كم أشتاق إليك يا خطبة العيد، فأنت تعطيني شعوراً بأنني قد اجتزت امتحان شهر الصيام والقيام في انتظار الجزاء والمكافأة من رب العالمين (الصوم لي وأنا أجزي به)، وقبل أن تصلني كلماتك عبر مكبرات الصوت مع شروق شمس جديدة في يوم عيد سعيد، اقبلي مني بعضاً مما في خاطري، ولا شك أنك الأجمل والأهم والأعظم، فأنت سنة مؤكدة ومن شعائر الإسلام، أما كلماتي فهي خواطر إنسان، ولا بأس أن أسمعك وتسمعيني: * لأن العيد جميل فلا شك أن كلماتك ستكون محببة للنفس تبعث الانشراح بعد صيام وقيام وعبادة شهر كامل. * لأن العيد (وصل واتصال) فحدثيني عن صلة الرحم وأثرها في حياة المسلم حتى أكون أول من يبدأ بالسلام دون أن أنتظر مبادرة الآخر. * لأن العيد هو الحب بكل معانيه فعلميني كيف يكون العفو والتسامح مع الآخرين، وكيف أدخل السعادة على من حولنا ولو بسلام (أفشوا السلام بينكم). * ولأن العيد أيام أكل وشرب ولهو مباح، ذكريني بحديث الرسول الكريم: (إنما هي أيام أكل وشرب وذكر الله) وحدثيني عن موقفه عليه الصلاة والسلام من المباحات في العيد. * أيتها الخطبة العصماء: لا تطلبي مني أن أكون حزيناً في أيام العيد لما آلت إليه حال الأمة الإسلامية وما فيها من حروب ونكبات وهزائم ولا تسمعيني «عيد بأي حال عدت يا عيد»، فنحن ما نسينا أمتنا أبداً، كنا وما زلنا معهم وسنستمر بإذن الله تعالى حتى تزول الغمة، فهي منا ونحن منها، أما في هذه الأيام المباركة فسنعطي العيد حقه المشروع. * لا تحذري المصلين في صباح يوم العيد من شراء ثياب لعيالهم فيها رسوم وأشكال، هذه النصيحة جميلة وقيمة، إلا أن التنبيه إليها ينبغي أن يكون قبل العيد وليس في يومه! * حدثيني عن أهمية زيارة الجار لجاره، هذه التي ساد فيها الهجر والجفوة، وعن شقيقين متخاصمين لم يتصالحا حتى شروق شمس العيد!! * خاطبيني بصوت المحب المشفق علي، لا بصوت المنذر بالوعيد الشديد (فلكل مقام مقال ولكل مجلس حديثه). * ذكريني بأن الله قد أنعم علينا بتمام الصيام والقيام فحق لنا أن نشكره عز وجل: (بالشكر تدوم النعم). * حببي في نفسي عادة (تبادل الهدايا البسيطة) مع أحبابنا مصداقاً لقول الرسول الكريم: (تهادوا تحابوا). * ذكريني بعيدية الأطفال «دراهم معدودة» تدخل الفرحة في نفوسهم الجميلة. * ذكريني بأن أبدأ صيام الست من شوال ابتداءً من اليوم الخامس أو السادس أو حتى بعد مضي أسبوع من العيد، فهناك أناس يغلقون أبوابهم نهاراً من ثاني أيام العيد (ابتدينا الصيام)، العيد أيامه ثلاثة فقط وشوال أيامه ثلاثون، فلا ينبغي أن نضيق على أنفسنا والأمر فيه سعة. * ذكريني إن ذهبت للحدائق والمنتزهات العامة مع أطفالي فعلينا أن نترك المكان بأحسن مما كان: (جميلاً ونظيفاً) للآخرين. * ذكريني بأن الشوارع ليست مكاناً لسباق السيارات، وكفى ازدياداً لضحايا حوادث المرور. * أخيراً أيتها الخطبة العصماء ليقرأ كلماتك صوت محب لعيد سعيد لا بصراخ الوعيد النذير. في الختام: * كل عام ونحن جميعاً بخير. * كل عام ووطننا الغالي بمليكه وحكومته وشعبه شامخاً معززاً مكرماً. * كل عام وجنودنا البواسل المرابطون على حدود الوطن بخير، تحفظهم عناية الرحمن فهم على ثغرة من ثغور الجهاد. * كل عام ودول مجلس التعاون الخليجي في تلاحم الأشقاء كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً. * كل عام وغزة الأبية بخير. * كل عام والأمة العربية والإسلامية ترفل في ثوب العزة والسؤدد ومن نصر إلى نصر واستقرار. أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، على أمل أن ألتقي بكم بعد العيد إن شاء الله تعالى.