اتفق المختصون الاقتصاديون على أن المملكة تشهد خسائر كبرى في مجال هدر الطاقة بما يعادل 4.2 مليون برميل مكافئ للنفط يومياً، مشيرين بأن « مفهوم الطاقة كبير وواسع يتضمن الطاقة في مجال الصناعة، والمساكن، والمكيفات والوقود، وغيرها الكثير». وأبان المختصون، أن الحكومة قامت بإنشاء المركز السعودي الذي أسس عدداً من البرامج لترشيد الطاقة وترشيد الاستهلاك حتى يوفر الطاقة، والذي من الممكن استخدامها في مجالات أخرى ومنتجات أخرى . وتنشر « اليوم » آراء المختصين عقب نشر ملف الشهر عن « سوء استخدام الطاقة .. الجميع يخسر « والذي تناول وضع الطاقة في المملكة والعوامل التي أدت إلى ارتفاع الاستهلاك والبرامج التي وضعتها الحكومة لوقف هذا الهدر. ملف « اليوم » مميز وأكد مساعد مدير عام المركز السعودي لكفاءة الطاقة المهندس نايف الرقاص، أن الإعلام بشقيه التقليدي والجديد يضطلع بدور هام وحيوي في نشر الوعي بأهمية ترشيد استهلاك الطاقة، وتأسيس مفاهيم توعوية وإيجابية لدى جميع أفراد المجتمع ومؤسساته حول هذه القضية الهامة، مع التركيز على الأجيال الشابة التي ستضطلع بدورها في المستقبل القريب لبناء المجتمع، والحد من الاتجاهات والسلوكيات الخاطئة والظواهر السلبية. وقال المهندس الرقاص: إن العاملين في المركز السعودي لكفاءة الطاقة نعتبر الإعلام هو شريكنا الأساسي في نقل رسائلنا التوعوية للمجتمع، لا سيما أن الهدف الرئيسي من إنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة بقرار من مجلس الوزراء الموقر يتمثل في نشر الوعي بأهمية ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، وتنسيق جهود الجهات الحكومية وغير الحكومية في هذا المجال . وأضاف المهندس الرقاص، أن المركز السعودي لكفاءة الطاقة منذ إنشائه قبل أربع سنوات حرص على إيجاد علاقة إيجابية مع كافة وسائل الإعلام، وإيصال مفاهيم ترشيد استهلاك الطاقة، وأهمية وأبعاد هذه القضية ومدى تأثيرها على النواحي الاقتصادية على المدى القريب والبعيد، وكانت وزارة الثقافة والإعلام ضمن أعضاء اللجنة الإدارية للمركز السعودي لكفاءة الطاقة، التي تضم نحو 22 جهة حكومية مابين وزارات وهيئات ومؤسسات إلى جانب كبرى الشركات الحكومية وممثلين عن القطاع الخاص، وجميع هذه الجهات معنية بشكل مباشر أو غير مباشر عن قضايا الطاقة في المملكة العربية السعودية . ولفت المهندس الرقاص، كان هناك اختلاف في مدى فهم واستيعاب بعض الجهات الإعلامية لأبعاد القضية وأهميتها، وبالتالي عدم نقل الصورة بشكل كامل لأفراد المجتمع، وهذا نتيجة طبيعية في بداية الأمر، إلا أن الأمر اختلف في الآونة الأخيرة، إذ سرعان ما تشكلت قناعات لدى العديد من الجهات الإعلامية بأهمية قضية ترشيد استهلاك الطاقة، وضرورة نشر مفاهيم ترشيد الاستهلاك بين فئات المجتمع، حيث تسلم زمام المبادرة في البداية عدد من كتاب الأعمدة والمقالات اليومية والشهرية الذين يحظون بمتابعة كبيرة من الجمهور . وأضاف، أن هذه المقالات تزامنت مع بعض البرامج التلفزيونية في عدد من القنوات الفضائية، ومن ثم كانت الصحافة الورقية والإعلام الجديد رجع صدى لهذا الواقع الجديد، وكانت هذه المناشط الإعلامية تتصاعد بالتزامن مع تصاعد أنشطة ومنجزات المركز السعودي لكفاءة الطاقة في نشر الوعي عبر برامجه المختلفة، وباتخاذه قرارات ملزمة تتصدى للهدر الحاصل الذي نراه في مجال استهلاك الطاقة، ولعل من أبرز هذه القرارات رفع الحد الأدنى لمواصفات ومعايير استهلاك الطاقة في أجهزة التكييف بالتعاون مع الجهات التشريعية والرقابية التي تدخل ضمن اللجنة الإدارية للمركز السعودي لكفاءة الطاقة وهي على وجه التحديد الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، ومصلحة الجمارك، ووزارة التجارة. وقال المهندس الرقاص: