أصبحت البطالة وعلاجها الهم الأول لدى المسؤولين، حيث إن التأخر في علاجه يزيد من صعوبة المهمة. وأول خطوة في علاج أي مشكلة هي تحديد حجمها وشكلها وبناء الاستراتيجيات والخطط على أساسها. لذلك سنحاول إلقاء الضوء على أهم الأرقام المتعلقة بالبطالة وحجم سوق العمل في الوقت الحالي والمستقبلي. يبلغ حجم السعوديين الموظفين سواء في القطاع الخاص أو العام (بقطاعيه المدني والعسكري) حوالي 2.2 مليون موظف، أقل من 800 ألف منهم يعمل في القطاع الخاص، والبقية يعملون في القطاع الحكومي أي حوالي 1.4 مليون. وتنفق الدولة أكثر من 180مليارًا كرواتب لموظفيها في القطاع الحكومي، وهو مبلغ ضخم يزيد عن المعدلات العالمية المقبولة بكثير، أي أن فرصة توظيف المزيد من الشباب في القطاع الحكومي ضئيلة جدًا ولن تكون طريقًا لحل مشكلة البطالة بأي حال من الأحوال، لذلك من الأفضل إبعاد الوظائف الحكومية من أي معادلة لعلاج هذه المشكلة. العدد المتوقع للداخلين لسوق العمل في العشر سنوات القادمة يمكن معرفته من خلال نظرة إلى أعداد السعوديين من الذكور والإناث في الشريحة العمرية بين 12 سنة و 21 سنة. نحتاج أن نقفز بعدد السعوديين في القطاع الخاص من 800 ألف موظف إلى أكثر من 3.3 مليون موظف – بعد إضافة 500 ألف عاطل عن العمل حاليًا – خلال عشر سنوات فقط، حيث إن هذه الشريحة ستدخل سوق العمل حتمًا خلال عشر سنوات وستحتاج أن يكون لها دخل يمكنها من بناء أسرة والعيش بشكل كريم. وتشير احصائيات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات التابعة لوزارة الاقتصاد والتخطيط أن إجمالي السعوديين في هذه الشريحة العمرية يبلغ عددهم حوالي 4 ملايين شخص نصفهم من الذكور والنصف الآخر من الإناث. ونظرًا للنسيج الاجتماعي القائم على الأسرة فيمكن الافتراض أن 2 مليون أسرة جديدة ستحتاج إلى مصدر دخل خلال العشر سنوات المقبلة، وسواء كان العائل الرئيسي هو الزوج أو الزوجة فهذا يعني أن الحد الأدنى للوظائف التي يجب خلقها هو 2 مليون وظيفة، جل هذه الوظائف يجب أن يكون في القطاع الخاص. هذا يعني أننا نحتاج أن نقفز بعدد السعوديين في القطاع الخاص من 800 ألف موظف إلى أكثر من 3.3 مليون موظف – بعد إضافة 500 ألف عاطل عن العمل حاليًا – خلال عشر سنوات فقط، ولا يمكن الاعتماد على إحلال السعوديين محل الأجانب لأن معدل رواتب الأجانب لا يزيد عن 700 ريال شهريًا، بل يجب خلق وظائف ذات قيمة عالية توازي رواتبها ما يتلقاه الموظف الحكومي على أقل تقدير. وهذا هدف صعب جدًا، لا يمكن تحقيقه إلا بقرارات استراتيجية وصارمة، وتكاتف جهات حكومية متعددة تضع نصب أعينها حجم المخاطر القادمة، وتعمل على سن قوانين قد تكون مؤلمة لبعض القطاعات، وبنفس الوقت العمل على خلق بيئة خصبة للتنمية الاقتصادية تسمح بمعدلات نمو كافية لاستيعاب وخلق هذه الوظائف.