لم يعد سوق القيصرية التاريخي الخيار الأول لأهالي الأحساء، كما كان عليه الحال قبل تجديد بنائه من قبل الأمانة بعد الحريق الشهير الذي أتى عليه قبل سنوات. وتعاني أروقة السوق العتيق الذي ارتبط به مجتمع الأحساء منذ قديم الزمن، من عزوف المتسوقين والسائحين على السواء منذ إعادة افتتاحه وتسليم دكاكينه إلى التجار - حسب- أصحاب محلات بالسوق الذين عبروا عن خيبة املهم لعدم تمكن السوق من النهوض من جديد وإعادة المشهد القديم عندما كانت أروقة ومحلات القيصرية تكتظ بالمتسوقين على مدار الساعة والذين يأتون من المحافظة والمناطق المجاورة ودول الخليج العربي. وأضاف التجار أن الإقبال على الشراء ضعيف في الأيام العادية تنتعش قليلا في إجازة نهاية الأسبوع اعتمادا على زوار المحافظة خصوصا من دولة قطر. وفي سياق الموضوع أكد مواطنون أن سوق القيصرية فقد نكهته التراثية على مستوى المكان، وكذلك على مستوى القيمة الشعبية التي كان يتمتع بها في الفترة التي سبقت احتراقه، لافتين إلى أنه مهما بلغت دقة التصميم فلن يعوض الشكل القديم، مرجعين العزوف عنه إلى طول الفترة الفاصلة منذ إغلاقه وحتى افتتاحه التي استمرت لسنوات طويلة، إلى جانب ظهور أسواق جديدة بالمحافظة جذبت شريحة الشباب. وأكد باحث الآثار خالد الفريدة، أنه تنبأ بالعزوف عن السوق، وانه حذّر القائمين على المشروع قبل تنفيذه، مرجعا ذلك بأن التصميم الجديد ليس له علاقة بالسوق القديم، لا من الناحية التاريخية، ولا من التصميم، لافتا إلى أن التصميم لم يراع النمط التقليدي الذي كانت عليه القيصرية سابقا، لأن القيصرية كانت تتضمن قيصريات عدة داخل كتلة السوق، من بينها قيصرية الهِدم، وقيصرية الحلاقين، وقيصرية البشوت، وقيصرية الماكلة «المأكل» وأن التصميم الجديد دمج الدكاكين في وحدة واحدة على حساب الخصوصية للتوزيع التراثي المعروف به السوق القديم. يشار إلى أن تكاليف إعادة إعمار السوق وصلت إلى 16 مليون ريال، وبلغ عدد المحلات 422 منها 177 عائدة للأمانة وتشكل حوالي 39% والباقية 291 محلاً عائدة لمواطنين وهي تشكل ما نسبته حوالي 61% تقريبا، ويعتبر سوق القيصرية التاريخي أحد أهم العناصر التي يتكون منها الوسط التاريخي لمدينة الهفوف، فيما تتعامل معه أمانة الأحساء كأحد أهم عناصر الجذب السياحي للمنطقة، فضلاً عن الثقل التجاري، وهذا الأمر يتضح من تبني الأمانة لبرنامج تطويري لكامل المنطقة المحيطة بالقيصرية وإثرائها بالرموز المعمارية الداعمة لهوية المكان المعمارية والحضرية، ومن تلك الرموز إعادة بناء جزء من سور الكوت ودروازة الكوت (باب الفتح) ودروازة الحداديد وغيرها من المعالم ذات القيمة البصرية اللازمة للجذب السياحي.