طالب قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي الثلاثاء، فرنسا بتسريع تسليم الأسلحة التي من المقرر أن يحصل عليها بموجب هبة سعودية، في وقت يبذل رجال دين مساع لوضع حد للمعارك التي تدور منذ السبت بين الجيش ومسلحين في شرق البلاد قرب الحدود السورية. وانعكست المعارك في محيط بلدة عرسال ذات الغالبية السنية، والتي أدت إلى مقتل 16 عسكرياً وفقدان الاتصال مع 22 آخرين، توترا في مدينة طرابلس (شمال)، حيث قتلت طفلة وأصيب 11 شخصاً بينهم سبعة جنود، في أعمال عنف وتبادل لإطلاق النار في منطقة باب التبانة ذات الغالبية السنية المتعاطفة مع المعارضة السوية. واندلعت الاحداث في عرسال السبت إثر مهاجمة مسلحين يعتقد أنهم جهاديون، حواجز للجيش في محيط البلدة إثر توقيف الأخير قيادياً جهادياً سورياً. وبات المسلحون عملياً، يسيطرون على البلدة بعدما دخلوها واقتحموا فصيلة لقوى الأمن الداخلي فيها، واقتادوا 20 عنصراً منها. وتعد هذه الأحداث الأخطر في هذه البلدة التي تستضيف عشرات آلاف اللاجئين السوريين منذ اندلاع النزاع السوري قبل ثلاثة أعوام. الأسلحة الفرنسية وقال قهوجي في تصريح لوكالة فرانس برس: إن "هذه المعركة تستلزم معدات وآليات وتقنيات يفتقر إليها الجيش، من هنا ضرورة الإسراع في تزويده المساعدات العسكرية اللازمة، عبر تثبيت لوائح الأسلحة المطلوبة ضمن الهبة السعودية عبر فرنسا ومؤتمر روما لدعم الجيش" الذي عقد في يونيو بمشاركة دول عدة أبرزها الولاياتالمتحدةوفرنسا والسعودية. ولم يقدم الجيش تفاصيل عن هذه الأسلحة التي تأتي ضمن هبة قيمتها ثلاثة مليارات دولار أميركي، أعلنت السعودية في ديسمبر 2013 تخصيصها لشراء أسلحة من فرنسا لصالح الجيش اللبناني. من جهتها، أبدت فرنسا الثلاثاء، استعدادها "لكي تلبي سريعا احتياجات لبنان" بعدما طالب قائد الجيش اللبناني. وقال مساعد الناطق باسم الخارجية الفرنسية فنسان فلورياني: "نحن على اتصال وثيق مع شركائنا من أجل تلبية احتياجات لبنان سريعاً". وأضاف: إن "فرنسا ملتزمة بالكامل بدعم الجيش اللبناني". وكانت الحكومة اللبنانية التي تتولى مجتمعة السلطات التنفيذية في ظل شغور منصب الرئيس، أعلنت، أمس، أن "لا مهادنة" مع "الإرهابيين القتلة"، مؤكدة أن الجيش "يحظى بدعم كامل" من مختلف مكوناتها السياسية. وكان لبنان تلقى مواقف داعمة منذ اندلاع معارك عرسال، أبرزها من مجلس الأمن الدولي وواشنطن وباريس ودمشق. وقال قهوجي: إن الوضع الأمني في محيط عرسال "خطير"، مؤكداً أن "معركة جرود عرسال التي يخوضها الجيش ليست إلا حلقة في أشكال مواجهة الإرهاب بكافة أشكاله، وأينما كان". وأكد أن "معركة الجيش ضد الإرهابيين والتكفيريين مستمرة"، مضيفاً، أن "الجيش مصر على استعادة العسكريين المفقودين". واستقدم الجيش خلال اليومين الماضيين تعزيزات كبيرة إلى المنطقة، وأعلن الإثنين، إنجاز "تعزيز المواقع العسكرية الأمامية" بعد معارك استخدمت فيها المدفعية الثقيلة والأسلحة الرشاشة. وأشار مصور لفرانس برس على مقربة من عرسال، إلى أن هدوءاً يسيطر منذ صباح الثلاثاء، وسط حركة شبه معدومة في المنطقة. وفد للتهدئة ويأتي ذلك تزامناً مع وجود وفد من "هيئة العلماء المسلمين"، وهي تجمع لرجال دين سنة غالبيتهم من السلفيين، يحاول التوصل إلى اتفاق لوضع حد للمعارك التي أدت أيضاً إلى مقتل ثلاثة مدنيين على الأقل. وتعرض وفد الهيئة الذي دخل عرسال بعد منتصف ليل الإثنين، إلى إطلاق نار من جهة مجهولة، ما أدى إلى إصابة أربعة أشخاص، بحسب مصدر في مكتب الشيخ سالم الرافعي، أبرز أعضاء الهيئة ورئيس الوفد. وقال المصدر: إن سيارة على متنها الرافعي، وعضو الهيئة نبيل الحلبي، ومرافقون لهما "تقدمت إلى داخل عرسال بعد عبورها آخر حاجز للجيش على أطراف البلدة". إلا أنه "وبعد عشر دقائق، استهدف إطلاق نار السيارة، ما أدى إلى إصابة ركابها الأربعة". وبحسب المصدر، اصيب الرافعي في رجله، والحلبي في رأسه. وباستثناء مرافق الرافعي الذي أصيب بإصابة حرجة، كانت باقي الإصابات طفيفة. ونقل المصابون إلى مستوصف داخل عرسال للعلاج. ويتحدر الرافعي والحلبي من طرابلس كبرى مدن شمال لبنان، والتي تشهد منذ ليل الإثنين، توترات في منطقة باب التبانة ذات الغالبية السنية، ما أدى إلى مقتل فتاة وإصابة 11 شخصاً، بينهم سبعة جنود . وبدأ التوتر ليل الإثنين في المدينة إثر احتجاج قرابة 150 شخصاً على معارك عرسال قرب مركز عسكري في باب التبانة. وفي وقت لاحق، ألقى مجهولون أربع قنابل قرب المركز، ورد عناصره بإطلاق النار، ما أدى إلى إصابة شخصين بجروح، بحسب مصدر أمني. واستمر التوتر طوال الليل باشتباكات متقطعة بين الجيش ومسلحين. وصباحاً، قتلت الفتاة البالغة من العمر 12 عاماً، وأصيب شخصان جراء تبادل إطلاق النار، بحسب مصدر أمني. وأتى الحادث بعد إطلاق مسلحين في المنطقة نفسها في وقت مبكر من صباح أمس، النار على باص ينقل عسكريين، ما أدى إلى إصابة سبعة منهم، بحسب الجيش. وشهدت طرابلس سلسلة معارك بين مجموعات مسلحة من باب التبانة، متعاطفة مع المعارضة السورية، ومجموعات علوية مؤيدة للنظام السوري، أدت إلى مقتل المئات منذ اندلاع النزاع السوري منتصف مارس 2011.