قالت منظمة الصحة العالمية إن أسوأ حالات اندلاع وباء الإيبولا حتى الآن هو حالة طارئة تهدد الصحة العامة، وتهدد الدول التي تقع خارج البلدان الأربعة في غرب إفريقيا حيث ينتشر الفيروس. بيان منظمة الصحة العالمية، ومقرها جنيف، لم يصل إلى حد التوصية بحظر عام على السفر وحظر التجارة، حيث قال إنه ينبغي فقط للناس المصابين ألا يعبروا الحدود إلا كجزء من عملية الاخلاء الطبي الرسمي. وقالت المنظمة إن البلدان المتضررة تعمل مع شركات الطيران لضمان الرعاية المناسبة للأطقم المتمركزة هناك وتمكين التعرف السريع على الركاب الذين يمكن أن يكونوا قد خالطوا المصابين. وقالت المنظمة في بيان لها امس إن «النتائج المحتملة لمزيد من الانتشار على المستوى الدولي هي خطيرة بشكل خاص نظراً لضراوة الفيروس». وأضافت: «تعتبر الاستجابة الدولية المنسقة أمراً ضرورياً لوقف وعكس اتجاه الانتشار الدولي لفيروس الإيبولا». وبينت منظمة الصحة العالمية أمس، أن حالة الاندلاع الوبائي الأخيرة أدت إلى مصرع 961 شخصاً في غينياوليبيريا ونيجيريا وسيراليون منذ الإبلاغ عنه لأول مرة في شهر مارس، كما تم الإبلاغ عن 68 حالة إصابة جديدة على مدى يومين. وهذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها فيروس الإيبولا في غرب أفريقيا. ومع عدم وجود الرقابة على الحدود، فقد سهل انتقال المصابين الذين لم يلتمسوا العناية الطبية بسبب الخوف أو الشك أو العار، والسفر بحرية بين الدول الثلاث. كما أن الممارسات الجنائزية غير الصحية التي تنطوي على اتصال مع الجثث المصابة قد ساعدت أيضاً على انتشار المرض. الوضع يزداد سوءاً وقالت مارغريت تشان، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، إن زيادة الوعي بهذا المرض من المرجح أن تؤدي إلى تقديم المزيد من المرضى من أجل الحصول على المعالجة، وهو ما أدى إلى ارتفاع عدد الحالات المبلغ عنها. وقد ادعى بعض الناس أنه لا وجود للمرض. قال كيجي فوكودا، مساعد المدير العام في جنيف، أمس إن منظمة الصحة العالمية «على استعداد تام لتتم الاستجابة لهذا الاندلاع الوبائي على مستوى عال لبضعة أشهر»، وأضاف ان «الاحتمال هو أن الأمر سوف يزداد سوءاً قبل أن يتحسن». وقال فوكودا إن الإعلان أن الوباء يشكل حالة طارئة خطيرة هو لتحفيز جهود الاستجابة. وقالت تشان إن منظمة الصحة العالمية ومنظمات الإغاثة، بما في ذلك منظمة «أطباء بلا حدود» هي الآن في «وضع العمل بالطاقة القصوى وتحت الضغط الشديد»، بسبب الأزمات الإنسانية في جميع أنحاء العالم، فضلاً عن تفشي متلازمة الجهاز التنفسي التاجي (مرض الكورونا) وفيروس أنفلونزا جديد في الشرق الأوسط. ودعت المجتمع الدولي إلى تكثيف المساعدات في أقرب وقت ممكن. وفي حين أن «المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها» تساهم في مكافحة الوباء، إلا أن مسؤولاً كبيراً في مؤسسة غير ربحية تعالج المرضى في ليبيريا، قال إن الولاياتالمتحدة وأوروبا تجاهلت أساساً الأرقام المتصاعدة لأعداد المرضى، إلى أن أصيب شخصان أمريكيان بالمرض في يوليو، وهما كينت برانتلي ونانسي وايتبول. كين ايزاك، نائب رئيس البرامج الدولية والعلاقات الحكومية في مؤسسة Samaritan's Purse، قال في شهادة مكتوبة للكونجرس: «إن كون العالم يسمح لوكالتي إغاثة اثنتين فقط لتحمل هذا العبء مع وزارات الصحة في هذه البلدان المعنية يشهد بعدم وجود اهتمام جدي أعطي لهذا الوباء». قالت منظمة أطباء بلا حدود، التي لديها ما يقرب من 700 عامل في البلدان الثلاثة الأكثر تضرراً، إنها لا يمكن أن تفعل أكثر مما تقوم به الآن بالأصل. قالت المنظمة: «يفقد الناس حياتهم لأن الاستجابة بطيئة جداً». وأضافت: «الدول التي تمتلك القدرات اللازمة يجب عليها فوراً إيفاد خبراء الأمراض المعدية المتاحين وأصول الاغاثة من الكوارث الى المنطقة». دعوة للصحوة