ركلات الحظ الترجيحية التي تحسم الفائز بمباريات الادوار الاقصائية في بطولات كأس العالم وجميع البطولات الكروية الاخرى في حال التعادل، تكون ظالمة كثيرا للخاسر، وتحمل فرحا كبيرا للفائز، وتحبس انفاس الملايين. تضع ركلات الترجيح عبئا كبيرا على اللاعبين، ويزداد هذا الضغط على النجوم الكبار خلافا لما يعتقد كثيرون، ومن لا يذكر كيف أهدر البرازيلي زيكو والفرنسي ميشال بلاتيني والايطالي روبرتو باجيو والهولندي اريين روبن ركلات حاسمة كانت منتخباتهم بأمس الحاجة اليها. بدأ العمل بركلات الترجيح في نهائيات كأس العالم في مونديال اسبانيا 1982، وصفت بداياتها بالدراماتيكية، ولا تزال حتى الان، لكن البعض يعتبر هذه الركلات علما وليس فقط حظا. أن تسدد الكرة من 11 مترا بمواجهة الحارس، يعني انك تملك الافضلية لوضع الكرة في داخل المرمى، لكنها تبقى ضربة حظ، الا ان الاحصاءات تشير الى انها امر آخر، فهي اختبار لتقنية اللاعب ولتماسك اعصابه تحت ضعط شديد، وقد يكون هذا التوصيف هو الانسب، لأن اللاعبين هم من جنسيات مختلفة، وهناك طبعا من يتألق في لحظات الاضواء، ومن يذوب فيها ايضا. التجربة الاولى لركلات الترجيح في مباراة دولية لكرة القدم كانت في كأس الامم الاوروبية عام 1976، عندما فازت تشيكوسلوفاكيا على المانيا الغربية 5-3 في واحدة من اللحظات المؤثرة جدا. تعلمت المانيا من الدرس الاوروبي الاول، وترجمت ذلك نجاحات في ركلات الترجيح عندما بدأ تطبيقها في كأس العالم، وأولى محطاتها كانت في مونديال اسبانيا 1982، فصحيح ان الالماني اوفي شتيليكه اهدر تسديدته امام فرنسا في نصف النهائي، لكن المانيا الغربية عادت وعبرت الى النهائي قبل ان تخسر امام ايطاليا. هناك مباراة شهيرة في كأس العالم حسمت بركلات الترجيح، وهي المباراة النهائية لمونديال 1994 في الولاياتالمتحدةالامريكية بين برازيل روماريو وبيبيتو وايطاليا روبرتو باجيو وباريزي، اللقب كان برازيليا، لكن النهائي كان الاول في تاريخ كأس العالم الذي يحسم عبر ركلات الحظ. ولا يمكن اعتبار النجاح الهائل لالمانيا في ركلات الترجيح خلال كأس العالم من باب الحظ فقط ،فهناك تكتيك يعتمده المدربون ان كان باختيار اللاعبين للتسديد، او بالتدريب على تنفيذ الركلات كما يحصل في تنفيذ الخطط الهجومية والدفاعية، كما ان اللاعبين انفسهم باتوا يحددوا سلفا طريقة التسديد والزاوية التي سيوجهون الكرة اليها. المهاجمون مثلا لديهم نسبة نجاح في تنفيذ الركلات تصل الى 83%، مقابل نحو 73% للمدافعين، كما ان نسبة النجاح الاجمالي للركلات تصل الى قرابة 70%. في مونديال البرازيل، كانت الاثارة على الموعد في ركلات الترجيح بين منتخب البلد المنظم ونظيره التشيلي في الدور ثمن النهائي بعد انتهاء الوقت الاصلي 1-1 والشوطين الاضافيين من دون تغيير في النتيجة. منتخب السامبا كان الاكثر تماسكا وفاز بثلاث ركلات مقابل اثنتين لتشيلي. أما الركلات الاهم والتي سيتذكرها التاريخ، فكانت بين هولندا وكوستاريكا في ربع النهائي. بعد التعادل السلبي، سنحت الفرصة لكوستاريكا لتفجير مفاجأة جديدة بخوض ركلات الحظ مع هولندا، لكن الاحصاءات جعلت مدرب هولندا لويس فان غال يجري تبديلا جريئا جدا في الثواني الاخيرة من الشوط الاضافي الثاني، بادخال الحارس تيم كرول مكان جاسبر سيليسن، ليس لأن الاخير كان سيئا، بل لان كرول يجيد التصدي لركلات الترجيح افضل منه. صد كرول ركلتين وفازت هولندا 4-3، ليثبت فان غال ان ركلات الترجيح هي اكثر من الحظ، انه علم واحصاءات واعصاب باردة وقدرة على تحمل الضغوط والاضواء.