قضيت نهاية الأسبوع الماضي في إدارة ندوة حول الأخلاق والرأسمالية في معهد أسبن. يمكنني أن أتصور المصرفيين الاستثماريين والمحتجين في حركة «احتلوا وول ستريت» وهم يتفقون، حتى لو اتفقوا حول أي شيء آخر، على أن هذه المواضيع ليس لها أي علاقة مع بعضها البعض – وأن التحدث عنها في منتجع راق مخصص للطبقة الثرية المتنفذة يضيف فقط إلى العبثية. شخصياً، أستطيع تحمُّل التنافر لو كان ذلك يعني رحلة إلى جبال الروكي. ولقد حضرت مثل هذه الخلوات في اسبن من قبل. أنا أحبها لأنها صممت لتجنب متلازمة الصدى في الغرفة. كان معظم المجموعة من الشباب الذين لديهم مجموعة واسعة من المصالح والخبرات: لم أفاجأ حين تعلمتُ بضعة أشياء أثناء ذلك. كيف يجدر بنا أن ننظر ونفكر في علاقة الأخلاق والأسواق؟ رأى آدم سميث أن الأخلاق والاقتصاد هما فرعان من نفس الموضوع، وهو منظور بجدر بنا إحياؤه من جديد. ومن رأيي أن المكان الجيد للقراء الحديثين حتى يبدأوا منه في هذا الموضوع هو المقال الكلاسيكي الذي كتبه ميلتون فريدمان بعنوان «الرأسمالية والحرية». كتب فريدمان يقول إن الاقتصاد الحر يتسم بما يلي: «هناك مسؤولية اجتماعية واحدة فقط للأعمال - استخدام مواردها والمشاركة في الأنشطة المصممة لزيادة أرباحها طالما أن ذلك يبقى ضمن قواعد اللعبة، وهو ما يعني التشارك في المنافسة المفتوحة والحرة دون خداع أو احتيال. ... اتجاهات قليلة يمكنها أن تقوض بهذا الشكل الشامل أسس مجتمعنا الحر مثل قبول مسؤولي الشركات أن المسؤولية الاجتماعية ليست سوى جني الكثير من المال لأصحاب الأسهم التابعة لهم.» الجملة الثانية مبالغ فيها - أستطيع أن أفكر في تهديدات أسوأ لمجتمع حر من رجال الأعمال الذين يريدون القيام بالشيء الصحيح. ومع ذلك، فإنه يلفت الانتباه إلى الحكم الأخلاقية الكامنة وراء رأي فريدمان، والتي غالبا ما تؤخذ عن طريق الخطأ لتعتبر وكأنها رفض للأخلاق. يقول فريدمان إن مسؤولي الشركات مدينون بواجب إلى أصحاب الأصول الذين تعاقدوا معهم لإدارة ذلك. ما أسماه «الوظائف العامة للضرائب والإنفاق العام والسيطرة» - أي التنظيم - يتم التخلص منها بشكل صحيح وضمن حدود، من قبل الحكومات المسؤولة أمام المواطنين. اذا سألتني، فإن هذا يصف - من حيث المبدأ - التقسيم الصحيح للعمل بين الدولة والسوق. في ندوتي، بدا وكأنني من الأقلية التي تفكر بذلك. بعض الاعتراضات التي سمعتها على رأي فريدمان تصور لي أنها خاطئة؛ الاعتراضات الأخرى جعلتني أفكر. أكبر مفهوم خاطئ هو ذلك المفهوم الدارج الذي يرى أن الأسواق تقدم قيمة اجتماعية فقط في حالة أن إثارة قلق المديرين حول فعل الخير وكذلك النجاح في مجال الأعمال التجارية. حين يقول شخص ما: «الأرباح كلها تسير بشكل جيد للغاية، ولكن ما الذي تقوم بفعله إزاء المجتمع؟» فهذا هو محض الهراء. فتاريخ ارتفاع الازدهار في العقود الأخيرة، والانخفاض السريع المذهل للفقر في العالم، تحققا بدرجة قوية بشكل ساحق نتيجة لمعاملات السوق، وليس