برقية التهنئة التي بعثها الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وإشادة الرئيس أوباما بالحج، والمضامين التي يحملها، تعبّر عن تأثر الرئيس أوباما بهذا الجمع المهيب في مكةالمكرمة. إذ يجتمع ثلاثة ملايين إنسان يأتون من أصقاع الأرض، ومن كل مكان، كي يعبدوا الله في المشعر الحرام، ويذكروه في أيام معدودة. وقد أشاد الرئيس الأمريكي بصفة خاصة، بتوزيع الأضاحي على الفقراء، وهو امتداح لجهود المملكة في هذا الشأن، فإن مشروع توزيع الأضاحي، كان مبادرة من المملكة، لاستلام الأضاحي في مكةالمكرمة وتجهيزها في ثلاجات ضخمة وشحنها إلى البلدان الإسلامية التي يقطنها أعداد كثيرة من الفقراء. وكانت هذه الأضاحي تذبح في مكةالمكرمة وتذهب هدراً، فخططت المملكة لجمع الأضاحي ونقلها إلى الفقراء. ونجح المشروع وهو من أبرز المشاريع الدولية لاغاثة الفقراء ومساعدتهم في أماكن سكناهم، في جميع أنحاء العالم تقريباً. فالمشروع يتجه حيث يوجد الفقراء والمعوزون، وبذلك فإن فوائد الحج لا تقتصر على الحجاج الذين يستغيثون الله أن يغفر ذنوبهم، ويؤدون شعائرهم في بطاح مكةالمكرمة، وإنما تتعداها إلى فقراء معوزين في أنحاء العالم ينتظرون هدايا مكةالمكرمة والأماكن المقدسة، التي تشحن إليهم في قراهم ومدنهم، سواء في أفريقيا أو في آسيا أو في أوروبا. وألمح الرئيس الأمريكي إلى المشترك بين الأديان السماوية، في الإيمان بشعائر النبي إبراهيم عليه السلام، وهو إلماح يقود إلى التذكير بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين اتباع الديانات والعقائد، حيث رعى، حفظه الله، مؤتمراً عالمياً، في العاصمة الأسبانية مدريد عام 2008، ودعا علماء العالم ومفكريه المشاركين إلى تعظيم القيم المشتركة بين الأديان، والتأكيد عليها، كي تكون محل توافق وتعاون، خاصة أن جميع الأديان والعقائد تدعو إلى السلام وإلى نبذ النزاعات والخلافات. وكانت هذه المبادرة محل تقدير في العالم، وأخذت أصداء واسعة لدى مفكّري العالم وقادته، ودعاة السلام في كل مكان تقريباً. وإشارة الرئيس الأمريكي إلى أن الحجاج «على اختلاف أعراقهم وخلفياتهم الاقتصادية من التغلب على ما يفرّقهم ويصبون جُل اهتمامهم على شيء أكبر فإن في هذا درساً للإنسانية جمعاء مصدر قوة وهو من نعم الله التي يجب الاحتفاء بها» وهو اعتراف بقوة الإسلام في التمكّن من التغلب على غرائز الإنسان، وجمع هذه الأعداد الغفيرة على صعيد واحد دون أن تنشد غاية دنيوية، أو تجتمع لعصبية أو لمغانم حزبية. مما يعني أن الإسلام إذا ما طُبّق على أصوله كما أمر الله تعالى، وكما أوصى المصطفى «صلى الله عليه وسلم»، وكما أدى النبي إبراهيم، عليه السلام، فإنه سوف يكون مساهماً في خلق علاقات إنسانية بشرية وعلاقات دولية راقية ومثمرة، وسيقدم حلولاً خلاقة ومبدعة لكثير من التحديات التي يواجهها بنو الإنسان، ولكثير من النزاعات التي تحرق الأخضر واليابس في العالم وتزرع الفُرقة والكره والمعاناة للبشرية في كل مكان. ذلك أن الإسلام ورسوله «صلى الله عليه وسلم» جاء رحمة للعالمين، كما نص كتاب الله الكريم، كتاب التكليف الذي لا يأتيه الباطل.. وفيه القول الحكيم الذي لا يتبدل أو يتغيّر.