استمتعت بقراءة مقتطفات من كتاب «الخطب التي غيّرت التاريخ» للمؤلف المؤرخ التاريخي سيمون مونتيفيوري وهو باللغة الانجليزية ويحوي 48 خطبة في 224 صفحة ويرى المؤلف ان هذه الخطب هي الاهم والاشهر على مرّ العصور وكان لها الدور الكبير والمؤثر على الإنسانية، ولقد أحسن الناشر في اختيار صورة الغلاف عندما اختار صورة الناشط الحقوقي الاسمر والخطيب البليغ مارتين لوثر كينغ قائل الخطبة العصماء ( I HAVE A DREAM) وهو يلقي احدى خطبه على غلاف الكتاب. المؤلف اختار الخطبة الاولى لسيدنا عيسى «عليه افضل الصلاة والتسليم» واختار آخر خطبة في الكتاب للرئيس الامريكي الحالي براك اوباما. نعم لقد اختار المؤلف أناساً لهم دور هام في تغيير التاريخ ولهم دور في تاريخ شعوبهم لكن لا يخلو الكتاب كأي عمل من الشطحات، فهل كلمة الايلرز سبنسر أخ الاميرة ديانا سبنسر في تأبينها تعدّ من الخطب التي غيّرت العالم؟؟ لا وألف لا، ومثلها ما يقارب 8 خطب التي أراها من وجهة نظري لم تغيّر في التاريخ.. سأتكلم عن خطبة من الخطب ال48 ولا أظنني سوف افسد عليكم متعة قراءة الكتاب فهو جدير بالقراءة وهذه الخطبة للزعيم المصري الراحل محمد انور السادات التي ألقاها في الكنيست الاسرائيلي في 27 نوفمبر 1977 بعنوان «نحن نقبل العيش معكم في سلام دائم» فالغرب يرون ان هذه نقطة تحوّل في قضية الصراع العربي الصهيوني اما نحن العرب فلا نرى ذلك بل لا نقرُّ و لا نعترف بمعاهدة الصلح او الاستسلام التي لم ترجع للفلسطينيين حقوقهم، وليت المؤلف وضع مكانها خطبة الزعيم السادات في افتتاح الدورة الاستثنائية لمجلس الشعب في 16 أكتوبر 1973 بعد حرب اكتوبر، تلك الخطبة التي قال فيها السادات: «عاهدت الله وعاهدتكم أن قضية تحرير التراب الوطني والقومي هي التكليف الأول الذي حملته ولاء لشعبنا وللأمة وعاهدت الله وعاهدتكم على أن نثبت للعالم أن نكسة 1967 كانت استثناء في تاريخنا وليست قاعدة وإننا قاتلنا وسوف نقاتل لتحرير أرضنا التي أمسك بها الاحتلال الإسرائيلي سنة 67 ولإيجاد السبيل لاستعادة واحترام الحقوق المشروعة لشعب فلسطين وإن حربنا لم تكن من أجل العدوان ولكن ضد العدوان ولم نكن في حربنا خارجين على القيم ولا القوانين التي ارتضاها مجتمع الدول لنفسه وسجّلها في ميثاق الاممالمتحدة الذي كتبته الشعوب الحرة بدمائها بعد انتصارها على الفاشية والنازية بل لعلنا نقول ان حربنا هي استمرار للحرب الإنسانية ضد الفاشية والنازية، ذلك لأن الصهيونية بدعواها العنصرية وبمنطق التوسّع بالبطش ليس إلا تكراراً هزيلاً للفاشية والنازية يثير الازدراء ولا يثير الخوف ويبعث على الاحتقار أكثر مما يبعث على الكراهية». نعم ايها الزعيم السادات لا فضّ فوك.. وفّيت وكفيت، وهذه هي الخطبة التي نريد للتاريخ ان يذكرها لك بعد ان لقنت بني صهيون درساً في الشجاعة والقتال لم ولن ينسوه ابداً كما هو حالهم الآن وفرائصهم ترتعد من تصريحات أبنائك وهم يقولون «ان معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية غير مقدّسة وسوف تطرح للنقاش». ليته يسمح لأحد خطبائنا من امثال الحجاج بن يوسف الثقفي ان يخطب في الكنيست ليقول لهم: يا أهل الكنيست، إن الشيطان قد استبطنكم فخالط اللحم والدم، والعصب والمسامع، والأطراف، ثم أفضى إلى الأسماخ والأمخاخ، والأشباح والأرواح، ثم ارتع فعشش، ثم باض وفرخ، ثم دبّ ودرج، فحشاكم نفاقاً وشقاقاً، وأشعركم خلافاً، اتخذتموه دليلاً تتبعونه، وقائداً تطيعونه، ومؤتمناً تشاورونه وتستأمرونه، فكيف تنفعكم تجربة، أو ينفعكم بيان؟ لا شك في ان بعض الخطب القوية تكون مؤثرة وان القدرة البلاغية للخطيب قد تخدع المستمع بل قد تقلب الحقائق فيصبح الظالم مظلوماً والمقتول قاتلاً مثل خطبة رئيس وزراء اسرائيل الحالي بنيامين نتنياهو التي ألقاها امام الكونجرس الامريكي - الذي يعرف مقدرته الخطابية - فرُحّب به ايّما ترحيب لم يُرحّب به احد من قبل واحتفيَ بدخوله الكونجرس أيما احتفاء لم يُحتفَ به احد من قبل وصُدقَ ما سَيقول حتى قبل ان يُلقي الخِطاب، وصدق رسولنا الكريم «صلى الله عليه وسلم» الذي قال «إن من البيان لسحراً وإن من الشعر لحِكَماً». لكن وان تغلب علينا نتنياهو في الاجرام وقتل الاطفال والابرياء فلن يستطيع هو او غيره من بني صهيون ان ينازلنا في الخطابة فليته يسمح لأحد خطبائنا من امثال الحجاج بن يوسف الثقفي ان يخطب في الكنيست ليقول لهم: يا أهل الكنيست، إن الشيطان قد استبطنكم فخالط اللحم والدم، والعصب والمسامع، والأطراف، ثم أفضى إلى الأسماخ والأمخاخ، والأشباح والأرواح، ثم ارتع فعشش، ثم باض وفرخ، ثم دب ودرج، فحشاكم نفاقاً وشقاقاً، وأشعركم خلافاً، اتخذتموه دليلاً تتبعونه، وقائداً تطيعونه، ومؤتمناً تشاورونه وتستأمرونه، فكيف تنفعكم تجربة، أو ينفعكم بيان؟ يا أهل الكنيست، يا أهل الكفران بعد الفجران، والغدران بعد الخذلان، والنزوة بعد النزوات، إن بعثناكم إلى ثغوركم غللتم وخنتم، وإن أمنتم أرجفتم، وإن خفتم نافقتم، لا تذكرون نعمة، ولا تشكرون معروفاً، ما استخفكم ناكث، ولا استغواكم غاوٍ، ولا استنقذكم عاصٍ، ولا استنصركم ظالم، ولا استعضدكم خالع، إلا لبيتم دعوته، وأجبتم صيحته، ونفرتم إليه خفافاً وثقالاً، وفرساناً ورجالاً.. يا أهل الكنيست، هل شغب شاغب، أو نعب ناعب، أو زفر زافر، إلا كنتم أتباعه وأنصاره؟ يا أهل الكنيست إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها. [email protected]