تتجه الهند وبقوة لإحداث تغيير مهم في نظامها المالي؛ ليتوافق مع مواطنيها المسلمين، تأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تشهد فيه الصناعة المالية تقدما كبيرا حول العالم، مع وجود أكثر من «177» مليون مسلم في الهند، حيث يشكل المسلمون أكبر الاقليات وأكثرها نفوذا في البلاد خارج النظام المصرفى، الأمر الذى جعل السلطات ترغب فى تغيير هذا الوضع وفي هذا الخصوص يقول وزير شؤون الاقليات عبدالرحمن خان في تصريح إعلامي لوكالة أخبار جنوب آسيا: «إذا كان هناك اكثر من 100 مليون مسلم يشعرون بالتميز ضدهم بسبب ان دينهم يحظر عليهم التعامل بنظام الفائدة، فإنه قد آن الأوان للحكومة أن تجيز تشريعات دستورية تحت المادة 25؛ لضمان حق كل مواطن ومواطنة في ممارسته معتقداته الدينية»، ويضيف خان إن الحكومة تريد ادخال المزيد من المسلمين في النظام المالي فى البلاد حيث سيكون ادخال البنوك التي لا تتعامل بنظام الفائدة وتتماشى وقوانين الشريعة الاسلامية الخطوة الاولى. ويقول مسئولون فى الحكومة الهندية: إنه يمكن تقديم نظام البنوك الاسلامية كخيار متاح فى الهند، حيث جعل الائتلاف الحاكم بقيادة حزب المؤتمر (الاشتمال المالى) بندا اساسيا على جدول اعماله، ويقول الخبراء: إن العديد من المسلمين يترددون فى المشاركة فى المؤسسات المالية الحالية؛ بسبب اعتراضهم على الربا اضافة الى ذلك تنتشر مشاعر عدم الثقة والخوف من الاستغلال على نطاق واسع وسط المسلمين، خاصة وأن كثيرا منهم يعيش أوضاعا اقتصادية متردية. ويقول غلام رسول ادريس أستاذ الاقتصاد فى كلية مراد اباد الحكومية لوكالة أخبار جنوب اسيا: إن ادخال المصارف الاسلامية سيحرر الكثير من الفقراء المسلمين من براثن المقرضين المحتالين، الذين يطالبونهم بمعدلات فائدة عالية، مقابل القروض، وأضاف قائلا: إنهم يتلقون تعليمات من زعمائهم الدينيين تأمرهم بعدم التعامل مع البنوك العلمانية، وعليه فان البنوك الإسلامية تعتبر أمرا جيدا حال اشرفت عليها الحكومة. ويقول وزير الدولة للشؤون المالية نامو نارين مينا للوكالة: إن ما يقرب من 1,5 ترليون روبية، وهو ما يعادل 27,7 مليون دولار، يتم فقدانها سنويا؛ بسبب عدم وجود نظام مصرفي يستصحب قوانين الشريعة الاسلامية، ويضيف قائلا ان الحكومة يمكن ان تقدم نظام المصارف الاسلامية على مراحل، حيث يمكن تجربتها فى المصارف الموجودة فى المناطق الريفية فى المرحلة الاولى، كما ان نظام الاقتراض الاصغر فى الهند شديد الضخامة، حيث انه يقدر ب 5 ترليونات اى ما يعادل 91,8 مليون دولار سنويا وفى حال نجح النظام هناك، فسيتم تدفقها فى البنوك الكبرى ويقول تقرير صدر مؤخرا من مركز التصنيف الائتمانى ومعلومات الخدمات الهندية المحدودة (CRISIL): إن البنوك الاسلامية لن تنجح فقط فى اوساط مسلمى الهند، بل انها ستجذب المودعين من اصحاب المعتقدات الدينية الاخرى، وأضاف قائلا: ان استثمار رأس المال غير الثابت فى القطاع غير المنظم في الهند، يمكن ان يُعزز من خلال نظام تمويل الاسهم من المصارف الاسلامية، ويقول التقرير إن العاملين فى قطاع العمل غير المنظم فى الهند تنقصهم الضمانات من أجل الحصول على القروض، وبالتالى فإنهم غير مؤهلين للحصول على تمويل للديون، ولما كانت المصارف الاسلامية مصممة خصيصا لهذا الوضع، فإنها يمكن ان تقود الى الثورة القادمة في قطاعي الزراعة والأعمال الصغيرة، وأخيرا وليس آخرا فإنها ستخلق حالة من الشعور بالرضاء وسط مسلمي الهند. وفى وقت سابق، وقف بنك الاحتياطى الهندى ضد ادخال النظام المصرفى الاسلامي قائلا: ان التشريع الحالي لا ينص على نظام الهيكل التوأم، وقال الدكتور سوباراو محافظ بنك الاحتياطى الهندى للصحفيين مؤخراً: إن الخيارات الاخرى يمكن ان تتضمن ادخال المسلمين فى النظام المصرفى. ووفقا لخان وزير شؤون الاقليات فان البنوك قد بدأت بإعادة النظر حول مواقفها وأضاف قائلا: «إن هناك مجموعة من الآليات المتاحة لفتح قنوات لمدخرات المسلمين، كما ان المصارف القائمة على نظام الشريعة علمية بحتة، وبنك الاحتياطى قد قام بتعديل موقفة فى وقت سابق مضيفا ان هناك 75 بلدا فى العالم بما فى ذلك بريطانيا، تمكنت من التغلب على الصعوبات، وليس هناك سبب يجعلنا غير قادرين على ذلك، اضافة الى ان بنك الاحتياطى الهندى قد اعترف بان هناك امكانيات ديناميكية يمكن من خلالها الاستفادة من مدخرات المسلمين». في هذا الإطار أطلقت بورصة مومباي قبل أسابيع مؤشرا للأسهم الإسلامية، يستند لمؤشر «ستاندرد آند بورز بورصة مومباي 500 « لتمنح المستثمرين في الأدوات الإسلامية مؤشرا جديدا في واحدة من أكبر بورصات العالم، ويضم المؤشر الجديد أكبر 500 شركة في بورصة بومباي تتوافق مع قواعد التمويل الإسلامى، من بين أكثر من خمسة آلاف شركة مدرجة في البورصة، وكان أول مؤشر إسلامي في الهند أُطلق في 2010 من خلال بورصة مومباي أيضا ويتتبع أكبر 50 سهما وأكثرها سيولة، وبلغ اجمالي القيمة السوقية لأسهم البورصة 1.32 تريليون دولار حتى يناير 2013، وتسعى الهند في الآونة الأخيرة لاستقدام أموال أبناء البلاد الموسرين المقيمين في دول الخليج، والذين يستخدمون الصناديق الاستثمارية في عدد من عواصم المنطقة.