أتاحت هدنة مدتها 72 ساعة بين اسرائيل وحماس لأهالي قطاع غزة فرصة ليعودوا الى بيوتهم. وعاد السكان في غزة التي أعلنها الرئيس الفلسطيني محمود عباس «منطقة كوارث» الى أحيائهم ليجدوا مجموعات كاملة من المنازل سويت بالأرض. وتشرد حوالي نصف مليون شخص جراء المعارك الدامية التي دمرت القطاع الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس). وغادر بعض من لجأوا الى مدارس تابعة للأمم المتحدة مأواهم عائدين لأحيائهم ليجدوا مربعات سكنية قد سويت بالأرض بفعل القصف الاسرائيلي وروائح الجثث المتحللة تحت الركام تزكم الأنوف. وبدأت اسرائيل هجومها على غزة يوم الثامن من يوليو. وبعد أن أعلن غزة منطقة كوارث قبل أيام، حث الرئيس عباس الأممالمتحدة ووكالات المساعدات الدولية على تحمل مسؤولياتها فيما يتعلق بتلبية احتياجات الفلسطينيين في القطاع المدمر. وقال صبري صيدم مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس ان على الأممالمتحدة اتخاذ الاجراءات اللازمة لتلبية الاحتياجات الانسانية للسكان ومساعدتهم بجهود الانقاذ. وأضاف صيدم لتلفزيون رويترز الثلاثاء «طبعا هناك استحقاقات دولية ضمن مفهوم الأممالمتحدة في التعامل مع مناطق الكوارث. هناك مجموعة من الإجراءات الاحترازية والإجراءات الطارئة التي تشرع الأممالمتحدة في أي مكان في العالم بأخذها باتجاه إنقاذ أي مجتمع يتعرض للكوارث الطبيعية أو للكوارث نتيجة الحروب». وأردف: «وبالتالي الرئيس أراد ان يحمل المنظومة الأممية مسؤوليتها وأن يطلب من كامل مكوناتها ان تبدأ بالشروع لتوفير الإمكانيات لإنقاذ شعبنا. نتحدث عن بنية تحتية مُدمرة تصل إلى حوالي 45%. عدد الشهداء يصل إلى حوالي 2000 وعدد الجرحى سيتجاوز 10000 والأرقام بازدياد؛ لأن تعود الناس مع التهدئة إلى منازلها وتكتشف الكوارث التي تراها». الأسباب الجذرية من جانبها دعت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتورة حنان عشراوي الى بذل المزيد من الجهود لمعالجة الأسباب الجذرية للخروقات الإسرائيلية، مشددة على ضرورة إطلاق مبادرة أوروبية سياسية سريعة قبل أن تجهز إسرائيل على احتمالات السلام بشكل كامل. وأكدت في تصريحات صحفية اليوم أهمية العمل على مستويات عدة تتمثل في تقديم الدعم الطارئ والآني لقطاع غزة المنكوب ودعم رفع الحصار غير القانوني بجميع أشكاله، وقالت: «ليس المطلوب وقف إطلاق النار فقط، وإنما التدخل العاجل لرفع الحصار عن قطاع غزة أيضا، وربطه مع باقي دولة فلسطينالمحتلة ومع العالم، ووضع مبادرات عملية وتكثيف الجهود ضمن خطة جدية لإعادة إعمار قطاع غزة، بالإضافة إلى إنهاء الاحتلال بشكل جذري كونه المشكلة الرئيسية. وطالبت عشراوي أوروبا عامة وبريطانيا وفرنسا على وجه الخصوص بتحمل مسؤولياتها السياسية والقانونية في لجم إسرائيل ومساءلتها على خروقاتها المتعمدة والمنافية لأحكام القانون الدولي، وردع مشروعها القاضي بفصل القدسالمحتلةوغزة والضفة الغربية عن بعضهم البعض وتوفير الحماية الدولية العاجلة لدولة فلسطين. مبالغ باهظة وكلفت الحرب غزة مبالغ باهظة حيث تحتاج الى ستة مليارات دولار لإعادة بناء بنيتها التحتية. ويقول السكان ان التكلفة الانسانية في القطاع البالغ عدد سكانه 1.8 مليون نسمة لا تقدر بثمن. وقالت عائلات في حي الشجاعية وهو أحد أكثر الأحياء تضررا في شرق غزة أن وقف إطلاق النار أعادهم الى كارثة أخرى. وأضافوا إن 72 شخصا قتلوا في حيهم وحده. ويلوم أهل الشجاعية العالم على عدم تأييدهم. وقال أحدهم ان قتل الفلسطينيين أصبح «مقبولا» الآن. وقالت يسرا أبوكاس «إيش بدي أقول للعالم. العالم ساكت العالم صامت العالم بيتفرج علينا ومبسوط. ودم الفلسطينية مهدور. وكأن نحنا دمنا مُباح. طب ليش إيش اللى عملنا؟ إيش الذنب اللي ارتكبنا نحنا عشان يعملوا فينا هكذا». وحذرت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق من الشهر الجاري من أن الأوضاع الصحية في غزة على شفا الانهيار وسط نقص حاد في الأدوية والوقود اللازم لمولدات الكهرباء بالمستشفيات. وقال محمود ضاهر مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في غزة ان الوضع على شفا أزمة، لكن هناك فرصة للانقاذ. وأضاف ضاهر: «إذا استقرت الاوضاع الأمنية أساسا. استمرار الوصول إلى الخدمات الصحية واستمرار تقديمها. يمكن ان نقول أننا في وضع يمكن السيطرة عليه. ولكن استمرار حالة الحرب وحالة التشرد قد تؤدي إلى مثل هذه الأوضاع السيئة. قلنا قبل عدة أيام في نشرة للصحافة من منظمة الصحة العالمية ان الوضع الصحي ينذر بكارثة إذا لم تتم السيطرة عليه. نحن نأمل ان تتم السيطرة عليه». من جهة أخرى سابق الوسطاء الزمن الخميس لتمديد الهدنة في قطاع غزة بين اسرائيل والفلسطينيين في الوقت الذي دخل فيه اتفاق وقف إطلاق النار آخر 24 ساعة له. لكن أهل غزة يرون انه حتى تمديد الهدنة لن يغير من الوضع شيئا؛ لأنهم أصبحوا بلا شيء بعد الحرب التي استمرت شهرا على القطاع. وقالت واحدة من سكان حي الشجاعية تدعى سميرة العجلة «رجعة منكوبة. إيش رجعت. سبع أولاد معي وكلهم متزوجين ومعاهم أولاد ..كلهم مطفشين. ورجعت أنا وبناتي وهذا ولد منهم. لسه بيرجعوا هيهم من عند الناس. إيش رجعت. اطلع الدمار. وين أقعد أنا وأولادي وكلهم معاهم أولاد؟ 8،9،7 وين أروح؟». وقال مسؤولون فلسطينيون ان مؤتمرا للمانحين من أجل جمع تبرعات لإعادة إعمار غزة سيعقد في العاصمة النرويجية أوسلو الشهر المقبل.