وقالت تشان إن خبراء الصحة من أوغندا والغابون والكونغو الذين تعاملوا مع حالات الاندلاع الماضية هم الآن في المنطقة، إضافة إلى جهود الرعاية بقيادة أطباء بلا حدود والصليب الأحمر. وقال الاتحاد الاوروبي أمس إنه سيعزز مساعدات إيبولا مجدداً هذا العام، ليصل المجموع إلى 11.9 مليون يورو (16 مليون دولار). وقامت مراكز السيطرة على الأمراض بزيادة عدد العاملين في المناطق المتضررة، وهناك اثنان من المسؤولين من بنوك التنمية يستعدان لتوفير دعم يصل إلى 260 مليون دولار من التمويل. وقد اصيبت راهبتان إسبانيتان، وكاهن أيضاً بالإيبولا، وفقاً لما قاله خوسيه ماريا فياديرو، مدير وكالة المساعدات الاسبانية القائم على الكنيسة خوان سيوداد في مدريد أمس، وأضاف ان من المتوقع أن يتعافى الكاهن، والمرضى لا يريدون إعلان التحديثات عن حالتهم الى الناس. قال فياديرو: «هذه هي دعوة لاستيقاظ المجتمع الدولي». وأضاف: «المشكلة مع العلاج هو أنه عندما يصاب الناس بالمرض، فإنهم يخشون الذهاب إلى المستشفى. انهم يخفون الإصابات، لأنه مثل مرض يصيب صاحبه بوصمة». شهود من مؤسسة Samaritan's Purse ومؤسسة SIM في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهي مؤسسة خيرية أخرى تعمل في المنطقة، تحدثوا عن مشاهد مرعبة في ليبيريا، حيث فر الأطباء والممرضات في البلاد أو رفضوا العمل، والمستشفيات لا تعمل بكفاءة، وتتمدد جثث ضحايا فيروس إيبولا في شوارع العاصمة مونروفيا، أو في مقابر جماعية ضحلة وغير صحية. وقال فوكودا إن معدات الوقاية والتدريب المناسبة للعاملين في المجال الطبي، وكثير منهم هم من المتطوعين، هي واحدة من الاهتمامات الأكثر إلحاحاً. وأضاف: «إن العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين أصيبوا بالعدوى، هم من الذين لم يتخذوا تدابير وقائية كافية». وقالت تشان إن العاملين في المجال الطبي الذين يخافون من الإصابة يحتاجون أيضا إلى حوافز لإعادتهم إلى العمل. وقالت: «تحتاج الحكومات في البلدان المتضررة لإرسال إشارة قوية إلى أن مساهمات العاملين الصحيين المحليين هي موضع تقدير وأنها يجب أن تدفع لهم الرواتب بشكل صحيح». ينتشر فيروس إيبولا من خلال الاتصال المباشر مع سوائل الجسم من شخص مصاب، ولا يوجد له علاج معتمد. العلاج المعياري هو الحفاظ على ترطيب المرضى، واستبدال الدم المفقود واستخدام المضادات الحيوية لمحاربة حالات العدوى الانتهازية. والأمل هو أن يتمكن نظام المناعة في الجسم من التغلب في نهاية المطاف على المرض. أدوية تجريبية وقال جيريمي فارار، مدير ويلكوم ترست، وهي واحدة من أكبر الجمعيات الخيرية للبحوث الطبية في العالم، إنه في حين إيبولا يشكل تهديداً خطيراً للناس في غرب إفريقيا، إلا أن الاحتمال ليس قوياً في أنه سوف يتحول إلى وباء عالمي. وقال فارار أمس في بيان بالبريد الإلكتروني: «لا يزال إيبولا يحظى باهتمام عالمي ويبقى هناك احتمال أن حالات إيبولا المستوردة سوف تصل إلى بلدان خارج دول غرب إفريقيا، وأيضاً فإن نظام الرعاية الصحية، والاقتصادات واستقرار البلدان المعنية ستتأثر». وتعقد منظمة الصحة العالمية أيضاً هيئة مستشارين من علماء الأخلاق الطبية الأسبوع المقبل لاستكشاف استخدام العلاجات التجريبية للإيبولا بعد عمل مزيج تجريبي من الأجسام المضادة الذي وضعته شركة ماب للصيدلة الحيوية، وكان قد استخدم لعلاج اثنين من الأمريكيين المصابين والعاملين في مجال الصحة. وقال فوكودا إن هيئة المستشارين سوف توازن بين استخدام العقارات غير الموافق عليها في ظل قيود العرض، وأدلة محدودة عن سلامتها وفعاليتها في البشر. وقال إنه في حالة الأمريكيين الاثنين اللذين عولجا بالدواء، فإنه من غير الواضح ما إذا كان العلاج قد ساعدهما على الشفاء، أو أن جهاز المناعة الخاص بهما قد حارب الفيروس مع توفر الرعاية الطبية المساندة.