قال باحثون في «مؤسسة أمريكا الجديدة» New America Foundation ضمن تقرير صدر قبل أسبوعين، إن شركات التكنولوجيا الأمريكية في خطر فقدان المزيد من الأعمال لصالح منافسين أجانب إذا لم يتم كبح قدرة وكالة الأمن القومي على التجسس على زبائنها. التقرير، الذي أعدّه «معهد التكنولوجيا المفتوحة» التابع للمؤسسة، يطالب بمنع وكالة الأمن القومي من جمع البيانات بكميات كبيرة، في الوقت الذي يُتيح للشركات الإعلان عن المزيد من التفاصيل بشأن المعلومات التي تعطيها للحكومة. كذلك من شأن تشريع مجلس الشيوخ الذي تم تقديمه في الفترة الأخيرة تلبية بعض توصيات المعهد، وهو مجموعة استشارية قائمة في واشنطن كانت تنتقد برامج وكالة الأمن القومي. أوضح التقرير، مشيراً إلى مخاوف من مسؤولين تنفيذيين في مايكروسوفت وسيسكو وشركات أخرى، أن عمليات تجسس وكالة الأمن القومي يمكن أن تُلحق الضرر بصناعة خدمات الحوسبة السحابية البالغة قيمتها 150 مليار دولار. تلك الخدمات تتوسع بشكل سريع مع قيام الشركات بنقل البرامج والبيانات إلى خوادم بعيدة. قال كريس هوبفينسبيرجر، مدير السياسة في جمعية منتجي برامج الكمبيوتر التجارية BSA، وهي جمعية تجارية قائمة في واشنطن وتمثل شركات من ضمنها أبل وأوراكل: «إن نقطة الألم الفورية هي المبيعات الضائعة وتحدّيات الأعمال». كذلك قال جون فرانك، نائب المستشار العام في مايكروسوفت، شركة صناعة البرامج التي مقرها في ريدموند في ولاية واشنطن، إن مايكروسوفت تسمع من الزبائن «أنهم يهتمون بشأن المكان الذي يتم فيه تخزين محتوياتهم وكيف يتم استخدامها وتأمينها أكثر من أي وقت مضى». وقال جاك إيفانز، المتحدث الرسمي لشركة مايكروسوف، في رسالة بالبريد الإلكتروني، إن الشركة لم تشهد بعد أي تأثير كبير على الأعمال. آلاف الجروح انضمت مايكروسوفت إلى ياهو وجوجل وشركات أخرى في تحالف يدعو إلى فرض قيود واسعة على عمليات تجسس وكالة الأمن القومي. قال التحالف في بيان صدر في الفترة الأخيرة، إن مشروع قانون مجلس الشيوخ «سيساعد على استعادة الثقة في الإنترنت من خلال إنهاء قيام الحكومة بجمع بيانات الإنترنت الوصفية الكبيرة، وزيادة الشفافية فيما يتعلق بجميع ممارسات المراقبة الأمريكية». أما كريستيان داوسن، كبير الإداريين للعمليات في شركة سيرفينت، القائمة في ريستون فيرجينيا وتقوم بتزويد خدمات استضافة المواقع الإلكترونية، فقال: إن الشركة قد شهدت تراجعاً في عدد الزبائن الأجانب بنسبة 30 بالمائة منذ ظهور الأنباء عن تسريبات وكالة الأمن القومي في شهر حزيران (يونيو) عام 2013. قال داوسون في مقابلة عبر الهاتف: «ينتهي المطاف بك إلى الموت التدريجي نتيجة آلاف الجروح الصغيرة وليس بالضربة القاضية.» بدأ اختبار الثقة في شركات التكنولوجيا قبل عام، عندما قام متعهد وكالة الأمن السابق إدوارد سنودن بتسريب وثائق كشفت عن برنامج يُدعى بريزم، كانت الولاياتالمتحدة بموجبه تقوم بإجبار الشركات من خلال أوامر صادرة عن المحكمة على تسليم بيانات عن المستخدمين لديها. كما كشفت الوثائق أيضاً عن قيام وكالة الأمن القومي بقرصنة كيبلات الألياف الضوئية في الخارج لسرقة البيانات، والاعتراض المادي لأجهزة التوجيه، والخوادم وغيرها من معدات الشبكات وذلك لتثبيت أدوات مراقبة قبل أن يتم شحنها إلى المستخدمين. 35 مليار دولار قال داوسون، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس تحالف بنية الإنترنت التحية، الذي يمثّل شركة ديل وراكسبيس هوستنيج وشركات أخرى، إن الشركات الدولية لتزويد خدمة السحابة تستخدم التسريبات عن نشاطات وكالة الأمن القومي كأداة تسويق. عملاء شركة سيرفينت أخبروا داوسون أنهم لن يتحمّلوا بعد الآن السماح لشركات قائمة في الولاياتالمتحدة بأن تتولى استضافة بياناتهم. كما قال معهد التكنولوجيا المفتوحة: إن هناك ضرورة لإجراءات إضافية للحد من التأثير السلبي على الشركات الأمريكية التي تواجه انخفاضاً في المبيعات وخسارة فرص العمل، مثل التشريع الذي يُقيّد التجسس على الأجانب والسياسات قيد التطوير حول الوقت الذي يُبرر قيام الحكومة سراً بتثبيت برامج ضارة على أجهزة الكمبيوتر. قد تفقد شركات التكنولوجيا الأمريكية ما يصل إلى 35 مليار دولار في الأعوام الثلاثة القادمة من الزبائن الأجانب لقيامهم بعدم اختيار شراء منتجاتها بسبب مخاوف بأنها تتعاون مع برامج التجسس، وذلك وفقاً لدراسة سابقة من إعداد مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار القائمة في واشنطن. أصبحت سيسكو واحدة من الشركات الأولى التي تحدثت علناً عن مخاوف بشأن عمليات تجسس وكالة الأمن القومي. قال جون تشامبرز، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للشركة القائمة في سان هوزيه في كاليفورنيا، أثناء عقد مؤتمر الأرباح عبر الهاتف في شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، إن التسريبات أثّرت على المبيعات في الصين وتسببت بجعل زبائن في بلدان أخرى يترددون عند اتخاذ قرارات بشأن شراء المنتجات. في رسالة للرئيس باراك أوباما في الخامس عشر من أيار (مايو)، قال تشامبرز: إن الثقة في خدمات الإنترنت المجانية والمفتوحة أصحبت «متآكلة» بسبب التسريبات حول نشاطات المراقبة الحكومية ودعا إلى تحديد «مجموعة جديدة من قواعد الطريق». المتحدث الرسمي لشركة سيسكو، جون إيرنهاردت، رفض التعليق على ما إذا كانت الشركة لا تزال تشهد تباطؤاً في المبيعات، قائلاً: إنه سيتم الإعلان عن أرباح الربع الرابع لسنتها المالية في منتصف شهر آب (أغسطس) تقريباً. كما أعلنت الحكومة الألمانية أيضاً عن إلغاء عقد مع شركة فيرايزون للاتصالات ردّاً على ظهور تسريبات على التجسس. قال كل من داوسون وهوبفينسبيرجر، إنه من غير الممكن تحديد مبلغ خسارة الأعمال بالنسبة للشركات الأمريكية كنتيجة للتسريبات حول وكالة الأمن القومي. وقال هوبفينسبيرجر: «إذا ذهب أي زبون مباشرة إلى شركة تزويد غير أمريكية من أجل شيء ما، فأنت لا تعرف أنك لم تتلق المكالمة».