والأدوات المستخدمة، حيث إنها تستمتع في صناعته بالطرق التقليدية والتي تستخدمها أسر الأحساء، قائلة: "يختلف طعم الدبس المصنوع في المنزل عن صنعه في مصانع التمور، كما أن صناعته في المنزل تحافظ على مواده الغذائية كاملة". وتستعد نورة الحسن لاستقبال موسم التمور؛ لصنع الحلويات المتخصصة، قائلة: "في كل سنة مع انتهاء موسم صرام التمور نبدأ بمرحلة كنز التمر في المنزل، ونقوم بعمل الحلويات من معمول وكعك التمر وغيره".وأشارت هيا العساف مسؤولة خط الدبس والخل في إحدى شركات الأحساء للصناعات الغذائية، إلى أن مصانع التمور تقوم بتجهيز الدبس، وذلك من خلال مرور تمر الخلاص والموحد إلى خط الدبس، وهو الأكثر مبيعاً، عبر الأجهزة المخصصة له، ويتضمن سطلاً وقارورة، وتتراوح أسعار الدبس "الموحد 10 ريالات للقارورة، 35 ريالا للسطل" "والخلاص 15 ريالا للقارورة، و60 ريالا للسطل". بالإضافة إلى خط العجين، ومن خلاله يكون التمر مغسولا ومن ثم يمر في مرحلة البخار واستخراج النواة ومن ثم تعجينه. مبينة أن مصانع التمور تقوم بتوزيع كميات هائلة من الدبس، بالإضافة إلى الطلبيات القائمة عليه. ويعد موسم صناعة الدبس في الأحساء فرحة للأسر، حيث تقوم كثير من الأسر بإهداء أقاربها محصول التمور والدبس، كما يزداد الاقبال عليه من دول الخليج المجاورة. خاصة وأن نخيل الأحساء لا يعطي ثماراً بنفس المذاق إذا ما زُرعت في أماكن أخرى، والأمر نفسه ينطبق على أنواع أخرى من الثمار التي تشتهر بها الأحساء، مثل: "الرمان" و"التين" و"الليمون الحساوي"، لتميز أرض ومناخ واحة الأحساء.