بعض الأسئلة الرئيسة تبرز بصورة واضحة عندما تتوجه رئيسة الاحتياطي الفدرالي جانيت ييلين الى الكابيتول هيل هذا الاسبوع لشهادتها نصف السنوية للكونجرس: بصورة خاصة، متى يجب أن يبدأ بنك الاحتياطي الفدرالي برفع أسعار الفائدة، وهل جهود التحفيز غير التقليدية تساهم في خلق فقاعة مالية؟ للأسف، لا ييلين ولا أي شخص آخر هو في وضع يمكنه من تقديم أجوبة حاسمة في هذه المرحلة. مع تراجع معدل البطالة بشكل أسرع مما يتوقع بنك الاحتياطي الفدرالي، ومع نهاية برنامج شراء السندات غير العادي (المعروف باسم التيسير الكمي)، والذي من المقرر أن ينتهي في شهر أكتوبر، فإن بعض المسؤولين- بمن فيهم تشارلز بلوسر، رئيس الاحتياطي الفدرالي في فيلادلفيا، وجيمس بولارد، رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في سانت لويس، والأكثر إثارة للدهشة، جون وليامز، رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في سان فرانسيسكو- قد تساءلوا علناً عما إذا كان البنك المركزي يجب أن يتحرك بسرعة أكبر للبدء في رفع أسعار الفائدة. إنهم يشعرون بالقلق من أن الفشل في القيام بذلك من شأنه أن يزيد من احتمال حدوث مشاكل على الطريق، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالتضخم. عدد من الآخرين، بما في ذلك ييلين، لاحظوا أن «الفجوة» التي لا يستهان بها تبقى في سوق العمل: هناك نسبة منخفضة تاريخياً من السكان المشاركين في القوى العاملة، والكثير من الناس الذين يعملون بدوام جزئي، لعدم وجود خيارات أفضل. يريد هؤلاء المسؤولون في الاحتياطي الفدرالي أيضاً أن يفعلوا كل ما في وسعهم لمواجهة المخاطر الناتجة عن البطالة على المدى الطويل والتي سوف تصبح أكثر رسوخاً، وهو ما يعمل على تآكل القدرة الإنتاجية للاقتصاد واستجابتها. بالنظر إلى أن النمو في الأجور لا يزال ضعيفاً، فإنهم لا يرون التضخم باعتباره تهديداً وشيكاً. ثمة مسألة ذات صلة لها علاقة مع تأثير كل من سياسات مجلس الاحتياطي الفدرالي غير التقليدية ليس فقط على الاقتصاد ولكن أيضاً على الأسواق المالية- أو ما يسميه الرئيس السابق في الاحتياطي الفدرالي بن برنانكي ميزان «الفوائد والتكاليف والمخاطر». تهدف السياسات التجريبية إلى رفع أسعار الأسهم والسندات والأصول المالية الأخرى إلى مستويات عالية، على أمل أن التفاؤل الناتج بين المستهلكين والشركات سوف يدفع الأسس الاقتصادية للحاق بها. البعض داخل بنك الاحتياطي الفدرالي يعتقد أن مخاطر الفقاعات في الأسواق المالية أصبحت كبيرة أكثر من اللازم- بمعنى أنها توسعت إلى أبعد مما سيكون الاقتصاد قادراً على تبريره. مخاوفهم تتجاوز التقديرات العالية والتقلبات المنخفضة من كل نوع من الأصول، بما في ذلك الأصول التي يصعب التداول بها. وهم قلقون أيضاً حول التغييرات السلوكية التي تأتي مع التسيب المالي المفرط، مثل التهاون في أوضاع الإقراض مع شروط مخففة جداً، وإصدار السندات غير المسؤول والاستخدام المفرط للأموال المقترضة- أو الرفع المالي- لزيادة العوائد. مرة أخرى، ييلين من بين أولئك الذين يبدون اهتماماً أقل في هذه المرحلة. وفي حين أنهم يدركون خطر الفقاعات، إلا أنهم يعتقدون أن المشاكل معزولة: فهم يرون أنه سيتم تخفيف معظمها من قبل انتعاش اقتصادي أقوى، والباقي يمكن التخفيف منه بما يسمى سياسات الاقتصاد الكلي الحصيفة التي تهدف إلى تحسين مرونة النظام المالي. من الناحية المثالية، يمكن لييلين استخدام شهادتها أمام الكونجرس لتضييق الخلافات بين المعسكرين. ولكن رئيسة الاحتياطي الفدرالي عادة لا تستخدم تلك المناسبة لتبديد الأفكار الجديدة التي لم تكن قد نوقشت على مستوى عال في البنك المركزي، والأهم من ذلك، لا يزال هناك عدم وجود أدلة كافية لجعل قضية التحليلات قاطعة لأي من الجانبين. ونتيجة لذلك، فإن شهادتها أمام الكونجرس هذا الاسبوع على الأرجح ستركز على المناطق المألوفة إلى الأسواق- وليس لأن مسؤولي مجلس الاحتياطي الفدرالي غير مستعدين للذهاب أبعد من ذلك، ولكن لأنهم غير قادرين على القيام بذلك في هذا الوقت. إن النجاح في الإبحار في هذه المياه المجهولة يتطلب كلاً من الحكم الجيد وقدراً لا بأس به من الحظ.