الكلمات تتغير معانيها عبر الزمن وعبر تطور المجتمع معرفة ووعيا.. هنا يباغتنا السؤال: كيف نفهم ثم نلاحق مفردات لا توجد في لغتنا؟ الحرية.. الديمقراطية وحقوق الإنسان رجلا وامرأة كيف نفهمها ثم نلاحق تطورها وهي ليست موجودة في لغتنا.. في تاريخنا الاجتماعي؟ إننا نفهم هذه المفردات كما يفهم الصدى. والصدى ضباب صوتي لا نفهم منه الا حروفا متباعدة.. وإذن ماذا علينا ان نعمل؟ هذه الكلمات لم تمتلئ بمعانيها من فكر تجريدي ولا دفعة واحدة.. إنها امتلأت من الواقع ومن معاناة مشكلاته وتجاوزها تجاوزا ايجابيا.. إنه تجاوز تاريخي متصاعد.. وإذن إذا اردنا أن نفهمها علينا ان نملأها بأسئلة واقعنا والاجابة عليها.. وهذا يحتاج الى كفاح دائم. نحن حتى الآن نتكلم عن هذه المفردات وكأنها دمى جاهزة نشتريها كما نشتري ادوات التجميل.. لا.. المسألة ليست هكذا.. إننا بهذا نريد أن نقطف الثمار بدون غرس الأشجار.. وهذا لا يمكن إلا في الفضاء الأسطوري الذي عشنا فيه قرونا طويلة.. ولا تزال بقاياه تتنفس في سلوكنا الفكري. لقد عانت المجتمعات التي غرست معاني هذه المفردات ثم تنعمت بأفيائها حروبا رعناء وسالت فيها انهار من الدماء وحرق الطامحين اليها احياء.. وتواصل الكفاح قرونا الى ان وصلت السفينة الى الميناء. الربيع العربي الآن هو المخاض لولادة المعنى.. هو المخاض للخروج من اسر المفاهيم التي تشبه السجون الى المفاهيم الجديدة والبدء بملء هذه المفردات بمعانيها.. ولكنه حتى الآن لم يقض على الفصول الاخرى فهل خضنا نحن في النار مثلما خاضوا؟ وهل اعطينا طموحنا ما يتطلبه من التضحيات؟ نعم بذلت مجتمعاتنا ولاتزال كفاح نخبة من كل مجتمع.. الربيع العربي الآن هو المخاض لولادة المعنى.. هو المخاض للخروج من اسر المفاهيم التي تشبه السجون الى المفاهيم الجديدة والبدء بملء هذه المفردات بمعانيها.. ولكنه حتى الآن لم يقض على الفصول الاخرى.. لقد بقي الخريف شاحثا انيابه يسير الى جانب هذا الربيع.. غير ان هذا الربيع في النهاية سيمحو اسم الخريف من القاموس الاجتماعي. والتاريخ لن يسير القهقرى. ((يا مصر هانت او بانت كلها كم يوم)) هكذا قال المطرب الذي يرى بقلبه.. وفعلا ما هي الا (18) يوما تهاوى امامها عرش الفرعون.. نعم ايها الشعوب التي اكتشفت نفسها. كلها ((في يوم.. في شهر.. في سنة)).