إن هناك قرارا أصدر بمنع أجهزة التكييف غير المطابقة للمواصفات السعودية الجديدة التي أصدرتها هيئة المواصفات السعودية من الاستيراد أو البيع اعتباراً من بداية عام 2014م ، رأينا كيف كان للإعلام دور في نشر هذه القرارات والتعليق عليها، وتغطية أحداثها بشكل كبير، وكذلك تأييد هذه القرارات والأنشطة . ولفت المهندس الرقاص، أن الدور البارز الذي لعبته وسائل الإعلام السعودية في الآونة الأخيرة كانت أثناء الحملة التوعوية الكبيرة التي نفذها المركز عن أجهزة التكييف تحت عنوان ( تقدر .. تخفض فاتورتك من خلال مكيفك ) حيث تعد هذه الحملة الأولى من نوعها في المملكة التي تهدف إلى ترشيد استهلاك الطاقة من خلال اتباع خطوات وإرشادات بسيطة عند شراء أجهزة التكييف، ولدى استخدامها الأمر الذي سيضمن تحقيق وفورات جيدة في فاتورة الكهرباء على المواطن والمقيم، لاسيما مع تنامي استهلاك هذه الأجهزة للطاقة الكهربائية في قطاع المباني بنسبة وصلت إلى أكثر من 70 %، وذلك كمرحلة أولى ضمن عدة حملات توعوية يعتزم المركز تنفيذها على مدى ثلاث سنوات، وتستهدف في مجملها رفع الوعي ونشر ثقافة ترشيد استهلاك الطاقة لدى المجتمع من خلال تسليط الضوء على آثار ترشيد الاستهلاك على جميع الفئات . أشار المهندس الرقاص، أن الحملة انتهجت أساليب متنوعة ومتعددة في إيصال رسائلها الإعلانية للجمهور، بينما رافق هذه الوسائل حملة إعلامية في عدد من الفضائيات وجميع الصحف المحلية ورقية وإلكترونية، فضلاً عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإيصال رسائل الحملة، كعنصر مهم وفعال من عناصر هذه الحملة، لاسيما مع الانتشار الواسع لهذا النوع من الإعلام بين فئات الشباب من الجنسين وصغار السن، وهو ما يتوافق مع الدراسة المسحية التحليلية التي أجراها المركز السعودي لكفاءة الطاقة لمعرفة المستويات المعرفية والاتجاهية والسلوكية تجاه الطاقة وترشيد استهلاكها في المملكة، حيث كان من أبرز توصيات هذه الدراسة استخدام وسائل الإعلام الجديد والتواصل الاجتماعي لتأثيره الكبير وانتشاره الواسع . وأخيراً، قال المهندس الرقاص ، «وأود هنا أن أسجل إعجابي الشديد بالملف الخاص بكفاءة الطاقة وترشيد الاستهلاك الذي عملت عليه صحيفة «اليوم» ونشرته، حيث تميز بالاحترافية والشمولية ودقة الأرقام والإحصاءات، وهو ما يعكس مهنية واحترافية عالية من الصحيفة والقائمين على اعداد هذا الملف المتميز الذي يعد بمثابة مرجع هام في هذا المجال» . «سابك» .. توجه للاستدامة أكد نائب الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات والتخطيط في الشركة السعودية للصناعات الأساسية ( سابك ) المهندس يوسف بن عبدالرحمن الزامل ، أن مفهوم الطاقة كبير وواسع يتضمن الطاقة في مجال الصناعة ، والمساكن، والمكيفات، والوقود، وغيرها الكثير. أبان المهندس الزامل، أن المملكة في الوقت الحالي تشهد أرقاماً عالية ومخيفة في هدر الطاقة، حيث إن المملكة تخسر ما يعادل 4.2 مليون برميل مكافئ للنفط، وهذا ما ذكره الأمير عبد العزيز بن سلمان رئيس اللجنة الفرعية للبرنامج السعودي لكفاءة الطاقة. وقال المهندس الزامل: إن الحكومة قامت بإنشاء المركز السعودي الذي أسس عددا من البرامج لترشيد الطاقة وترشيد الاستهلاك حتى يوفر الطاقة والذي من الممكن استخدامها في مجالات أخرى ومنتجات أخرى . وأفاد المهندس الزامل بأن « بسابك « لديها برامج استدامة والذي بدأ فعليا عام 2009، ويتمثل في 3 محاور تشمل المحور البيئي، والاجتماعي، والاقتصادي ،لافتاً بقوله: « إن شركة سابك لديها نقاط في هذه البرامج تستهدف ترشيد الطاقة وترشيد استخدام المياه ووقف الهدر الفعلي الحاصل حالياً «. ولفت نائب الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات والتخطيط في الشركة