العمل الصالح. مرة أخرى، انظر إلى آدم سميث: «انه ليس من حسن أخلاق الجزار أو منتج المشروبات أو الخباز يمكننا أن نتوقع أن يوفر لنا عشاءنا، ولكن من تركيزهم على مصلحتهم الخاصة». أو، كما أشار أحد المشاركين في الندوة، أنشأت شركة مايكروسوفت القيمة الاجتماعية للعالم من خلال تصميم وبيع البرمجيات أكثر بكثير مما فعلت مؤسسة جيتس التي تقوم بالأعمال الخيرية – مهما كان إعجابنا بالأعمال الخيرية التي تقوم بها تلك المؤسسة. اعتراض مختلف لفريدمان تكرر خلال طول المناقشة وليس من السهولة رفضه: لا يمكن فصل السوق عن نظام اجتماعي وسياسي أوسع والذي تشكل السوق جزءاً منه. حتى فريدمان اعترف بأن الرأسمالية ليست نظاماً قائماً بذاته: لقد تم تشكيله من قبل إطار أوسع من القانون والعرف والثقافة. هذا هو السبب في أن هناك الكثير من الرأسمالية مختلفة - ولماذا لم يتم إدراك واستيعاب الاختلافات فقط عن طريق قياس حجم الحكومة. الرأسمالية الألمانية (مع تركيزها على علاقات العمل بالتراضي) تعتبر مثل الرأسمالية البريطانية، على سبيل المثال، أقل من مما يمكن أن تشير إليه التدابير القياسية. ترتيبات ومؤسسات السوق أيضاً تغير السياق الثقافي: وبعبارة أخرى، إن التشكيل يسير في كلا الاتجاهين. والحماس للسوق غير منظم، على سبيل المثال، قد يغير كيفية تعامل الناس مع بعضهم البعض كمواطنين. كل هذا مباح في الحب والحرب والعقود المالية. من الضيق جدا الحديث عن «نظام السوق»، أياً كان ذلك يعني. لا يمكن استدامة التقسيم الأنيق بين الدولة والسوق. هناك أيضاً اعتراض أبسط من ذلك بكثير لمفهوم المجالات المنفصلة. ماذا لو كان المجال السياسي فقط لا ينجح؟ في الولاياتالمتحدة، هذا لا يعتبر مسألة أكاديمية. أهداف السياسة الاجتماعية - حتى تلك القادرة على قيادة الإجماع - في الآونة الأخيرة تبدو بعيدة عن متناول السياسة القائمة. فكر في النقاش حول رفع الحد الأدنى للأجور. إن أفضل وأكثر وسيلة سهلة للسوق لمكافحة الفقر في العمل، والذي هو هدف يحصل على تأييد واسع النطاق، سيكون مع الدعم - على سبيل المثال، مع ضريبة الدخل المكتسب الأوسع والأكثر سخاء. إلا أن هذا لا يحدث. إن رفع الحد الأدنى للأجور أقل توجهاً نحو السوق وبالتالي فإنها تعتبره عاملاً سلبياً، وبالتالي فهذا هو السبب الذي يرجح له أن يؤدي إلى آثار سلبية. ففي الوقت الذي يعمل فيه الدعم الحكومي على زيادة الطلب على العمل، فإن رفع الحد الأدنى للأجور ربما يعمل على تقليص الطلب على العمل، وبالتالي زيادة معدل البطالة. حين ننظر إلى الأمور بشكل عام، فإن الزيادة المتواضعة في الحد الأدنى للأجور عن المستويات السائدة يمكن أن يعمل على تقليص الفقر. ويبدو هذا على أنه حل معقول وأفضل من أية سياسة، وربما يكون أفضل من لا شيء. إن ضغط المستهلكين على الشركات من أجل رفع أجور أدنى الموظفين يمكن أن ينجح أيضاً. مرة أخرى أقول إن هذا ليس هو الحل المثالي، لكنه يمكن أن يخدم هدفاً أفضل للصالح العام.