في شهر رمضان يلمع نور النصر، وتضيء سماء الانتصارات، فعبر التاريخ هناك الكثير من الأحداث التاريخية التي انتصر فيها الحق، وتحقق فيها التمكين للمسلمين. أول تلك الأحداث معركة بدر التي انتصر فيها المسلمون بقيادة الرسول العظيم على كفار قريش، ورغم قلة عدد المسلمين وتفوق المشركين، لكن هزم المشركون وأطيح برؤوس كبار قريش وكانت في السنة الثانية هجرية، ثم فتح مكة سنة ثمان للهجرة وفيها حطمت الأصنام وأنهيت بذلك مظاهر الشرك وأعلن التوحيد. ومعركة عين جالوت هي الأخرى وقعت في رمضان 658 ه، وتعد من أهم المعارك الفاصلة في تاريخ العالم الإسلامي، انتصر فيها المسلمون انتصاراً ساحقاً على المغول وكانت هذه هي المرة الأولى التي يهزم فيها المغول في معركة حاسمة منذ عهد جنكيز خان، أدت المعركة لانحسار نفوذ المغول في بلاد الشام، وخروجهم منها وإيقاف المد المغولي المكتسح الذي أسقط الخلافة العباسية سنة 656 ه، كما أدت المعركة لتعزيز موقع دولة المماليك كأقوى دولة إسلامية في ذاك الوقت التي استمرت إلى أن قامت الدولة العثمانية. فتح عمورية سنة 223ه: طمع «تيوفيل بن ميخائيل» ملك الروم في بلاد المسلمين فسير جيشاً، وخرج لقتال المسلمين، فوصل إلى حصن «زبطرة»، فقتل الأطفال والشيوخ، وخرّب البلاد، وأسر النساء وسباهن، وانتهك أعراضهن، ومثّل بكل من وقع في يده من المسلمين، وكان من ضمن النساء امرأة اقتادها جنود الروم للأسر، فصرخت هذه المرأة، وقالت: «وامعتصماه»، فلما وصل الخبر إلى الخليفة «المعتصم» استشاط غضبًا، وأخذته الحمية والغضب لله، وخرج على رأس جيش لنجدة المسلمين، وعسكر بهم في غربي نهر دجلة ورغم انسحاب الروم لكن المعتصم أصرّ على تتبع الروم وعدم الرجوع عن قتالهم، فسار إلى بلادهم، وسأل عن أقوى حصونها، فعلم أنها عمورية؛ حيث لم يتعرض لها أحد من القادة المسلمين من قبل، وأنها أفضل عند الروم من القسطنطينية نفسها، فصمّم أمير المؤمنين المعتصم على فتح هذه المدينة، رغم ما تلقاه من تحذيرات المنجمين وتخويفهم له من أن ذلك الوقت ليس وقت فتح عمورية؛ إذ قال له المنجمون: «رأينا في الكتب أن عمورية لا تفتح في هذا الوقت، وإنما وقت نضج التين والعنب». لكن المعتصم لم يستجب لهم، ولم يرضخ لخرافاتهم، وقرر فتح عمورية وتم لهم ما أرادوا في رمضان عام 223ه. هكذا كان عصر السابقين عصر انتصارات .. أما حاضرنا فعصر انكسارات فأوضاع المسلمين لا تسر، فأهل غزة يعانون من ظلم إسرائيل، والعراق يعاني من تمدد الفرس، وسوريا تئن من بطش الأسد، وعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيعود للمسلمين النصر والتمكين!.