السعودية للصناعات الأساسية ( سابك )، أن المملكة تخسر حالياً 2 مليون برميل نفط حقيقي جراء هدر الطاقة. وقال المهندس الزامل، وإذا كانت الطاقة – بكافة مسمياتها وأنواعها وأغراضها – تعتبر بالفعل محركاً أساسياً للتنمية في سائر دول العالم المصدرة للنفط والمستهلكة له فإن المملكة أولت لقطاع الطاقة أهمية خاصة ودعماً غير محدود لاتصاله الجذري والمباشر بالتنمية الاقتصادية الوطنية. وقال المهندس الزامل: إن استهلاك الطاقة في المملكة سنوياً في زيادة مضطرة بما قد من الممكن أن يتجاوز الناتج الاقتصادي السنوي للمملكة، مشيراً إلى أن صناعات البتروكيماويات أفضل من القطاعات الأخرى في خفض استهلاك الطاقة. وأشار المهندس الزامل، أنه صدر بخصوص برنامج الاستدامة في سابك ثلاثة تقارير سنوية كان آخرها تقرير الاستدامة للعام 2013م، الذي يحمل عنوان «نحو قيمة تدوم»، ما يثبت التزام سابك مواصلة العمل نحو إيجاد إجراءات عمل أكثر استدامة، وتقديم مزيد من القيمة للأطراف ذات العلاقة بأعمالنا، لافتا إلى أنه تأكيد لترسيخ الاستدامة في أعمال سابك فقد تضمنت استراتيجيتها للعام 2025م، أهدافاً طموحة بما يخص كفاءة الأداء واستهلاك الطاقة، حيث تطمح إلى خفض استهلاك الطاقة والمياه وكثافة انبعاث غازات الدفيئة، بنسبة 25 بالمائة، وخفض كثافة فقد المواد بنسبة 50 بالمائة، مقارنة بالمستويات المسجلة في العام 2010م. شهدت المملكة خلال العقود الماضية نمواً اقتصادياً متسارعاً، أدى إلى زيادة الاستهلاك المحلي من الطاقة بمعدلات مرتفعة، فاقت مثيلاتها في دول العالم، حيث بلغ معدل نمو الطلب المحلي على الطاقة نحو 5% سنوياً، ليصل مستوى الاستهلاك إلى ضعف المستوى الحالي بحلول عام 2030م، ما لم تُتخذ إجراءات حيال ذلك. وبالرغم من أن هذا النمو يعزى إلى زيادة عدد السكان، والنمو الاقتصادي، إلا أن جزءاً كبيراً منه نتج عن عدم الكفاءة في الاستهلاك، وأدى إلى هدر الطاقة. ولهذا جاء إنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة، معبراً عن اهتمام الدولة بإيجاد حلول عملية لمواجهة الاستهلاك المتنامي، وتصدّر قائمة مهام المركز «وضْع برنامج وطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة والخطط اللازمة لذلك» بالتنسيق والتعاون بين كافّة الجهات المعنيّة ومن بينها القطاع الخاص، مع الحفاظ على مصلحة المواطن واستمرار النمو الاقتصادي. الالتزام .. والترشيد وفي شأن متصل، قال الاقتصادي محمد الصويغ: إنه لا شك أن النسبة العالية لنمو استهلاك الطاقة بالمملكة سنوياً إذا ما قورنت بقوائم إحصائيات معدلات استهلاك الطاقة في العالم تمثل مشكلة حقيقية لا بد من احتواء أسبابها وإيقاف تصاعدها. فحرق الثروات بطريقة غير مدروسة يعد من أكبر الأخطاء الفادحة بسبب أن مصادرها ناضبة وغير متجددة، رغم أن الطاقة تمثل الشريان الرئيس لاقتصاد العالم . ولفت الصويغ، أن الحكومة عمدت منذ زمن غير قصير الى ترشيد استهلاك الطاقة في سائر القطاعات ذات الصلة، ومن المؤمل أن يؤدي هذا الترشيد آلياً، إلى انخفاض نمو الطلب على الطاقة على الأمد الحالي والأمد الطويل بمستويات جيدة في ضوء الالتزام المعلن بالاستفادة من الطاقات البديلة والنظيفة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح من جانب. وفي ضوء الالتزام بإنفاذ برامج ترشيد الطاقة بطريقة تؤدي الى رفع مستوى الكفاءة من جانب آخر، والالتزامان معا سوف يؤديان – بطبيعة الحال – الى توفير الطاقة بالكميات المناسبة التي تحتاجها المملكة فعليا، ويؤديان – بالتالي – الى الحفاظ على القدرة الاحتياطية الانتاجية التي تعتبر صمام الأمان لأسواق النفط في العالم. مختصون يطالبون بضرورة التوعية لفئات المجتمع برامج حكومية لرفع الوعي حول ترشيد الطاقة نمو الطلب المحلي على الطاقة